الديرات....قرية فلسطينية "تتحدّى" اسرائيل

10.05.2015 05:16 PM

وطن -السفير : وجدت عائلة فلسطينية مؤلفة من 17 شخصاً نفسها بلا مأوى بعدما قامت جرافتان اسرائيليتان بهدم منزلها المؤلف من ثلاثة طوابق في قرية الديرات في الضفة الغربية المحتلة بحجة بنائه من دون ترخيص.

واضطرت العائلة التي أصبح منزلها كومة من الركام إلى الانتقال والسكن في قرية قريبة لأنها لا ترغب في إعادة بناء ثم هدم المنزل لأنه بُني على ارض تملكها العائلة من دون الحصول على موافقة اسرائيل.

ويتكرّر هذا السيناريو مئات المرات سنوياً في الضفة الغربية المحتلة، حيث من المستحيل الحصول على رخصة بناء من اسرائيل، الأمر الذي يدفع الفلسطينيين إلى البناء "من دون ترخيص" بشكل غير قانوني وبالتالي الهدم من الجانب الاسرائيلي.

وتنظر المحكمة العليا الاسرائيلية حالياً في قضية متعلّقة بسيطرة اسرائيل الكاملة على التخطيط للبناء في "منطقة ج" التي تُشكّل 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية المحتلة.

وتُطالب قرية الديرات بالتعاون مع منظمة "حاخامات من أجل حقوق الإنسان" الإسرائيلية غير الحكومية ومنظمات أخرى، تل أبيب بإنهاء سياسات الإسكان التمييزية وإعادة شؤون البناء والتخطيط إلى الفلسطينيين.

ويقول الملتمسون إن هذه القضية ستُقدّم حلولاّ لمشكلة البناء الذي يُعتبر غير قانوني وستؤثر على هدم المنازل في هذه المناطق.
ويتناول الالتماس أيضاً قضية التشريد القسري للفلسطينيين كنتيجة للتخطيط الفاشل وهدم المنازل الممنوع بموجب القانون الدولي.

ويقول رئيس منظمة "حاخامات من أجل حقوق الانسان" اريك اشرمان إن "التخطيط لا ينظر اليه باعتباره حق..بل يعتبر كشيء يمكن للحكومة الاسرائيلية أن تمنحه أو تسحبه".

وتفيد أرقام صادرة عن الأمم المتحدة بأن هناك 298 ألف فلسطيني يقيمون في منطقة ج، مع 341 ألف مستوطن اسرائيلي في 135 مستوطنة و100 بؤرة استيطانية عشوائية.

وتبلغ مساحة المنطقة ج 360 ألف هكتار ولكن اقل من 1 في المئة من مساحتها مُخصّص للتطوير الفلسطيني، مقابل 70 في المئة للمستوطنات، بحسب الأمم المتحدة.

وقبل الاحتلال الاسرائيلي في العام 1967، كانت شؤون البناء والتخطيط للفلسطينيين تتمّ عبر لجان تخطيط محلية ولوائية كانت فعّالة قبل الاحتلال الاسرائيلي في العام 1967 والتي تمّ إلغاؤها بفعل أمر عسكري في العام 1971.
والنتيجة هي نظام متفاوت مع نظام مدني واستشاري للمستوطنين ونظام عسكري من دون تمثيل للفلسطينيين.
وكتب خبير التخطيط المدني راسم خمايسي في شهادة إلى المحكمة: "النتيجة هي فشل عميق ومستمر في التخطيط وتدمير واسع النطاق لمنازل الفلسطينيين في منطقة ج".

وهدمت اسرائيل العام الماضي 601 منشأة فلسطينية ما أدى إلى تشريد 1215 فلسطينياً.
وبحسب الأمم المتحدة، فهذا أعلى رقم للسكان المتضرّرين من سياسات الهدم الإسرائيلية منذ بدأت بحفظ السجلات في العام 2008.
وقالت منظمة "بيمكوم" غير الحكومية الاسرائيلية إن اسرائيل منحت في العام 2014 رخصة بناء واحدة فقط للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة مما يدفع آلاف العائلات الفلسطينية إلى البناء من دون ترخيص.

ويؤكد اشرمان أن "الأمر الوحيد الذي يُمكن أن يحدث الآن ويستطيع تغيير الوضع فعلياً هو إعادة سلطة التخطيط إلى أيدي الفلسطينيين".
وفي قرية الديرات التي يُقيم فيها 1800 فلسطيني، تعيش الغالبية في خوف وقلق من هدم المنازل التي يقيمون فيها.
ويقول محمد العمور (59 عاماً) والمتزوّج من أربع نساء ولديه 30 طفلاً: "الشعور صعب للغاية. فكل يوم ترى فيه مركبات الجيش تمر من هنا تعتقد أنهم سيأتون إلى هنا لهدم منزلك".
ويضيف الرجل، الذي اضطر إلى استخدام كافة أمواله وأموال أولاده لإعادة بناء المنازل الأربعة التي هدمها الجيش أن هذه " حرب نفسية وحرب مادية لا حدود لها. الشعور لا يوصف".
بينما يؤكد محمد العدرا، وهو سائق سيارة أجرة،أن "كل من يعيش هنا وعمره فوق الـ45 عاماً، هُدم منزله مرة واحدة على الأقل، والبعض هدم منزله مرتين أو ثلاث أو أربع"، مشيراً إلى أن "الهدف هو اجبارنا على المغادرة".

في المقابل، تؤكد الإدارة المدنية الاسرائيلية التابعة لوزارة الدفاع الاسرائيلية والمسؤولة عن تنسيق الأنشطة الحكومية الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة أن الحصول على رخصة بناء يتطلب موافقة "القيادة السياسية".
وتشير إلى أن "لجنة التخطيط التابعة للإدارة المدنية تقوم بفحص وترويج خطط البناء بشكل عادل. اعتماداً على حقيقة أن تكون هذه الخطط قد لبتّ معايير التخطيط ذات الصلة وموافقة القيادة السياسية على الترويج لها" من دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

بينما يقول اشرمان إن التخطيط الذي من المفترض أن يكون شأناً مدنياً خالصاً تمّ تحويله إلى مسألة سياسية.
ويتابع: "ترغب اسرائيل كثيراً بالمطالبة بأكبر قدر من منطقة ج لهذا هناك اهتمام كبير في ابقائها خالية دون تواجد فلسطيني قدر الامكان".

تصميم وتطوير