طربوش أم رئيس؟

05.09.2014 11:02 AM

وطن - كتب:إبراهيم أبوعتيله: من يتابع الحال الفلسطيني يلاحظ جلياً مدى ما يعانيه ذلك الحال من ترهل وتدهور فكري لا يتناسب بحال من الأحوال ما أنجزته المقاومة الفلسطينية بفصائلها المختلفة خلال العدوان الصهيوأمريكي الأخير على غزة ، ففي الوقت التي كانت فيه الصواريخ تتوجه إلى مستعمرات الصهاينة بمواقعها المختلفة ، كانت هناك صواريخ اقسى تتوجه إلى صدور وقلوب أبناء الشعب الفلسطيني الذين كانوا بانتظار الإعلان الرسمي عن نصر المقاومة ، حيث أنهم واثناء انتظارهم لتسجيل ذلك النصر ووقف نزيف الدم الفلسطيني على يدي  مجرمي الحرب الصهاينة إذ بدم فلسطيني آخر بدء بالنزف بسبب تنازع فصائلي لا معنى له غير حب السلطة وعشق التحكم بشعب وصل عمر نضاله المائة عام ..

حوار* جرى في الدوحة بين قياديي السلطة وبين قياديي حماس، فريق يمثله محمود عباس وجماعته وفريق آخر يمثله خالد مشعل وتابعيه بحضور مضيفهم أمير قطر في محاولة لرأب صدع طال أمده، حوار تم تسريبه لوسائل الإعلام بطريقة اقل ما يقال عنها أنها طريقة مريبة، فلماذا تم تسريبه في هذا الوقت، هل كان ذلك لتعميق الهوة بين الطرفين واستقطاب جموع من الشعب الفلسطيني مع هذا الطرف أو ذاك، أم لعدم اتخاذ الاحتياطات الكافية لعدم تسريب هكذا حوار، ربما أميل إلى فكرة تعمد تسريب هذا الحوار من قبل طرف أو آخر ليطلعنا على ضحالة الفكر الذي يقود هذه المرحلة من نضالات الشعب الفلسطيني ...

إحباط عميق يعاني منه الرئيس عباس من الأمريكان والصهاينة بعد فشله بتحقيق شيء من خلال المفاوضات العبثية التي طالت جولاتها بلا فائدة، الأمر الذي بدأت فيه أصوات كثيرة تنادي بوقف هذا العبث ووقف العمل باتفاقية أوسلو وايقاف التنسيق الأمني المرتبط بها، والطلب من عباس نفسه الاستجابة لمتطلبات المرحلة ولطلبات الشعب الفلسطيني وكان عباس يكابر لأنه سبق أن وضع كل خياراته في سلة المفاوضات ولا شيء غير المفاوضات، وبالمقابل عنجهية فصائلية تفوح رائحتها مع كل حرف ممن حروف فريق خالد مشعل بسبب ما صنعته المقاومة من انتصارات على الصهاينة الأمر الذي عمق من حالة الاحباط لدى الرئيس عباس بسبب عودة الروح لنضال الشعب الفلسطيني وتفوق خيار المقاومة على خيار العبث التفاوضي بشكل واضح .

عصبية غير مبررة تنتاب الرئيس عباس لم يفلح أحد في الحد منها ولم يفلح أحد ببث الطمأنينة والهدوء في نفس الرئيس عباس بمن فيهم صاحب حلبة التحاور الأمير تميم،  فلم يتوانى الرئيس عباس عن القول بأنها ( واصله معه لهون حين أشار إلى أنفه ) وهذه باللهجة الفلسطينية اقسى حالات العصبية التي تحول وأي منطق .. ولكن ما هو سبب عصبية الرئيس عباس ... يقولون أنها بسبب تقارير عن محاولة حماس الإنقلابية على عباس وتحالفها في ذلك مع محمد دحلان فإن صحت المحاولة فهي مصيبة وخارجة عن العرف الفلسطيني وإن كانت رواية مفبركة قامت بتسريبها المخابرات الصهيونية لجهاز مخابرات السلطة الفلسطينية فالمصيبة أكبر وأعظم، علاوة عن حديث عباس حول قيام حماس بحفر نفق تحت بيته في غزة لتفجيره بالألغام إضافة إلى حديث سمعه عباس من أحد العاملين في النفق بوجود لغم وأن هذا اللغم هو لأبي مازن، لن اتعمق في مثل هذا الحادث ولكن ما قرأته من رد جاء على لسان نائب خالد مشعل ( يا ابو مازن كانوا بيهزروا معك ) وهو رد ساخر من حق عباس أن يزداد عصبية وان يستشيط غيظا..

توجهوا إلى القاهرة ،، تباهوا ،، تفاخروا بالوفد الموحد ، فقد كان ذلك حسب قولهم تجسيداً حقيقياً للوحدة الوطنية التي فرحوا وفرح الشعب الفلسطيني بها، ولكن ذلك كله تبخر بكلمة واحده قالها الرئيس عباس  موجهاً حديثه لمشعل وجماعته حين قال - نحن نعمل معكم " طربوش " ولا اريد أن أكون "طربوش" - دلالة على عدم قدرته ومندوبيه في المفاوضات بالمشاركة الحقيقية في المشورة واتخاذ القرار وكأن مشاركة فريق السلطة في الوفد المفاوض قد جاء تلبية لدعوة أصحاب المبادرة الذين جمعوا طرفي القتال من أجل التفاوض ووقف إطلاق النار ، وموضوع الطربوش ، أمر لم يحس به أحد اثناء عملية التفاوض، فقد كان ممثل السلطة رئيساً للوف ، وهو الذي كان يصرح بإسم الوفد كما كان الرئيس عباس هو من أعلن التوصل للهدنة ... فهل كان عباس طربوشاً بالفعل ...، ربما ، إذا أخذنا بعين الاعتبار عنجهية حماس الفصائلية التي بالكاد تذكر فصائل المقاومة الأخرى، وإن ذكرت فلا تذكر إلا سرايا القدس – الجهاد الاسلامي – فالآخرين ومن يقتل منهم ليسوا شهداءً وربما كانوا كفاراً.

أشفق عليك يا شعب فلسطين من مثل قادة كهؤلاء ،، أشفق عليك من رئيس محبط تثقله الهموم والمكائد التي تحاك ضده ، ومن فكره تمحوره حول المفاوضات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، رئيس يتذمر ويشكو من طربوشيته وعدم رغبته بتقمص دور الطربوش لمجموعة لا تصغي ولا تحترم الرأي الآخر، مجموعة قامت بحصر الانجاز الفلسطيني بها متناسية الشعب الذي قدم ومازال الكثير الكثير من دمه ومدخراته وبيوته، شعب خلق ليضحي من أجل وطنه ومن أجل المقاومة التي ارتضاها سبيلا لتحقيق طموحاته الوطنية، شعب اصبح التعامل معه يتم وفقاً لهوية الفصيل الذي ينتمي إليه فإن كان في الضفة فالحظوة لأبناء فصيل السلطة وإن كان في غزة فالحظوة والمساعدة وشد الأزر لفصيل حماس.

لقد هزني كل ما قرأت من ذلك الحوار المسرب عمداً، كما هزتني التصريحات الاتهامية التي خرجت من هنا وهناك، بما في ذلك تحميل وزر كبر عدد الشهداء والجرحى وضخامة الدمار للمقاومة ، هزني قول السلطة وممثليها وقول عضو الوفد المفاوض أمين عام حزب الشعب بأن حماس قد تنازلت كثيرا عن سقف ما قدمناه من طلبات وشاركه ممثلي السلطة بذلك وبأن حماس قد تراجعت لمستوى المبادرة المصرية بصيغتها الأولى ، فلماذ الضحايا، ربما كنا بحاجة لمعرفة حقيقة الأمر من خلال فريق محايد يوضح حقيقة ما جرى في المفاوضات ، ألا يدركون بأن الفصائلية هي أبشع أنواع روافد الفرقة والتناحر ، وحيث أن الشعب الفلسطيني لم يعاني من الطائفية سابقاً  ، فقد قاموا باختراع طائفية له من النوع الأكثر ايلاماً وتدميرا ، انها الفصائلية ،، وفي يقيني فإن أي شعب في العالم، لا يريد طرابيش ، فمن يشاهد واقعنا العربي يلاحظ أن الطربوش قد انحسر وأن اختفاؤه الكلي مسألة وقت لا غير .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير