عشرات المعتقلين الفلسطينيين في السعودية تم عزلهم عن العالم الخارجي من دون لوائح اتهام

" ام بكر الحصري" .. قلبٌ موزّع بين سجون الاحتلال وسجن الحائر السعودي

12.10.2019 06:57 PM

رام الله-وطن: كانت عقارب الساعة تشير الى التاسعة صباحا عندما وردنا اتصالٌ هاتفي من مواطنة تقطن مخيم طولكرم شمال الضفة الغربية ، صراخ المواطنة ودموعها على الهاتف لم يعطنا اي مجال لتأخير التصوير اوتاجيل اجراء المقابلة ليوم آخر  بخاصة عندما علمنا انها لجأت لوطن  بعد ان اغلقت جميع الابواب في وجهها من اجل مساعدتها في معرفة مصير ابنها " بكر " المعتقل في السجون السعودية منذ اكثر من شهرين .

كثيرة هي الاسئلة التي كانت تدور في ذهننا ونحن متجهون الى طولكرم ، لماذا يعتقل بكر وما الذنب الذي اقترفه هذا الفلسطيني المغترب ليزج به في سجون " بلاد العرب اوطاني "  ، ولماذا لا توجد اي معلوماتٍ عنه ، لكننا ايضا كنا في ذات الوقت نفكر بالوالدة التي باتت تعيش وحيدة بين جدران منزلها في المخيم لاسيما وان زوجها وابنها الاخر معتقلون في سجون الاحتلال .

ومن ضمن ستين فلسطينياً اعتقلتهم السلطات السعودية في الأشهر الأخيرة، يقبع الشاب الفلسطيني بكر عدنان الحصري (31 عاماً) من سكان مدينة طولكرم، في أحد السجون السعودية منذ 77 يوما، دون أن يتوفر لأهله أي معلومات عنه.

وخلال لقاءها مع وطن ناشدت والدة بكر،  الرئيس وكل الجهات الرسمية بمساعدتها وتوفير أي معلومات تطمئنها عن ابنها الذي لا تعرف "إن كان في الأرض أو في السماء"، خاصة وأن السلطات السعودية ترفض تعيين محامي له، وتشترط "وكالة شرعية" لتعيين محامي يوقعها بكر شخصياً! القابع حالياً في سجن حائل.

وتضيف الأم: لم نجتمع مع بكر منذ سفره قبل 6 سنوات لنيل درجة الماجستير من إحدى الجامعات الأردنية، حيث سافر بعدها بعامين إلى السعودية بعد أن وجد فرصة عمل، ولم نلتقي إلى الآن".

وبحسب ما أعلمتنا الوالدة، فبعد أن سافر بكر إلى السعودية قبل 4 سنوات، عمل خلالها مديرا للمبيعات والتسويق في شركة خاصة، وتزوج بزميلة أردنية له في العمل، وكانت حياته طبيعية ومنتظمة، حتى تاريخ 29/7 هذا العام، عندما تلقّى استدعاءً من الشرطة السعودية، التي بدورها أخطرته بضرورة مراجعة دائرة الجوازات، لعمل تحديث روتيني على بيانات البصمة.

وبعدها اختفى بكر لمدة 60 يوماً في جهاز مباحث أمن الدولة، قبل أن يتم تحويله إلى سجن "الحائر" الذي يقع على بعد 29 كيلومتراً جنوب الرياض،  تشرف عليه المباحث العامة السعودية، ويعتبر أكبر سجن متعلق بالأمن السياسي وأمن الدولة في السعودية.

وأوضحت الأم، أنها وفي طريقها لمعرفة معلومات عن بكر، اتصلت بسجن الحائر أكثر من مرة، وكل ما كانت تطلبه "أن أسمع صوته فقط لأطمئن أنه بخير"، وفي كل اتصال أجرتهُ الأم، كان الأمن يعدها بأنهم سيقدومن طلبها للإدارة لأخذ الموافقة على السماح له بإجراء مكالمة هاتفية معها، لتنام هي وتصحو وعينها على الهاتف بانتظار أن يُفرج عن صوت ابنها، إلّا أنّ الصوت هو الآخر ظل معتقلاً وراء الحدود والقضان.

وأكدت الأم لـوطن، أنه وإلى الآن ممنوع تعيين محامي له، وممنوع أي شخص من زيارته.

وعلى الرغم من والدة بكر، تعيش شبه وحيدة، وقلبها موزّع بين سجون الاحتلال وسجن الحائر السعودي، فزوجها معتقل إدارياً في سجون الاحتلال، وابنها مصعب يقضي محكوميته هو الآخر منذ 10 شهور إلى جانب أبيه، إلا أنها لم تجد إلى الآن من يمد لها يد المساعدة، ويحمل لها أي خبر عن بكر.

وتقول أم بكر: تواصلنا مع السفارة الفلسطينية في السعودية، وفي كل مرّة كان السفير يطلب منا معلومات عن بكر ويعدنا بمتابعة الموضوع ثم لا نتلقّى أي جديد".

وتضيف: "في آخر مرة كلمنا فيها السفير أخبرنا أنه في رحلة سفر خارج المملكة"!

وفي اطار المتابعة والتخفيف من معاناة الام في البحث عن مصير ابنها ،  قامت وطن بالتواصل هاتفياً مع المستشار في السفارة الفلسطينية في السعودية، أحمد علي، الذي أخبرنا أن السفارة بصدد متابعة موضوع بكر.

مضيفاً أن هناك تنسيقاً بين السفارتين الأردنية والفلسطينية في هذا الموضوع، لأن بكر دخل المملكة على الجواز الأردني، ووعدنا بأن يقوم شخصياً بإبلاغ والدة بكر بأي تطورات أو معلومات جديدة تخص ابنها.

العشرات يقضون ظروفاً اعتقالية صعبة

بكر حالة واحدة من عشرات الفلسطينيين الذين تم اخفاؤه قصرياً، بحسب تقرير مفصّل صدر عن المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد"، نهاية الشهر الفائت، يوضح التقرير أن عشرات الموقوفين الفلسطينيين في السعودية يعانون ظروفا إنسانية بالغة السوء، يتعرضون فيها لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.

وأضاف التقرير أن الاعتقالات جاءت على خلفية قيام بعضهم بتقديم مساعدات مالية لعائلات شهداء وأسرى في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة كما أفاد ذوو الموقوفين. وطالبت "شاهد" السلطات السعودية بالإفراج عنهم، كما وطالبت المنظمات الدولية بالتحرك العاجل للضغط على السلطات السعودية التي تمارس أبشع أنواع التعذيب النفسي والجسدي ضد الموقوفين.

تم عزلهم عن العالم الخارجي دون لوائح اتهام

على الرغم من أن "شاهد" وثّقت حوالي 48 معتقلاً فلسطينياً في السجون السعودية، إلأ أن "المرصد الأورومتوسطي"، ذكر أنه أحصى ستين شخصا، وأشار إلى تقديرات تفيد بأن الرقم يفوق ذلك بكثير.

وقال المرصد، وهو هيئة حقوقية دولية مقرها جنيف، في بيان له، الشهر الفائت، إنه استطاع توثيق شهادات من 11 عائلة فلسطينية تعرض أبناؤها للاعتقال أو الإخفاء القسري خلال الأشهر الأخيرة أثناء إقامتهم أو زيارتهم للمملكة، بينهم طلبة ومقيمون وأكاديميون ورجال أعمال، إذ تم عزلهم عن العالم الخارجي دون لوائح اتهام محددة أو عرض على جهة الاختصاص (النيابة العامة) ولم يُسمح لهم بالاتصال مع ذويهم أو التواصل مع محاميهم.

وضرب المرصد أمثلة بعائلات فلسطينية، فقدت الاتصال مع أبنائها، ولم تعد تعرف عن مصيرهم شيئاً، رغم مناشداتها المتكررة للسلطات بالكشف عن مصيرهم أو أماكن احتجازهم.

ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات السعودية للكشف الفوري عن عشرات الفلسطينيين المعتقلين بالمملكة والذين تعرضوا لإخفاء قسري دون تهم أو مخالفات.

بتهمة التعاطف مع المقاومة!

ظلّت حملة الاعتقالات التي بدأت منذ 2018، تتم بالسر، دون تغطية من وسائل الإعلام أو المؤسسات الحقوقية، لأسباب من أهمها خوف العائلات من الحديث للمنظمات الحقوقية، ما أدى فعليا إلى تأخر الإعلان عن الاعتقالات، إلى أن قام المدون السعودي "مجتهد" بتسليط الأضواء عليها واضعاً تلك الاعتقالات في سياق السياسات السعودية المتواطئة مع العدو الإسرائيلي ، والمتواطئة ضد الفلسطينيين، لتنفيذ ما يسمى بـ"صفقة القرن"، الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية.

فقد نشر مجتهد في ما شهر مايو/أيار الفائت، تغريدة على حسابه الشهير، عن قيام أمن السلطات السعودية بحملة اعتقالات واسعة ضد الفلسطينين المتعاطفين مع المقاومة في غزة، والمقيمين في السعودية.

وأضاف المجتهد، إن عدد المعتقلين في حملة أمن الدولة التي تنفذها السلطات السعودية، على الفلسطينيين المتعاطفين مع المقاومة ففي غزة والمقيمين في السعودية بلغ (60) معتقلا، غير المعتقلين من كفلائهم أو من تعاون معهم أو من عائلاتهم من السعوديين والمقيمين.

وكشف المجتهد، عن معلومات صادمة نشرها على تويتر، تفيد أن الحملة كانت بتنسيق مسبق مع (الموساد الاسرائيلي والـ سي آي إي الأمريكي)، ومشيرا أن ما يحصل الآن هو تمهيد لصفقة القرن.

 

تصميم وتطوير