أن يخسر عساف.. "نكسة جديدة"! - رحمة حجة

22.06.2013 09:12 AM
ربما لم نكن كلنا، كفلسطينيين، مع توجه الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، لكنّا جميعًا، على الأغلب، كنا نترقب خطابه أمام الجمعية العامة فيها، ونلتقط منه إشارات للنصر كي نفخر بها صباح اليوم التالي.

وفي اللحظة التي حصلنا فيها على "نصف دولة" في الأمم المتحدة، أيضًا لم نكن كلنا على اتفاق مع ذلك، ومع ذلك، كان يغيظ الرافض منا لهذه الدولة، تعنّت دول ومنظمات أخرى أمام هذه الرغبة العالمية، ويسعدنا اعتراف بسيط بها، نتشاركه على صفحاتنا السوسيو-سياسية في الإنترنت، على سبيل المثال تغيير شركة جوجل اسم المنطقة من "الأراضي الفلسطينية" إلى "فلسطين".

وفي العدوان الإسرائيلي أواخر العام الماضي (2012) على قطاع غزة، كنا أيضًا نترقب إشارات النصر، كوصول الصواريخ إلى منتصف "تل أبيب"، وسماع دوّي انفجاراتها في المناطق المأهولة بالفلسطينيين، والقريبة من المستوطنات.

رفع الأعلام الفلسطينية على جوانب الشوارع المشتركة بين السيارات ذات "النمرة الصفرا" و"النمرة البيضا"، في ذكرى بداية التطهير العرقي في فلسطين (1948) وما يعتبره العدّو الصهيوني ذكرى إنشاء دولته.. صورة لشابة فلسطينية تقف أعلى آليّة إسرائيلية في إحدى المظاهرات، ترفع العلم الفلسطيني.. صورة لشاب من داخل الأراضي المحتلة (1948) يرفع علمًا فلسطينيًا وسط كم كبير من أعلام دولة الاحتلال.. إضراب عن الطعام يتعدّى حدود الصبر الإنساني ويكسر ريختر "جينيس".. وغير ذلك، من ملامح الاحتفاء بما تبقى لدينا.

نعم.. كنا نفرح ونتشارك هذه الفرحة في كل مكان يأهلنا ونأهله، ونعتبره نصرًا، وسط كل ما يحيطنا من هزائم.. نعم، كنّا (واسمحوا لي باستخدام "نا" الجماعة)، هل أعدّ لكم/ن الهزائم؟! أظنّ لا مجال لحصرها هنا.

لم أستذكر هذا وذاك؟ هل قلتُ شيئًا جديدًا؟ لا أظن..

أنا فقط أتخيل الجماهير الفلسطينية التي تراقب الشاشات العملاقة في رام الله، والشاشات الموزعة في ساحات ومطاعم جنين ونابلس والخليل وحيفا وعكا والقدس وغزة وبعض المخيمات وفي أماكن تجمع الأهل في الشتات، تلك التي تنقل بث برنامج "آراب آيدل" من العاصمة اللبنانية بيروت، وأتخيّل حالة الترقّب لـ"طلّة" المشارك الفلسطيني محمد عساف، والتصفيق الحار إثر إنهائه أغنيته، وتنهيدات الراحة حين يظل في "منطقة الأمان" كل سبت..

أنا فقط أتخيل الليلة، بعد أن اختار كل من المتسابقين المصري والسورية أغان تحرك عواطف جمهورهما، وتحفز كل من لم يصوّت من قبل على التقاط هاتفه، وإرسال صوته، وصوت عساف بجماله وحنكته، ربما يضيع في ضجيج الأعداد وأحياء القاهرة التي ربما يوازي إحداها عدد سكان فلسطين، فهل تكفي "علي الكوفية" لجلب الحظ الجميل؟.

أتخيّل، لو لم يفز عسّاف، وحاز المصريّ على اللقب من الجماهير التي منحته صوتها، بعد كل الدعم الفلسطيني، الرسمي والشعبي والرأسمالي والدعائي والحزبي و... كيف ستفرغ المقاعد واحدا تلو الآخر من أمام شاشة العرض التي نقلت النتيجة للفلسطينيين، وكيف سيعود الشعور بالهزيمة، لا، إنها الخيبة، فهي أقسى قليلًا.

فالخيبة، حين يكبر الحلم ونكبر معه، وما إن يصطدم بالواقع، حتى يتكشّف وهمًا. وربما سأبالغ إن قلت إن خسارة عسّاف بمثابة "نكسة جديدة"، لكني أراها كذلك، ليس لأنه بفوزه "سيحرر الأقصى" كما يسخر البعض، لكن لأننا بحاجة إلى شيء، ولو بسيط، يرفع من "الأنا الفلسطينية" التي بدأت الذوبان منذ أعوام عديدة، وأصبح دعم القضية الفلسطينية "محلًا للتأويل" لا "اليقين" في أذهان بعض الشعوب العربية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير