عناوين مقلقة اوباما وكندا والفقر - سامر عبده عقروق

10.03.2013 11:37 AM
عنواننا اليوم جاء بعد حديث شبه صريح مع زميلي خالد مفلح الذي قال لي انه شاهد الكثير من الأوضاع المأساوية في نابلس والبلدات والقرى والمخيمات عند زياراته الميدانية، عزيزي خالد هناك الكثير من العناوين المقلقة التي يمكن الكتابة حولها وتمس بشكل مباشر حياة إنساننا الفلسطيني، ولكن لأننا ككتاب أو صحفيين نخجل كثيرا ونجامل كثيرا عند تناول هذه المواضيع ونبتعد في تناولها عن الموضوعية لأننا نعمد إلى التنميق والزخرفة اللغوية، ولا نريد أن يزعل منا فلان وعلان، ومنها العناوين التالية:

العنوان المقلق، بل المفزع الأول تصريحات الرئيس الأمريكي اوباما الذي قال ،ليس لدى ما أقوله للفلسطينيين، ليس لدي مبادرات جديدة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وليس لدي طروح جديدة، وأنا ملتزم بأمن إسرائيل، هذه العبارات التي أطلقها الرئيس الأمريكي اوباما قبل زيارته المقررة لدولة فلسطين، وكأنه يقول للذين سيستقبلونه في رام الله لا تتوقعوا مني الكثير واجعلوا أجندة زيارتي وفق سقف محدد ، لا تطلبوا مني وقف الاستيطان ولا مصادرة الأراضي، واحرصوا أن لا تتضمن أجندتكم بحث إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، ولا تطلبوا مني حلا سحريا لازمتكم المالية.

اعتقد وبعد هذه التصريحات انه لا داعي لزيارة اوباما إلى فلسطين، وخاصة انه سيذهب لزيارة المسجد الأقصى تحت حراب الاحتلال وفي حماية جنوده، وهذا الأمر له دلالة كبيرة، بل وكبيرة جدا، وهذه الدلالة تحمل معنى تكريس احتلال القدس والاعتراف بكونها جزء من دولة الاحتلال، وبالتأكيد سيرافق زيارة اوباما للقدس وللمسجد الأقصى الكثير من رموز الصهيونية من مختلف دول العالم، وقد يرافقه عدد من الحاخات المتعصبون وعتاة الاستيطان.

سيقول الكثيرين، ومن بينهم المفاوضين الفلسطينيين إننا لا نستطيع إلا أن نستقبله من باب الدبلوماسية وهو رئيس اكبر دولة في العالم، وبالتأكيد سيجلب معه بعض الأموال التي تم مناقشة الإفراج عنها في الكونغرس، ولكني أحبتي لا أحب هذا العنوان واخشي من الثمن الذي سندفعه عقب هذه الزيارة.

أما العنوان المقلق الثاني الذي يتداوله الشارع الفلسطيني، فهو سؤال كبير يتعلق بإحدى الدول الراعية لمفاهيم وممارسات حقوق الإنسان، وأنا أتحدث هنا عن كندا، وكندا لمن لا يعرف تنفق من خلال مؤسساتها المنتشرة في دول العالم ومن ضمنها فلسطين، ملايين الدولارات لبث ونشر مفهوم التسامح والتعايش بين الشعوب وتستخدم في بلادنا فلسطين العديد من الشخصيات لذلك، لست اعرف كيف يمكن أن نفهم موقف كندا المعادي، وبكل صراحة، للإنسان الفلسطيني، كيف يمكن أن نفهم الموقف العدائي للحكومة الكندية لحقوقنا واعتراضها على التوجه إلى مؤسسات الشرعية الدولية، واعتقد أن التوجه إلى القانون الدولي والمعاهدات الدولية ليست قضية فيها عداء للإنسانية ، وليس بها خروج عن المألوف ولا تتعارض مع مفاهيم التعايش والتسامح التي تبثها كندا في فلسطين وغيرها، وشعبنا عندما يتوجه إلى المؤسسات الدولية لمعالجة قضايا 8000 أسير في سجون الاحتلال يعيشون في ظروف بعيده كل البعد عن الحياة الإنسانية وتمارس ضدهم صروف من الممارسات التعسفية، هذا الأمر ليس به خروج عن المألوف، ولا اعتقد أن شعبنا ينتهك حق أي احد يطالب بوقف الاستيطان ومصادرة الأراضي، والتي تعتبر ممارسة مخالفة لكل المواثيق الدولية وممارسات القانون

الدولي وبها انتهاك صريح لحقوق الإنسان الفلسطيني، والغريب أن كندا لم تثور ولم تتوتر لكل هذه الممارسات.

اعتذر لكل الذين صدقوا يوما أن كندا دولة حيادية، أو دولة تؤمن بحقوق الإنسان أو أنها تحرص على ذلك، وتثبت تصريحات وزير خارجية كندا أن ما تنفقه هذه الدولة من ملايين من اجل هذا الأمر ما هي إلا لدس السم في هذه المفاهيم التي تقدمها للناس، أو أن كندا وحكومتها ووزير خارجيتها تعمل من خلال كبسة الضغط الموجودة في معقل الحركة الصهيونية في البيت الأبيض وغيرها من المؤسسات، يطلب منها أن تصرح فتصرح، يطلب منها أن تشجب وتستنكر فتفعل، يطلب منها أن تناصب العداء وتنتهك الحقوق للشعوب المضطهدة فتفعل، كندا أم كنكا على رأي أخواننا المصريين.

العنوان الأخير، هل تصدق أن الناس في نابلس وغيرها قد عادت، ونتيجة للظروف القاسية، وسياسة نصف الراتب، عادت إلى أسلوب الاستهلاك المقنن، ولا اعني المعني الايجابي لمصطلح المقنن، عدد من أصحاب محلات التموين في البلدة القديمة في نابلس وخارجها أشاروا إلى أن الناس ، ونتيجة لضيق الحال الاقتصادية وغياب الرواتب قد عادوا إلى سياسة شراء وقيه أو نصف كيلو أرز، ربع أوقية شاي، زيت قلي حجم صغير، 3 شيكل حلاوة، 4 شيكل لبنة، 5 شيكل زيت زيتون، عادوا إلى شراء الخبز الجافر، من اليوم الفائت، لأنه يباع بنصف السعر، عاد الناس إلى شراء وقيه لحمة فرمه، أو وقيه لحمة كفته، 5 بيضات وهكذا، وكل هذا الأمور إضافة إلى أن الكثير من العاملين الاجتماعيين يقدمون تقارير إلى مؤسساتهم حول أوضاع معيشية سيئة جدا داخل البيوت، والى أن هناك حالات بعيدة كل البعد عن الحياة الإنسانية، ما السبب؟ لماذا هذا التضخم في حجم الفقر في مجتمعنا الفلسطيني؟ ماذا قدمنا من علاج؟ متى سيتوقف الضنك الذي يعيشه الإنسان الفلسطيني؟

احد الظرفاء من الأصدقاء وهو معلم مدرسة تقدم لي بفكرة وطلب مني نقلها إلى رئيس الوزراء ووزير التموين ووزيرة الشؤون الاجتماعية وهي إصدار بطاقة ( نصف الثمن)، وملخصها بما أن سياسة الحكومة هي سياسة نصف الراتب، فالاقتراح ، أن يتم إصدار هذه البطاقة وتعميمها على الشركات والمؤسسات مثل البلديات، والاتصالات وجوال، وشركة الكهرباء ومحلات التموين، حيث يدفع المواطن نصف الثمن عن كل خدمة أو سلعة يحصل عليها وان يسدد النصف الثاني عند صرف الحكومة للنصف الثاني من الراتب.

هذه عناوين مقلقة لشارعنا الفلسطيني، نرجو من رئيسنا ورئيسي وزرائنا والمفاوضين باسمنا والمتصارعين على حكمنا أن يأخذوها بعين الاعتبار عند اجتماعهم القادم، لأنها قضايا وعناوين ملحة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير