مستحضرات تجميل طبيعية ومكملات غذائية.. الأعشاب تكلّل محاولات ناريمان بالنجاح

وطن- حسناء الرنتيسي: من حيث لا تدري، وجدت الأسيرة المحررة ناريمان سلامين نفسها مشدودة إلى الطبيعة والتواصل مع الأرض، فانكبّت على الزراعة المنزلية والاهتمام بالأعشاب وأنواعها والاطلاع على استخداماتها التجميلية عبر التاريخ. درست ناريمان الإعلام ومارست المهنة هنا وهناك، لكنها لم تجد ذاتها إلا حينما طرقت باب ريادة الأعمال، إذ أمسكت بطرف الخيط عندما أقبلت على مجال التدريب بنيل شهادة "مدرب دولي معتمد" من المركز الكندي وفي مجال الطب البديل الذي استحوذ على اهتمامها.
ابنة بلدة "السموع" الواقعة جنوب مدينة الخليل، لم يرق لها استخدام مواد كيميائية، وفكرت في أن تستبدل بعض العلاجات بمستحضرات مُعدة من مستخلصات الطبيعة، ما قادها نحو البحث في الغذاء والمكملات الغذائية والاعتناء بالجسم بطريقة صحية.
ونفذت عددًا من التدريبات للنساء، التي من شأنها أن تشجع على إدارة محفظتهن المنزلية بحكمة، بتعليمهن تصنيع بعض المستحضرات منزليًا، مثل الشامبو والبلسم وما شابه.
على مرحلتين
تتساءل ناريمان سلامين في حديثها معنا: "لماذا نعطي معظم وقتنا لإنجاز أعمالنا ومهامنا وننسى أجسادنا التي تقوم بكل ذلك، برأيّ أنه كما يحتاج المنزل والعمل لعناية يومية، فإن أجسادنا أيضًا بحاجة إلى الأناقة والتغذية السليمة، والتخلص من مواطن الضعف فيها بعلاجها، وذلك لا يكون إلا إذا اخترنا غذاءنا بدقة، وحسّنا نوعية الغذاء الذي يليق بالجسم، بدلًا من أن نقسو عليه بعلاجاتٍ كيميائية تدمر خلاياه وتترك آثارًا جانبية لا يمكن تجاهلها على المدى البعيد".
وترى سلامين أن الحل لمشاكل البشرة والشعر، والأمراض الجلدية والجسدية، يبدأ من الاهتمام بالداخل، والذي يتحقق على مرحلتين.
وتوضح آلية متابعتها لمن يقصدونها رغبة في التخلص من مشكلاتهم المَرضية، بقولها:" أولاً لا بد من تنظيف المعدة "بيت الداء"، وذلك يحتاج إلى فترة تتراوح بين أسبوع إلى عشرة أيام، ومن ثم أجهز في المنزل مستحضر تجميلي من مواد طبيعية تتكون من أعشاب طبية، بحيث أجربها على نفسي ودائرتي المقربة وإذا ما لمست أثرًا إيجابيًا أنقلها للآخرين".
وتتحرى السيدة التي تعيش في مدينة رام الله، السلامة في كل خطوة، فقد بذلت جهدها للحصول على شهادات دولية لمستحضراتها وحصلت على بعض منها، من الأردن وألمانيا.
وحاولت ناريمان جاهدة تسجيل أعشاب بعينها في وزارة الصحة، تمكنت من استخلاص "كريمات" منها، إلا أن الموافقة تمت على بند التجميل فقط بعيدًا عن الأغراض العلاجية، مضيفة: "في مناطق السلطة الفلسطينية إذا أردت الحصول على ترخيص لدواء معين يجب أن يكون لديك تعامل مع وكيل خارجي وهناك تعقيدات كثيرة في الأمر، وبالنسبة للمواد التي أحضرّها فإني أحصل على مصادقة بشأنها من وزارة الاقتصاد، بعد أن تخضع للفحص والتحقق من خلوها من أي مواد ضارة بها".
وتشير إلى حصولها على الموافقة للعمل ببعض الأعشاب، نظراً لوجود مصنع في "إسرائيل" يستخلص المكملات الغذائية منها، بينما في مناطق السلطة توجد معيقات للترخيص، تحكمها قوانين عالمية وعائق الاحتلال، تبعًا لقولها.
وتسعى إلى أن يرّوج الزبون بنفسه لمنتجها، ويكفيها أن تشعر بالإنجاز وجمال النتائج عندما ترى نجاح منتجاتها وثقة الزبائن ورضاهم.
المورينغا.. النبتة المعجزة
وبعد التجربة، يُعد العائق المادي في هذا النوع من المشاريع هو الأكبر، بحسب رأيها، نظراً لما يتطلبه ترخيص المصنع من تكاليف مالية كبيرة، إلا أنها تغلبت على هذا الجانب بعد عملها في المنزل، ما أدى إلى استغنائها عن أجرة المكان والخدمات الأخرى المرتبطة به.
إلا أن ناريمان تعترضها صعوبة في مسألة التعبئة وتصفها بــ "المكلفة والمرهقة"، وتخبرني عن الجهد بقولها: "من أجل تعبئة شاي المورينغا وهو من أبرز الأعشاب التي أعمل بها، بحثت على مدار يومين عن مكان شخص في قرية نائية ليتولى مهمة تعبئة منتجي في أكياس خاصة، لكنه طلب مني لاحقًا أن يفعل ذلك دون وجودي، في حين أني أفضّل الإشراف على هذه المرحلة بنفسي لأضمن سلامة المنتج من التلوث".
وعلاوة على ما سبق، فإن تكلفة التعبئة عالية، ذلك أن تعبئة 150 غرام يتوجب مقابلها دفع 150 شيقل، مما يرفع من تكلفة المنتج ويضعف إمكانية تسويقه، "رحتُ أبحث عن طرق أخرى سهلة التداول، مثل استخدام عبوات صغيرة، بتكلفة أقل".
نبتة المورينغا، وتسمى نبتة الحياة، والنبتة المعجزة، من الأعشاب التي تدهش ناريمان سلامين لذا بكل حماس تستخلص مكملات
غذائية منها، كونها تدفع الخلايا للعودة للعمل من جديد، ساعية إلى الحصول على كامل القيمة الغذائية من العشبة التي صارت في متناولها بعد أن جلبتها من الخارج، وقد جربت زراعتها في عدة محافظات، وحاولت أن توجد البيئة المناسبة لنموها، وأخيرًا تسنى لها زراعتها في منزلها، والآن لديها 1500 شتلة تستخدمها في صناعة مستحضراتها.
وتواصل حديثها: "أردت أن يتناولها المرضى لمساعدة خلايا أجسامهم على التجدد، وإعادة الجسم لشبابه وحيويته، فحضرّت منها أكياس الشاي لتستمتع العائلة بمذاق وفائدة هذا المستخلص إلى جانب المريض".
ويستمر العمل الدؤوب
أعدّت من نبتة المورينغا أيضًا، كبسولات "مكمل غذائي"، تقوم بوظائف عدة، من بينها البحث عن مواطن الخلل في الجسم وعلاجها، وزيادة النشاط، مؤكدة أن العلاج يتطلب المداومة عليه لأشهر، وذلك يعتمد على نوع المرض أو طبيعة الجسم الذي يتلقى هذه العشبة.
ومن المشاكل التي تعالجها "الشعر الأبيض"، والذي يظهر عند البعض باكرًا، والحبة من هذا المكمل، تعمل على تحفيز الخلايا للعودة لإنتاج الصبغة الخاصة بالشعر.
كما أن مرضى السكري يمكنهم استخدامها لتحفيز البنكرياس على إفراز مادة الأنسولين، ومع الوقت وتحت الإشراف والمتابعة الطبية ومراقبة وضع السكر، سيلمس المريض التحسن وسيخفف من الأدوية الكيميائية وصولًا إلى مرحلة الشفاء.
ويمكن استخدام أوراقها في الملوخية مثلًا، “فنكهتها رائعة، ويمكن منها تحضير المعجنات، أو استخدامها على شكل بهارات"- والكلام لها- وبالإضافة إلى ما سبق حضرّت ناريمان من "المورينغا" شامبو وصابون وزيت لتدليك فروة الرأس، للتخلص من الشيب وضعف بصيلات الشعر.
ولدى ناريمان سلامين خمسة أنواع من الأعشاب، تعد مستحضراتها منها، بناءً على تجارب عدة، وتعمل حالياً على تصنيع صبغة شعر بألوان عدة، مُستَخلصة أيضًا من أعشاب آمنة، على أن تكون الصبغة سهلة الاستخدام، ولتحقيق النجاح في مشروعها هذا، تواصلت مع شركة أجنبية للحصول على دورة في هذا الحقل، كونها تحتاج معادلة كيميائية تحتاج إلى تعلمها لإنتاج صبغة شعر آمنة دون تدمير البُصيلات، وليس لها آثار جانبية مهما تم تكرر استخدامها، وقد تواصلت مع أطباء من الخارج للوصول لمعادلة المزج والحرارة، وستستمر في محاولاتها إلى حين حصولها على منتجها المُغلف بشكلٍ أنيق.
من حيث لا تدري، وجدت الأسيرة المحررة ناريمان سلامين نفسها مشدودة إلى الطبيعة والتواصل مع الأرض، وانكبّت على الزراعة المنزلية والاهتمام بالأعشاب وأنواعها. درست ناريمان الإعلام ومارست المهنة هنا وهناك، لكنها لم تجد ذاتها إلا حينما طرقت باب ريادة الأعمال.
ابنة بلدة "السموع" الواقعة جنوب مدينة الخليل، لم يرق لها استخدام مواد كيميائية، وفكرت في أن تستبدل بعض العلاجات بمستحضرات مُعدة من مستخلصات الطبيعة، ما قادها نحو البحث في الغذاء والمكملات الغذائية والاعتناء بالجسم بطريقة صحية.
خاص بآفاق البيئة والتنمية