"عطاء" مهندسة مثابرة تبتكر جهازاً لتفادي تلوث مياه الشرب

31.07.2021 02:29 PM

وطن- ميساء بشارات

بعد تداول خبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن إصابة ٧٠٠ مواطن في بلدة بيت فوريك بالتسمم، شربوا مياهًا ملوثة، تحرك حس المسؤولية لدى الشابة عطاء نمر، ابنة مدينة طولكرم.

نقول عطاء: "كان يجب أن أجد حلًا للمشكلة بما يضمن عدم تكرارها، سواء في بيت فوريك أم في غيرها من المناطق الفلسطينية".
وبالفعل، سارعت إلى ابتكار جهازٍ لمراقبة جودة مياه الشرب من خلال مستشعرات الكترونية، يعرف بــــــ chlorieter  (كلوريتر).
ويقوم الابتكار على قراءة كل دقيقة، ويخزّنها ويرسلها للمسؤولين عن توزيع مياه الشرب في البلديات.

تستهلّ خريجة كلية الهندسة الإلكترونية في جامعة القدس، حديثها: "هزني ذلك الخبر، لأن الماء أساس الحياة ولا يمكن الاستغناء عنه، وأخذت على عاتقي حل المشكلة بما يضمن عدم تكرارها، سواء في بيت فوريك أم في غيرها من المناطق الفلسطينية.

حلًا أمثل
كانت أول خطوة اتخذتها عطاء، التواصل مع سلطة المياه الفلسطينية لتعرف سبب التلوث، وإذ بنسبة الكلور في الماء معدومة، ما أدى إلى تسمم المواطنين، وحينها تبادر إلى ذهنها تصميم جهاز لمراقبة جودة المياه في اللحظة نفسها، بحيث يتمكن من إرسال إنذار عند حدوث تلوث في مياه الشرب.

فيما الطريقة التقليدية لفحص الكلور في خزانات المياه، تتمثل في أخذ عينة صباحاً ومن ثم أخذها للمختبر لإجراء تحليل لها. "طريقة غير مجدية ومكلفة وتستغرق وقتًا وجهدًا وتسمح بتلوث المياه في أي وقت، لذلك كان الجهاز الحل الأمثل للمشكلة" بحسب قولها.
وفي سؤالها إذا ما تم تجريب الجهاز، أجابت عطاء (23 عامًا): "الحمد لله كانت النتيجة رائعة. جرّبناه في بئر المسناوي في محافظة طولكرم، بمساعدة الإغاثة الزراعية، ولاحظنا نجاحه إلى حدٍ كبير في مراقبة جودة المياه، وحاليًا أعمل على تطويره أكثر، سعيًا لتسجيل المشروع "براءة اختراع".

وعن الصعوبة التي واجهتها أثناء ابتكار الجهاز، ذكرت أنها عانت من البحث عن قطع الكترونية محددة لا تتوفر في السوق المحلي، ما اضطرها لشرائها من الخارج.

وقدمت المهندسة عطاء، المشروع في مسابقة "نجاحها" التي نظمتها الإغاثة الزراعية وحصلت على تمويل كامل، وكان هو نفسه مشروع تخرجها من الجامعة.

وحذر تقرير صادر عن "منظمة الصحة العالمية" من أن نحو 2 مليون شخص منهم 1.4 مليونًا من الأطفال يلقون حتفهم سنويًا، جراء شرب المياه الملوثة حول العالم، وأكد التقرير أن الإجراء الأول الذي ينبغي اتخاذه فورًا لتحسين مستوى الصحة العالمي هو توفير المياه المأمونة لملايين البشر الذي يشربون مياهًا غير صالحة للاستهلاك الآدمي وملوثة بمخلفات الصرف الصحي والنفايات الصناعية السامة.

قوة الداخل
حكاية عطاء مليئة بالمثابرة، تطلعنا على جزء منها بقولها: "درست الهندسة الإلكترونية لأحقق ما لم يستطع والدي تحقيقه، فقد تمنى أن يكمل تعليمه ويصبح مهندسًا، إلا أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية حالت دون نيل مراده، لذا أردت أن أعوضه بدراسة هذا التخصص".

وعملت عطاء خلال فترة دراستها في حاضنة الإبداع في جامعة القدس، ونفذّت العديد من المشاريع التي تعود على المجتمع بالنفع.
وفي حديثها مع مراسلة "مجلة آفاق البيئة والتنمية" تطرقت إلى المتاعب التي لازمتها في تلك الفترة: "تبعد جامعة القدس في أبو ديس عن بلدتي طولكرم مسافة 66 كم على الخارطة، إلا أن الاحتلال وبسبب جدار الفصل العنصري ونصب حواجز التفتيش ضاعف المسافة ثلاث مرات، كل ذلك لم ينل من عزمي، واصلت المشوار وكنت "الأولى" طوال سنوات الجامعة".
ليس هذا وحسب، فقبل تخرّج عطاء نمر، بفترة وجيزة حظيت بوظيفة في شركة "انتل" العالمية، بعد حصولها على علامة كاملة في الاختبار الذي تقدمت له.

الطريق الذي سارت فيه هذه الشابة كان محفوفًا بالتحديات من الاحتلال والعادات والتقاليد والظروف الاقتصادية والصحية، ومع ذلك كان لديها ما يكفي من الشجاعة والطموح لبلوغ هدفها.
تختم حديثها: "على كل شخص أن يُخرج ما بداخله من قوة ويقاتل، ولا يحاول اختلاق الأعذار لنفسه".

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية

تصميم وتطوير