"رغدة جينز" تحارب البلاستيك بحقائب أصلُها قُصاصات

09.03.2021 02:36 PM

وطن- حسناء الرنتيسي: تحب رغدة بيشاوي ارتداء "الجينز" وترى أنه موضة دارجة ولا تنتهي صيحته، الفصل الأهم في حكايتها بدأ عندما قررت أن تلبس من تصاميمها، فأنتجت مجموعتها الخاصة من "الجينز"، ثم فكرت في طريقة للاستفادة من أكوام القماش المتبقية من القص والحياكة واهتدت إلى فكرة الحقائب المعاد تدويرها، لتُدرج الفتاة النابلسية في مشروعها تلك القصاصات؛ تحت بند "المسؤولية الاجتماعية" والتي بمقتضاها يتحقق الحفاظ على التوازن بين الاقتصاد والنظم البيئية.

الفتاة العشرينية، رغدة، تهيأت لها الظروف حتى تقدم على خطوة من هذا النوع، والدها له باعٌ في تجارة الأقمشة، وأمها تعمل في الخياطة بالمنزل، إذن لا عجب من أن يكون "إبن البط عوام"، فهي موهوبة في الرسم، وكان الهدف واضح أمامها: إطلاق ماركة تعطي صورة مشرقة عن فلسطين وجودة إنتاجها.

وبعد سلسلة من التدريبات الشاقة تمكّنت من إطلاق أول خط إنتاج يحمل اسمها، هذه العلامة التجارية أو براند "رغدة جينز" تضمنت ثلاثة تصاميم من الجينز، التي اختارت قماشها ووضعت لمستها الجمالية فيها، وما أحلى أول ثمرة للتعب.
تستهل ابنة نابلس حديثها معنا بالقول: "شغلي الشاغل هو المنافسة بجودة عالية مع مراعاة الجانب الصحي والبيئي في تصاميمي حتى تدخل منتجاتي بجدارة إلى الأسواق العالمية، وقد تعمدت أن يكون للقطن حضور واضح في القماش، من أجل ألبسة مريحة ومناسبة وصحية، وصديقة للبيئة في الوقت نفسه".

نهج شركات عالمية

تدرس رغدة الماجستير في تخصص "العلاقات العامة"، وكانت التجارة الالكترونية "جواز سفر" لحقت عن طريقها بركب الموضة.
تخبرنا عن البدايات قائلة: "لمِا يزيد عن أربع سنوات انخرطت في نشاط البيع " “on line، وتاجرت بماركات عالمية ولم يكن هذا النوع من التجارة رائجاً كما هو الحال الآن، حتى أنها في وقت باكر لم تلقَ ثقة الزبائن في مجتمعنا بسهولة؛ إلا أني مضيت في طريقي وراكمت الخبرة المطلوبة".

الربح السريع لم يكن أولويتها، وإنما دراسة أذواق الزبائن وتفضيلاتهم، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى استهوتها دراسة أفكار ومنتجات الشركات العالمية وأساليبها التسويقية، وجذَبها مستوى الجودة والإتقان الذي تلتزم به، لتجده السبب المباشر في رواج بضائعها، ناهيك عن جانب المسؤولية الاجتماعية الذي يُعد جزءًا أصيلاً في حملاتها الترويجية، عبر منتجات صديقة للبيئة، وحسب رأيها "كانت شركات الأزياء تلك؛ نماذج يحتذى بها في الجمع بين لمسات التصميم والحس المسؤول الذي يلفت انتباه  المجتمع لتقويم سلوكيات وخيمة العواقب". 

همسة توعوية

تحكي لنا الشابة الواثقة من نفسها باعتدال، التفاصيل، وتتذكر الفترة الطويلة التي قضتها في البيت بسبب الإغلاقات التي فرضتها جائحة كورونا، شهور من الفراغ مرت ثقيلة على فتاة طموحة مثلها، خشيت أن يضيع الوقت سدى فاتجهت نحو التعليم الالكتروني، بعد أن أطلقت الجامعات والمعاهد ودور الفن والأزياء دروساً مجانية، ليقع اختيارها على مجال الموضة عن طريق الالتحاق بدورات في التصميم والرسم والخياطة.

ولما كانت فترة الجائحة فرصة ذهبية لتصنع التجارة الالكترونية مجدها إبّان الإغلاق الذي شهدته كافة المحافظات، وكانت أيضاً فرصة رغدة لتخوض غمار التجربة وتضرب عصفورين بحجر واحد.

في تلك الفترة تسنى لها إطلاق خط الإنتاج الخاص بها، وثمة معلومة مهمة تخص رغدة، هي واحدة من ألدّ أعداء البلاستيك، لكونه يضع فلسطين في قائمة الدول الأكثر استهلاكاً كملوث يصعب التخلص منه، ولذا راودتها رغبة عميقة أن تدعو عبر تصميماتها البسيطة إلى تجنب استخدام البلاستيك في الحياة اليومية، وكأن حقائبها المعاد تدويرها "همسة توعوية" باللغة التي تجيدها صاحبتها.
وينتابها الغضب منه، لأسباب كثيرة كما توضح، فهو يتحلل بعد مئات السنين، ويؤثر على حياة الحيوانات والكائنات البحرية، ويسبب للإنسان أمراضاً قاتلة، وما يغيظها أكثر أن السواد الأعظم يفتقر للوعي.

وتضيف بيشاوي في السياق نفسه: "توجد 127 دولة لديها تشريعات خاصة بأكياس البلاستيك، والدنمارك كانت من أوائل الدول التي حظرت استخدامه، بل أن من يستخدمه يتوجب عليه دفع غرامة، وفي فرنسا وكينيا يحبس المخالف أربع سنوات أو يدفع غرامة قدرها 40 ألف دولار، وتفرض بريطانيا ضريبة على أكياس البلاستيك".

وتواصل توضيح وجهة نظرها "يقع على عاتق الشباب الفلسطيني أخذ موقف صارم حيال الاستخدام المفرط للبلاستيك، ليتنا نضع مصلحة بلادنا على رأس أولوياتنا قبل نجاحاتنا الشخصية، بالمختصر إنه نهجي في الحياة".

حقيبة تسوق عصرية

تقول رغدة أنها بعد طول بحث ومراقبة، تبين لها أن عادة التسوق عند المواطنين يغلب عليها المبالغة في استهلاك البلاستيك، إذ يتجمع لدى ربات المنازل والصبايا أكياساً كثيرة بعد كل جولة تسوق، وينتهي بها الحال إلى القمامة لتتراكم بعدها على شكل نفايات وتغدو عبئاً بيئياً وصحياً على المجتمع.

"إذن ما الحل".. تساءلت وفكرت ثم هتفت "وجدتها".. الحل الذي راق لها، "حقيبة تسوق عصرية صالحة للاستخدام لمرات عدة؛ لتساعد المرأة على التقليل من استهلاك البلاستيك" تبعاً لحديثها.
"قصاصات الجينز عندما تحولت على يديك إلى حقائب بأحجام مختلفة.. هل كان من السهل إضفاء رونق الجمال عليها؟..تجيبني بقولها "بذلت جهدي لتتميز الحقائب المعاد تدويرها بالمتانة والقوة والمظهر العصري الجذاب، إذ يمكن للفتاة طباعة صورة أو شعار ما أو وضع تطريز أو نقش على أحد جوانبها".

بعد إنتاج مجموعتها الخاصة من "الجينز"، فكرت رغدة بيشاوي بطريقة للاستفادة من أكوام القماش المتبقية من القص والحياكة، لتُدرج الفتاة النابلسية في مشروعها تلك القصاصات تحت بند "المسؤولية الاجتماعية" والتي بمقتضاها يتحقق الحفاظ على التوازن بين الاقتصاد والنظم البيئية.

بعد طول بحث ومراقبة، تبين لها أن عادة التسوق عند المواطنين يغلب عليها المبالغة في استهلاك البلاستيك، إذ يتجمع لدى ربات المنازل والصبايا أكياساً كثيرة بعد كل جولة تسوق، وينتهي بها الحال إلى القمامة لتتراكم بعدها على شكل نفايات تغدو عبئاً بيئياًوصحياً على المجتمع.

واهتدت بيشاوي إلى فكرة جميلة، أن تحيك من قصاصات الجينز حقائب بأحجام مختلفة، لتتميز الحقائب المعاد تدويرها بالمتانة والقوة والمظهر العصري الجذاب، ويمكن للفتاة طباعة صورة أو شعار ما أو وضع تطريز أو نقشٍ على أحد جوانبها.


تصميم وتطوير