لبرنامج عدل "عدل بودكاست"، عصام العاروري الاحتلال يحاول فرض واقع جديد يشبه حالة العبودية والأوضاع الحالية هي الأسوأ على الفلسطينيين خلال المئة عام الأخيرة

11.09.2024 01:19 PM

وطن: قال المدير العام لمركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، عصام العاروري، إن فلسطين تعيش واحدة من أصعب الفترات في تاريخها الحديث، فالشعب الفلسطيني تصاعدًا غير مسبوق في العنف والتدمير، فالأوضاع الحالية هي الأسوأ على الفلسطينيين خلال المئة عام الأخيرة، حيث انه في الأشهر القليلة الماضية، سجل قطاع غزة وحده أكثر من 41 ألف شهيد، بينما بلغ عدد الشهداء في الضفة الغربية حوالي 680 شهيدًا، وهذه الأرقام تعكس حجم المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي.

وخلال حلقة جديدة من برنامج "عدل بودكاست" الذي تنتجه الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" بالشراكة مع شبكة وطن الإعلامية، بين العاروري أن الدمار الذي تسبب به الاحتلال لا يقتصر على الأرواح فقط، بل يمتد ليشمل تدمير البنية التحتية الحيوية مثل شبكات المياه والكهرباء والإنترنت ما يفاقم صعوبة الحياة اليومية للفلسطينيين، خاصة في المخيمات، التي باتت في حالة تشبه قطاع غزة، لافتا ان الدمار في هذه المناطق لا يقتصر على البنية التحتية فحسب، بل يمتد ليشمل تدمير المنازل وتشريد العائلات.

من ناحية أخرى، أشار العاروري إلى أن عدد المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال قد وصل إلى أكثر من 3500 معتقل، وهو رقم غير مسبوق حتى خلال الانتفاضات الفلسطينية السابقة، ما يعكس مدى القمع الذي يمارسه الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، فعمليات الاعتقال دون توجيه أي تهم رسمية لهم، ويحتجزون لفترات طويلة دون محاكمات عادلة.

واوضح ان هذا الوضع يزيد من الإحباط واليأس بين الفلسطينيين الذين يشعرون بأنهم محرومون من حقوقهم الأساسية في ظل نظام قضائي ظالم، لافتا الى ان الوضع السياسي في فلسطين يشهد أيضًا حالة من الجمود الشديد، فالشعب الفلسطيني يشهد بأن نافذة الأمل تضيق أكثر فأكثر، مؤكداً ان الاحتلال يحاول فرض واقع جديد يشبه حالة العبودية، ما يضع الفلسطينيين أمام ثلاثة خيارات صعبة وهي القبول بالسيادة الإسرائيلية والعيش دون حقوق، أو الاستسلام للقتل، أو الهجرة القسرية من أراضيهم، وأن هذه الخيارات كلها غير مقبولة لدى الشعب الفلسطيني.

ولفت العاروري ان من بين السياسات القمعية التي تتبعها إسرائيل، سياسة احتجاز جثامين الشهداء منذ عام 1967، ومنع ذويهم من دفنهم بشكل لائق، لافتا ان الاحتلال طور هذه السياسة بشكل أكثر قسوة، ليستخدم الجثامين كورقة تفاوضية، رغم انها انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وتشكل جريمة حرب وفقًا للقانون الدولي.

وأشار العاروري ان سياسات الاحتلال اثارت استياءً واسعًا وسط دعوات متزايدة لاتخاذ إجراءات قانونية دولية ضد "إسرائيل"، وقد أُجريت تحقيقات من قبل لجان حقوق الإنسان الدولية، وقدمت تقارير مفصلة حول هذه الانتهاكات إلى الأمم المتحدة، فالاحتلال الإسرائيلي يتلاعب بالقوانين، ويدمج بين قوانين مختلفة تشمل القوانين العثمانية والانتدابية البريطانية، مما يمنحه القدرة على الالتفاف على الشرعية الدولية، وهذا التلاعب يمتد إلى النظام القضائي الإسرائيلي الذي يرفض باستمرار الإفراج عن جثامين الشهداء، حتى الأطفال منهم وفي أحد الحالات، تم رفض إطلاق سراح جثمان طفل لم يتجاوز الثامنة من عمره، واعتُبر قائدًا في حركة حماس.

وتابع العاروري ان التواطؤ بين النظام القضائي الإسرائيلي والسياسات القمعية للحكومة يعكس مدى الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون لتبرز الحاجة الملحة لتحرك دولي فاعل لمواجهة هذه الانتهاكات، وانه يجب على الإعلام الفلسطيني والدولي تكثيف الجهود لتسليط الضوء على هذه الجرائم من خلال إنتاج أفلام وثائقية قصيرة بلغات متعددة ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بهدف زيادة الضغط على "إسرائيل" وحلفائها الذين يوفرون لها الحماية الدولية، مبيناً ان سلطات الاحتلال مستمرة في سياستها في سرقة الأراضي ومصادرتها عبر وسائل مختلفة، فقد شهدت الفترة الأخيرة اعلان الاحتلال مساحات واسعة من الأراضي على أنها "أراضي دولة"، ما يسمح بالاستيلاء عليها بشكل قانوني ضمن نظامها الخاص، وهذه السياسة ليست جديدة، بل تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، فقد شهدت تلك الفترة أكبر موجة من إعلانات تحويل الأراضي إلى "أراضي دولة".

وحول مواجهة تلك السياسات قال العاروري ان الفلسطينيين يعملون على عدة جبهات لمواجهة هذه السياسة، من بينها تقديم الاعتراضات القانونية على إعلانات مصادرة الأراضي، لكن النجاح في هذه المعركة القانونية محدود بسبب الإطار القانوني الذي تم تصميمه لخدمة أهداف الاحتلال، في توسيع المستوطنات وفرض سيطرتها على المزيد من الأراضي الفلسطينية، مشدداً على أهمية وجود استراتيجية فلسطينية واضحة لمواجهة هذه التحديات الكبيرة، فالشعب الفلسطيني يعيش في حالة صراع مستمر منذ أكثر من قرن، ويواجه اليوم ظروفًا هي الأصعب في تاريخه ومع ذلك، يظل الشعب الفلسطيني متمسكًا بأرضه وحقوقه، مصممًا على مواجهة كل الصعاب لتحقيق العدالة والحرية.

تصميم وتطوير