الأسير وائل الجاغوب في مواجهة المؤبد والعزل الانفرادي

30.04.2021 02:10 PM

خاص وطن- ميس أبو غوش

 تواصل مخابرات الاحتلال وإدارة السجون، عزل الأسير وائل نعيم أحمد الجاغوب (44 عاماً) من بلدة بيتا في نابلس، للشهر العاشر على التوالي.

والجاغوب الذي يقضي حكماً بالسجن المؤبد منذ عام 2002، ومسؤول الجبهة الشعبية -فرع السجون، تعرض خلال اعتقاله لعدة جولات من التحقيق، في عام 2019 أُخضع لتحقيق متواصل دون تقديم لائحة اتهام ضده، وفي ذات العام قامت المخابرات بإخضاعه للتحقيق مدة 45 يوماً في مركز تحقيق "بيتاح تكفا"، وفرض العزل الانفرادي غير المحدد بمدة بحقه...

سلسلة عقوبات طالت العائلة

إضافة للعقوبات التي تعرّض لها الجاغوب، فعائلته محرومة من زيارته منذ عامين ونصف، فكانت آخر زيارة تمكنت فيها شقيقتيه روند ورندا، من زيارته لمدة 10 دقائق فقط، في الغرفة المخصصة للمحامين، بعد أن قامت إدارة السجن بإعلام العائلة أن وائل مُنع من الزيارة كعقوبة له، ولاقى الرفض احتجاج الأسرى خلال الزيارة، وبعد ذلك أُبلغت العائلة أن نجلها ممنوع من الزيارة لمدة 6 أشهر، ولكن بعد انتهاء المدة يتم تجديدها.

وبسبب الانقطاع المستمر بالتواصل بين جاغوب وعائلته، تلجأ والدته للتحدث معه عبر الإذاعات المحلية والبرامج المخصصة للأسرى بشكل أسبوعي، وقالت لـوطن: أتحدث عبر الإذاعات بناءً على طلب وائل، وأقل ما فيها الواحد بسمع أخبار أهله ويشعر بالراحة.

العزل سياسة لإخضاع مقاومة الأسير

لم يكن العقاب بالعزل المجرّد هو الأسلوب الوحيد الذي اتبعته إدارة السجون بحق الجاغوب، فقد جرى نقله أكثر من مرّة بين عزل وآخر؛ مجدو ومن ثم إلى ريمون، مما جعل زيارات المحامين له متقطعة بسبب طول المسافة، ورهناً للعقوبات التي تفرض مع العزل، لذلك لم يتمكن محاميه من زيارته أو حتى الاطمئنان على وضعه.

وأكد المحامي في مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، مازن أبو عون، لـوطن، أنه لم يتمكن من زيارة الجاغوب طوال فترة العزل، وأنه استطاع الاطلاع على وضعه مرّة واحدة فقط في آذار/مارس الفائت، خلال انعقاد جلسه في محكمة سالم العسكرية، وتم خلالها إصدار لائحة اتهام جديدة ضده، ولكن لم تُثبّتْ.

وأضاف المحامي أبو عون أن ظروف العزل سيئة جداً، تفتقر للشمس والتهوية، وجدران الزنازين الانفرادية رطبة وقديمة وشبيهة بزنازين التحقيق وقسوتها، والأسير فيها ممنوع من التواصل مع باقي الأسرى.

أم وائل التي لم تزره منذ سنوات، ولا تعلم ظروف عزله، سوى ما يتوفّر لها من معلومات من المحامين، قالت "شو بدي أقول عن العزل... أنا بكره أحكي فيه، السجن مقبرة الأحياء!"

وأضافت قائلة: وائل يقبع في زنزانة فردية معزولة عن العالم، مُنع من إدخال الأوراق والأقلام والكتب إلى زنانته.

"اتحمل لتيجي الصفقة وتتحرر وتكمل علاج أسنانك برّة"

تطال سهام الإهمال الطبي جميع الأسرى، ووائل يعاني من ألم بالأسنان بشكل مستمر، ولا يقدم له أي علاج جذري لتخفيف آلمه، ويقتصر دور الإدارة بتقديم المسكّنات له، وتقول أم وائل: أخبرني خلال الزيارات السابقة، عن معاناته المستمرة مع وجع الأسنان، وطلبت منه التحمّل إلى أن تأتي صفقة التبادل ليكمل علاجه خارج المعتقل.

نضال منذ الطفولة

تصف أم وائل رحلتها الطويلة بين السجون وراء وائل منذ أول اعتقال عندما كان عمره 15 عاماً: "ما في سجن بعتب علي، رحت الفارعة، نابلس، الجنيد، الدامون، شطة، مجدو، النقب، ريمون، نفحة".

وفي عمر السادسة عشر خلال الانتفاضة الأولى، واعتقل وائل للمرة الثانية مع مجموعة من شبان بلدته "بيتا" جنوب نابلس، وقضى في تحقيق الفارعة 40 يوماً، ونقل بعدها إلى سجن نابلس ومن ثم إلى "الجنيد"، وحكم عليه بالسجن الفعلي مدة 6 سنوات.

وأضافت والدته، أنه وبعد اتفاق أوسلو، نُقل وائل إلى سجون الداخل المحتل، بداية في سجن الدامون لمدة سنة ومن ثم نقل إلى سجن شطة ومجدو.

ولفتت إلى أن والده، توفي عندما كان وائل عمره 4 سنوات، ولم يعش طفولته ومرحلة المراهقة خارج الأسر، فكان مميزاً بين أبناء جيله. محباً للقراءة والكتابة.

وبعد 4 سنوات من الحرية، اعتقل مجدداً في يناير 2001 وحوكم بالسجن المؤبد بتهمة تنفيذ عمليات ضد الاحتلال في منطقة نابلس.

وخلال العشرين عاماً تعرّض وائل لمقع استثنائي متعمد من قبل إدارة الاحتلال، فلم يكن يُسمح له بالبقاء في الأقسام أكثر من شهر، حيث تم نقله أكثر من 6 مرات ما بين سجن ريمون ونفحه وجلبوع، في محاولة لقطع تواصله مع قيادة الحركة الأسيرة في السجون.

قلمٌ حر.. أسيرٌ حر

يعتبر الجاغوب أحد أبرز أدباء الحركة الأسيرة، أصدر العديد من المؤلفات والدراسات، المحملّة بالهم الجمعي للحركة الأسيرة، من ضمنها، "رسائل في التجربة الاعتقالية"، الذي أرّخ من خلاله لمراحل مختلفة من نضال الحركة الأسيرة وشهداءها، وكتاب "التجربة التنظيميّة والاعتقاليّة لمنظمة فرع السجون" ، ويتناول الفترة  ما بين (2006- 2016) برفقة الأسير كميل أبو حنيش، وكتاب "أحلام أسيرة" الصادر عام 2007.

كما صدر له مقالات ودراسات سياسية تتعلق بالأسر، ودرسات فكرية متنوعة، من ضمنها دراسة "حول أزمة اليسار الفلسطيني وسبل النهوض".

وتقول والدته إن أكثر الكتب التي أصدرها وائل تاثيراً عليها، هو كتاب رسائل في التجربة الإعتقالية، وأضافت أن هذه الكتابات تشبه وائل، وتعبّر عن  وحياته، وكل كلمة تحمل في ذاتها قصة. وأي أسير ترى كلماته النور تكون مجبولة بالألم والمعاناة.

العائلة محطة من محطات القوة

يستمد الأسير من عائلته القوة والأمل، لوائل 4 أشقاء؛ محمد، الذي تعرّض للاعتقال عام 2007، ما مكنه من لقاء وائل في سجن جلوع، و3 شقيقات يواصلن زيارته في حال سمح لهن، وأمه التي كانت السد القوي، في ظل وفاة والده وهو في عمر الرابعة وتنقلها خلال سنوات اعتقاله.

ويصف وائل في مقابلة صحفية مع "بوابة الهدف" ارتباطه بأمه بالقول "أمي أهم شخصية في حياتي وتجربتي، فهي مدرسة للصبر، حاولت أن أتعلم منها، وهي إرادة لا تلين، وانشداد دائم لإمكانية إحداث الفارق".
 

تصميم وتطوير