فاطمة وهيلين أول من زرع الكركم في فلسطين

15.11.2021 05:36 PM

وطن- ميساء بشارات

من حيث لا تحتسب، صنعت فاطمة ترابي معجزتها بيدها، وكان لها السبق في زراعة الكركم بفلسطين، وذلك بعد مرورها بظروف صحية قادتها إلى البحث عن طرق زراعة الكركم، وإجراء دراسة مستفيضة حولها، وما لبثت أن نفذَّت المشروع بدعم من الإغاثة الزراعية.

تتلمس هذه المرأة النابلسية أوراق الكركم الطويلة التي تكاد تبلغ طولها، لتطمئن عليها كأنها طفلها الثالث، في دفيئة أنشأتها في بلدتها "صرة" المعروفة ببرودتها شتاءً.

هي أم لطفلين، عانت سابقاً من آلام شديدة في الركبة، فوصفوا لها الكركم علاجاً بديلاً، ووقتئذ بدأت رحلتها في البحث عنه، إذ لم يتوفر الطازج منه في السوق، باستثناء المطحون.
تقول ترابي: "بحثتُ كثيرًا عبر الإنترنت للتعرف على كيفية زراعته، وتواصلت مع العديد من المهندسين الزراعيين، لعلي أجد أحداً يرشدني بشأن العناية به حتى قطافه".

ولم يسبق لأحد أن زرع الكركم في فلسطين التي لطالما اعتمدت على استيراده من الخارج.

ونِعم الجنون
تقول ترابي وهي تزيل الأعشاب الزائدة عن نبتة الكركم: "أحب أن أثبت جدارتي في أي مجال أدخله، أن أنجح وأبدع، فلا مكان للفشل في حياتي".

في المرحلة الأولى، زرعت فاطمة الكركم على مساحة 600 متر مربع، تحكي ضاحكة: "قالوا عني مجنونة، بما أني لست مهندسة زراعية ولا خبرة لدي في هذا المجال، فضلاً عن أن قريتي لا تتمتع بطبيعة زراعية، ولم يسبق لأحد فيها إنشاء بيت بلاستيكي زراعي، والكركم نفسه لم يُزرع سابقاً في فلسطين".

وتواصل حديثها: "أعلنت الإغاثة الزراعية عبر صفحتها عن رغبتها في دعم مشاريع ريادية، ولم أتردد في التقدم بطلب لدعم مشروعي، وبحمد الله حصلت على مبتغاي".
محصول الكركم ينمو بطول متر أو أكثر، وأوراقه تشبه نبات الزنبق، وزهرته وردة التوليب، وفي آخر النبتة جذوريات الكركم تُغرز في التربة، وهي ما يتم قطافه.

تقول فاطمة ترابي: "قريباً إن شاء الله سيتسنى لي أخذ جذوريات الكركم التي تشبه الزنجبيل، وأبيعها كركماً طازجاً، أشعر براحة لأني لم أستخدم أي أسمدة كيماوية في الزراعة".
سألناها عن سبب نيتها في تسويقه "أخضراً طازجاً، فقالت: "لأن فوائده جمة، فعلى الصعيد الصحي مفيد للقلب وحرق الدهون وتنظيم السكر".

هذا العشب الطبي له خصائص علاجية ثمينة، وهو من عائلة الزنجبيل ينمو في الهند ودول جنوب شرق آسيا، وفيه عنصر رئيسي يسمى "الكركمين".

ثمرة التجربة
من مزايا زراعة الكركم، كما تخبرنا فاطمة، أنه لا يحتاج إلى أيدي عاملة كثيرة، ويُزرع في تربة خاصة على شكل أسراب أو داخل قوارير، ويكون بينها مصاطب تفصل كل سرب عن الآخر.

أما الصعوبة الأبرز التي تواجهها، فهي أن الكركم يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، وهذا ما تفتقر إليه قريتها، ما يضطرها إلى شراء الماء، إذ يبلغ سعر الكوب منه نحو 4 شيقل.

وتزيد في السياق نفسه: "من المهم إيجاد "الرايزومات" "جذور أشتال الكركم" لزراعتها داخل بيتها البلاستيكي، فقد تمكنت بعد فترة طويلة من الحصول عليها من الداخل الفلسطيني المحتل بواسطة قريب لي".

وتزامناً مع تجربة ترابي في زراعة الكركم، خاضت أيضاً التجربة هيلين الدرك، وهي طالبة تدرس الهندسة الزراعية في جامعة النجاح الوطنية (22 عاما) من دير الغصون في طولكرم.
تقول الدرك: "عندما درسنا بهار الكركم انتابني الفضول حوله، فبحثت عن أصل هذه المادة، تحديداً شكلها ورائحتها وكيفية زراعتها ولم أجد أحداً يعرفها".

في تلك الأثناء تقدمت إلى الإغاثة الزراعية لدعم مشروعها، وفيها التحقت بالعديد من الدورات التدريبية الخاصة بتسويق المنتجات والعناية بها والإشراف عليها.
وضعت هيلين ثلاث خطط تسويقية لمنتجها المزروع على مساحة 250 متراً مربعاً، منها تسويقه طازجًا للعطارين والمرضى وللاستخدامات الأخرى، أو أن يباع "نبتة زينة" لأن وردته جميلة تشبه التوليب، ومن الممكن زراعتها في الحديقة.
سعر المنتج، وفقاً لهيلين، سيكون كما يباع في السوق، حتى يتعرف الناس على منتج محلي بلدي عضوي يخلو من المواد الكيماوية، تبعا لكلامها.
هذه الطالبة التي تزرع المحصول في قوارير وليس في التربة، تتحمس لقطف المنتج في قادم الأيام، وتتوقع أن تنتج الشتلة ما بين نصف كيلو إلى كيلو.

وتفكر بأن تحوّل أوراق نبتة الكركم إلى أعلاف للحيوانات، بعد أن تختبر مدى تقبلها لها.
وهنا ابتسامة تصاحب قولها: "أستاذي في الجامعة كان يوصينا باستمرار أن نستفيد من كل شيء في المشاريع الريادية، "حتى النملة كيف نحلبها".
ومن أبرز الفوائد الصحية للكركم؛ طرد السموم من الجسم، والوقاية من الزهايمر، وعلاج الاكتئاب، وتخفيف أعراض التهاب المفاصل، وعلاج التهابات الفيروسات، والتقليل من الإصابة بالأمراض المزمنة.

بحثت عن أصوله وطرق زراعته، وإذ بها تصبح أول من يزرع الكركم في فلسطين.. فاطمة ترابي من قرية صرة، غرب نابلس، تصنع معجزتها بيدها.

تتلمس هذه المرأة النابلسية أوراق الكركم الطويلة التي تكاد تبلغ طولها، لتطمئن عليها كأنها طفلها الثالث، في دفيئة أنشأتها في بلدتها "صرة" المعروفة ببرودتها شتاءً.
هي أم لطفلين، عانت سابقاً من آلام شديدة في الركبة، ووصفوا لها الكركم علاجاً بديلاً، ووقتئذ بدأت رحلتها في البحث عنه، إذ لم يتوفر الطازج منه في السوق، باستثناء المطحون.

 

خاص بآفاق البيئة والتنميةت

تصميم وتطوير