لا ترموا طوق النجاة لنتنياهو

04.10.2015 03:36 PM

وطن - كتب سامر مخلوف:  لم يمض يومين على خطاب الرئيس محمود عباس في الامم المتحدة الذي أرسى فيه اسس جديدة للعلاقة مع اسرائيل

وشرح فيه حجم الانتهاكات الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته خصوصا ما يحدث في الاقصى ومحاولات تقسيمه زمانيا ومن ثم مكانيا، حتى بدات الاوضاع تتصاعد على الارض وبدأ العديد من المحللون يقولون اننا على اعتاب انتفاضة فلسطينية ثالثة.
تباينت ردود الافعال في الشارع الفلسطيني بين مؤيد ومتحمس للخطاب باعتباره خطابا تاريخيا، وبين من راى الخطاب عاديا وان القنبلة التي تحدث عنها الرئيس لم تكن الا قنبلة صوتية.
يعلم الجميع حجم الضغوطات التي تعرضت لها السلطة الوطنية الفلسطينية لازالة الفقرة التي كانت تربط التهديد الفلسطيني بموعد زمني محدد لتنفيذ تلك التهديدات وذلك لافراغ الخطاب من مضمونه وتجنب احداث ازمة كبيرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين خصوصا مع انشغال العالم بالازمة السورية وغيرها من الازمات بالمنطقة الامر الذي جعل القضية الفلسطينية تسقط عن قمة سلم الاولويات الدولي.

بعد الخطاب مباشرة تجند اقطاب اليمين في اسرائيل خلف حكومتهم للهجوم على السلطة الفلسطينية واتهموها بالتحريض،
متجاهلين التحريض الممنهج الذي يقوده اعضاء بالحكومة الاسرائيلية بمشاركتهم في الاقتحامات المتكررة للاقصى وغيرها من المواقف الداعية لتكثيف النشاط الاستيطاني في الاراضي المحتلة عام ٦٧ والتنكر للحقوق الفلسطينية الامر الذي يشكل الخطر الاكبر امام اي جهد حقيقي امام جهود التوصل الى عملية سياسية حقيقية تؤدي لانهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية. هذه الدولة التي طالما انتظرها الفلسطيني لتجسيد حلمهم بتقرير المصير والتحرر اسوة بجميع شعوب الارض.

منذ فشل الجولة الاخيرة من مفاوضات السلام الفلسطينية الاسرائيلية بسبب التعنت الاسرائيلي واصرار الحكومة الاسريئيلية على الاستمرار بالبناء الاستيطاني أصبح من شبه المؤكد بان الامور تسير نحو المواجهة وان تدهور الاوضاع أصبح مسالة وقت. بالمقابل، نجح الفلسطينيون بشرح قضيتهم امام العالم وأصبح العالم يرى بالحكومة العقبة الرئيسية امام السلام وتعاظمت حركات التضامن مع الشعب الفلسطيني حول العالم مما وضع الحكومة الاسرائيلية في موقف صعب خصوصا بعد الانتخابات الاخيرة والتي انتجت أكثر الحكومات تطرفا في تاريخ اسرائيل والتي تنكرت بشكل علني وعلى لسان رئيسها لاقامة الدولة الفلسطينية مما جعل الامور تتغير ولو بشكل تدريجي لصالح الحق الفلسطيني امام الراي العام العالمي الذي أصبح يضيق ذرعا بالاحتلال والقمع الممارس بحق الشعب الفلسطيني. فأصبحنا نرى بداية تحول في الراي العام العالمي لصالح الفلسطينيين وتعاظمت الضغوط على اسرائيل من اجل ان توقف الاستيطان كمقدمة للمضي قدما بالعملية السياسية، هذا الواقع بالطبع لا يروق للحكومة الاسرائيلية وتعتبره تهديدا استراتيجيا لها.

وبالحديث عن الراي العام العالمي، فان المعركة بين الفلسطينيين والاسرائيليين هي معركة على كسب الراي العام العالمي والطرف الذي ينجح بحشد الراي العام فانه يستطيع ان يحسم المعركة لصالحه. ان الطرف الفلسطيني يعول ويعمل كثيرا لكسب هذه المعركة كيف لا ونحن اصحاب قضية عادلة، قضية شعب يرزح تحت نير الاحتلال ويسعى للخلاص والعيش بسلام. ولكن يبقى السؤال، هل كان الفلسطينيون محامون سيئون لقضية عادلة؟  وهل ندرك بان الرهان على المجتمع الدولي له استحقاقات اهمها الالتزام بقواعد القانون الدولي في النضال ضد قوات الاحتلال الغاشم.

ان الخلافات الفلسطينية الداخلية والاتقسام أضرا كثيرا بقضيتنا وافقذنا كثيرا من التعاطف، وأصبح الفلسطينيون يفتقرون لاستراتيجية موحدة للتعامل مع الاحتلال حيث تعددت المرجعيات وأصبح كل فصيل يغني على ليلاه لا بل اصبحت كل مجموعة داخل تلك الفصائل تغني على ليلاها. هذا الواقع أفقدنا كثيرا من الدعم الدولي وقدم في العديد من المناسبات خدمات مجانية لحكومة الاحتلال وساهمت بتخفيف الضغط المتعاظم ضدها.
طالما يفتقر الفلسطينيون لاستراتيجية موحدة للتعامل مع الاحتلال وطالما ان المرجعيات الفلسطينية متعددة فان الحالة الفلسطينية ستبقى اسيرة للفعل وردات الفعل الامر الذي قد يقودنا لدورة جديدة من العنف لن تقودنا للاستقلال بل الى نكبات جديدة كالتي واجهناها بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
فالتوحد خلف منظمة التحرير الفلسطينية واعادة الاعتبار لها بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني من شانه يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية. هذه الوحدة يجب ان تكون مبنية اساس برنامج وطنيا يعتمد المقاومة الشعبية هذا وحده الذي يخلصنا من الاحتلال ويمنع اعداء الشعب الفلسطيني من استغلال ما يجري حاليا وتحويله لطوق نجاة لنتنياهو وحكومته.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير