خلال مؤتمر مسارات.. ممثلو فصائل ومستقلون يطرحون تصوّرات لدعم وإنجاح المصالحة الوطنية
خلال لقاء وطني نظّمه مسارات بحضور 600 مشارك.. ممثلو فصائل ومستقلون يطرحون تصوّرات لدعم وإنجاح المصالحة الوطنية
(البيرة، غزة)- وطن: طرح سياسيون وممثلون عن عدد من الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني تصورات وآليات عملية لدعم الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية، وذلك عشية الحوار الوطني الشامل الذي ترعاه جمهورية مصر العربية. وأكدوا أهمية تخطي جميع العقبات وإزالة العراقيل التي تعترض طريق تحقيق المصالحة الفلسطينية.
جاء ذلك خلال لقاء وطني حواري نظمه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) بعنوان "متطلبات دعم وإنجاح مسار المصالحة الوطنية"، في مدينتي رام الله وغزة، بحضور أكثر من 600 شخصية من السياسيين والأكاديميين وممثلين عن المجتمع المدني والمرأة والشباب، إضافة إلى حضور القنصل المصري العام خالد سامي.
وهدف اللقاء إلى تقديم تصورات حول متطلبات التقدم في مسار المصالحة من خلال تطوير وتنفيذ الاتفاقات والتفاهمات التي جرى التوافق عليها، وإزالة العراقيل التي تعترض تنفيذها، واقتراح أفكار واقعية وآليات عملية لمعالجة مختلف ملفات المصالحة، وبخاصة القضايا العالقة.
وقال محمد اشتية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، خلال اللقاء، إن المطلوب أن تكون المصالحة اتفاقًا شاملًا حول جميع القضايا، حتى لا يحصل معنا مثلما حصل في "اتفاق أوسلو"، إذ إنه لو تضمن أوسلو اتفاقًا شاملًا لاختلف الوضع. وأضاف: المصالحة مصلحة وطنية علينا أن نخرج منها مجتمعين، فنحن في "فتح" لا نبحث عن تقاسم وظيفي، بل نبحث عن شراكة مع الجميع.
أما يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، فأكد أن المصالحة هي الفريضة الأولى، حيث تتقدم على الفرائض الخمس، وهي ليست شأنًا فتحاويًا أو حمساويًا فقط، وإنما تهمّ الكل الفلسطيني، وعليها أن تنجح، ونحن اندفعنا نحوها للشعور بالمسؤولية العظيمة، كوننا نمر في مرحلة تتوجب علينا إنقاذ القضية الفلسطينية من المأزق التي تعيشه، مضيفًا: نحن أولويتنا في "حماس" النهوض بالمشروع الوطني.
الجلسة الافتتاحية
وكان تحدث في الجلسة الافتتاحية كل من: هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، وممدوح العكر، رئيس مجلس أمناء مسارات، ومأمون أبو شهلا، وزير العمل، ومحمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل.
وقال المصري إن الوحدة الوطنية التي يحتاج إليها الشعب بحاجة إلى ركائز ثلاث: أولًا، رؤية شاملة يتم فيها مراجعة التجربة السابقة واستخلاص الدروس والعبر، مع التركيز على تغيير موازين القوى وتعزيز صمود الشعب على أرض وطنه، وثانيًا، إرادة صلبة يستعد أصحابها إلى دفع ثمن خياراتهم، وثالثًا، بلورة خطة عمل تسعى لتحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من دون التفريط بالقضية وأهداف الشعب وحقوقه، وتنطلق هذه الخطة من الأمر الواقع لتغييره، وتنطلق من أن المنظمة إطار جبهوي يمثل الشعب الفلسطيني، وأن السلطة تدير جزءًا من الشعب ومقيدة بالتزامات يجب التحرر منها.
وأضاف: تمثل هذه الركائز حجر الأساس من أجل الاتفاق على رزمة شاملة تتضمن إعادة بناء مؤسسات المنظمة وتوحيدها وإصلاحها بشكل ديمقراطي شامل، على أسس وطنية، وديمقراطية توافقية جبهوية، ومشاركة سياسية حقيقية، وتركيز العمل والنضال على تغيير طبيعة السلطة وشكلها والتزاماتها ووظائفها لكي تصبح أداة من أدوات منظمة التحرير لخدمة البرنامج الوطني، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تستند إلى برنامج سياسي، وتوحيد الأجهزة الأمنية على أسس مهنية، إضافة إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية والمدنية والحقوقية.
وقدم العكر أفكارًا في سياق تعزيز فرص إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، موضحًا أننا ما زلنا في مرحلة تحرر وطني ولم ندخل مرحلة الاستقلال وبناء الدولة، ولن ننجز الاستقلال إلا عبر الفعل التحرري وتبني إستراتيجية وبرنامج تحرر وطني، ومواجهة المشروع الاستعماري الاستيطاني، مشيرًا إلى أن أفضل صيغة للوحدة الوطنية في مرحلة التحرر الوطني هي صيغة الجبهة الوطنية العريضة، خاصة في ظل فشل صيغة الحزب القائد أو الفصيل القائد، والالتزام بهذه الصيغة يبدأ بعقد الإطار القيادي المؤقت كخطوة وحدوية أولى.
وأوضح أنه لا بد من إخضاع أي انتخابات قادمة ونتائجها لمنطق وسياق ومقتضيات الجبهة الوطنية العريضة، وليس إلى منطق وسياق ومقتضيات الدول المستقلة والمستقرة، وأنه يجب نقاش الأمن وسلاح المقاومة ضمن الجبهة الوطنية التي تقتضي بعدم انفراد أي طرف بأي قرار إستراتيجي كقرار الحرب أو السلم، مشددًا على ضرورة التعامل مع موضوع معبر رفح بخصوصية وبمنظور إستراتيجي يعي الأهداف الإسرائيلية تجاه هذا المعبر من جهة، كما يعي عدم إهمال الأهمية الإستراتيجية لفتح الممر الآمن مع الضفة الغربية.
وقال بركة إنه لا يجوز التراجع عن مسار المصالحة بأي شكل من الأشكال، فهناك أمور قد تبقى عالقة، أو غير متفق عليها، لكن يجب من خلال الوحدة الوطنية أن نحسن إدارة مشروعي التوافق والاختلاف، ويجب أن يكون هذا الأمر في صلب أي حوار، دون السماح بأي عودة إلى الوراء؛ أي إلى الانقسام. وأكد أن معظم الشعب الفلسطيني ملتزم بالوحدة قولًا ومصلحة، وأن المستفيدين من الانقسام قلة قليلة، مطالبًا الفلسطينيين بالتضامن مع أنفسهم في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يصادف 29 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري.
وبين أن أميركا وإسرائيل ليستا من أنصار المصالحة الفلسطينية، حتى وإن بدا للبعض أن هناك تقبلًا خجولًا للمصالحة عندهما، فإسرائيل لا تريد المصالحة، وهي تحاول مدعومة من أميركا القضاء على المشروع الوطني الفلسطيني المتمثل بحق تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة والعودة، لا سيما في ظل وجود حكومة أكثر يمينية في إسرائيل.
بدوره، قال أبو شهلا إن عددًا من الملفات المهمة والحساسة المتعلقة بالمصالحة الفلسطينية تحتاج إلى حسم وقرارات سريعة للوصول إلى مصالحة وطنية ومجتمعية شاملة بين الأطراف الفلسطينية، ولا بد من تفاهمات وطنية ومجتمعية شاملة بين الأطراف الفلسطينية، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني صاحب الحق الشرعي في المقاومة بكل أشكالها المسلحة والشعبية، لأننا لا نزال في حالة اشتباك مع الطرف الإسرائيلي، ولم نصل إلى مرحلة إنهاء الاحتلال والتوقيع على اتفاقيات سلام تضع مصالح شعبنا في الإطار الشرعي والصحيح.
وقدم رؤية لعمل اللجنة الإدارية القانونية، داعيًا إلى "وجوب الإعلان عن شبكة أمان للموظفين على الأقل في السنوات الثلاث القادمة، والخروج من فكرة المحاصصة، وإلى إيجاد حلول لجميع الموظفين القدامى والجدد. أما على صعيد المعابر، فأكد أن هذا الموضوع في الإطار الفلسطيني سهل جدًا، ولا يحتاج إلا إلى قرار سريع من اللجنة الإدارية بالتعاون مع دائرة المعابر، مبينًا أن الموضوع الأصعب هو الحصار الذي تفرضه علينا "إسرائيل" في حركة الأفراد والبضائع وإمكانية فتح المطار وبناء الميناء، مشيراً إلى أن هذه القضايا تحتاج إلى جهد ووقت بعد إتمام المصالحة الفلسطينية.
الجلسة الأولى
وفي الجلسة الأولى التي أدارها سلطان ياسين، منسق برنامج دعم الحوار الفلسطيني، تحدّث فيها كل من: كايد الغول، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، وقيس عبد الكريم، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية، وبسام الصالحي، الأمين العام لحزب الشعب، ومحسن أبو رمضان، عضو لجنة دعم الوحدة الوطنية، ويسري درويش، ممثل "وطنيون لإنهاء الانقسام".
طالب الغول بإبداء الالتزام باتفاق القاهرة 2011، وعدم العودة عنه للوراء، والبناء على الاتفاق الثنائي بين فتح وحماس، رغم رؤيته أن طريق الحوار الشامل هو الموصل لإنهاء الانقسام، وتطوير وثيقة الوفاق الوطني، للوصول إلى برنامج سياسي مشترك يحافظ على مصالح شعبنا وينظم الهدف الوطني الجامع، إضافة إلى إعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية كأولوية قصوى لحماية مكانتها ودورها، من خلال مواصلة اجتماعات اللجنة التحضيرية، وعقد مجلس وطني توحيدي.
ودعا إلى شراكة وطنية، وإلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على توحيد مؤسسات السلطة وإنهاء مظاهر الانقسام وتوفير الاحتياجات للمواطنين، وإلى اعتماد الانتخابات الديموقراطية بنظام التمثيل النسبي الكامل، إلى جانب معالجة ملف الأمن بالاستناد إلى ما جاء في اتفاقية 2011. وأوصى بضرورة تنظيم كل الجهود السياسية المجتمعية في إطار خطة واحدة، تتواصل فيها الفعاليات دون توقف، بدلاً من العمل المجزأ الذي لا يعطي تأثيرات كبيرة.
بدوه، أكد عبد الكريم على ضروة أن تدار المصالحة بروح الشراكة الوطنية على أساس معادلة لا غالب ولا مغلوب، مطالبًا بإعادة الاعتبار للأساس السياسي المتفق عليه، ويتمثل باتفاقية الوفاق الوطني، ويمكن منها اشتقاق خطة عمل مشتركة، مع الأخذ بعين الاعتبار التباينات داخل الحركة الوطنية، ومشددًا على ضرورة الالتزام بالاتفاقات والتفاهمات التي جرى التوصل إليها باعتبارها تشكل حلولًا للمشكلات التي قد تعترض طريق المصالحة، وهذا لا يعني أن نلتزم بها حرفيًا.
وأشاد بالالتفاف الجماهيري حول المصالحة الذي تمثل بخروج الآلاف لاستقبال الحكومة، داعيًا إلى إزالة جميع العقوبات الأخيرة على قطاع غزة لانتفاء أسبابها.
أما الصالحي، فقد دعا إلى الاتفاق على إستراتيجية سياسية تتجاوز اتفاق أوسلو، وتستند إلى مكانة دولة فلسطين بعد حصولها على العضوية المراقبة، وإلى إعلان موسكو وإلى قرارات المجلس المركزي المقرة في العام 2015، وإلى وثيقة الوفاق الوطني. كما أوصى بتأسيس مجلس تأسيسي لدولة فلسطين يتكون من أعضاء المجلسين التشريعي والمركزي ويمكن أن يضم آخرين إلى حين إجراء الانتخابات، على أن يقوم هذا المجلس بإعادة صياغة القانون الأساسي (الدستور) الذي يحدد طبيعة النظام السياسي للدولة الفلسطينية.
وطالب بعدم التلكؤ في معالجة القضايا الإنسانية في قطاع غزة كأحد متطلبات الحالة الوطنية من خلال التعاون مع مصر، مضيفًا: إننا نريد مصالحة تؤدي إلى تصليب الموقف الوطني في مواجهة مخطط يواجه القضية الفلسطينية، وتعالج القضايا الإنسانية، وتحافظ على الديمقراطية والتعددية للنظام السياسي الفلسطيني.
وقال أبو رمضان إنه بسبب تكرار محاولات تحقيق المصالحة الوطنية والإخفاقات التي حصلت رغم هذه المحاولات، فإن لجنة دعم وتطوير الوحدة الوطنية التي رعاها مركز مسارات، ترى بأهمية إعادة طرح وثيقة الوحدة الوطنية التي كانت نتاجًا لسلسلة من اللقاءات والحوارات والآراء ووجهات النظر شارك فيها ممثلون عن القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني من مختلف التجمعات الفلسطينية، مبينًا أن طرح هذه الوثيقة يزداد مع اقتراب لقاء الفصائل بالقاهرة، لكي تشكل أرضية مهمة لهذه الحوارات باتجاه إرساء قواعد المصالحة على طريق تحقيق الوحدة الوطنية الشاملة التي تستند إلى رؤية جمعية تشاركية.
وبيّن أن الوثيقة تعالج الوحدة الوطنية في مستويين: مستوى يشمل ملفات البرنامج السياسي والحكومة والإطار القيادي المؤقت للمنظمة، وآخر يشمل تجديد الشريعة الوطنية "المنظمة والسلطة"، والعقد الاجتماعي، والانتخابات.
بدوره، دعا درويش إلى الإعلان عن التراجع الفوري عن الإجراءات العقابية الأخيرة المتخذة ضد قطاع غزة، داعيًا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإلى إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير على أسس ديمقراطية وشراكة حقيقية، وإلى إجراء الانتخابات. وأشاد بهذا اللقاء الوطني للمساهمة في دعم حوار القاهرة، مطالبًا بالمشاركة الواسعة في الفعاليات الوطنية والشعبية الداعمة للوحدة والضاغطة على الفصائل في سبيل إنهاء الانقسام.
الجلسة الثانية
تحدث في الجلسة الثانية التي أدارها صلاح عبد العاطي، مدير مكتب مسارات في غزة، كل من: خالد البطش، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، وسامر عنبتاوي، ممثل المبادرة الوطنية، وأمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية، إضافة إلى الناشطة الشبابية إسلام الحصري.
ورأى البطش أن تحقيق المصالحة يسير في مسارين: مسار يعالج القضايا الإنسانية الحياتية يشمل رفع العقوبات وتلبية الاحتياجات، ومسار آخر يبحث في القضايا السياسية، داعيًا إلى الالتزام باتفاق القاهرة 2011 وبإعلان القاهرة 2005، ومؤكدًا أن منظمة التحرير هي مفتاح الحل للبرنامج والشراكة الوطنيين، فلا بد من تحقيق الشراكة بين مكونات الشعب الفلسطيني لعدم العودة إلى الاقتتال الداخلي.
وطالب بتشكيل لجنة أمنية مشتركة لتكون بمثابة المجلس الأمن القومي السابق، بإشراف مصري وعربي، تقوم بمهمة دمج الأجهزة الأمنية على عقيدة أمنية جديدة، وفق ما اتُفق عليه في اتفاق القاهرة 2011، موضحًا أن قرار المقاومة والتهدئة والسلاح والمفاوضات هي قضايا تناقش في هدوء، فقد نختلف حولها، لذا لا بد من الحوار حولها.
بدوره، أكد عنبتاوي ضرورة أن تكون المصالحة وطنية شاملة وليس بين طرفين، من خلال العمل على مبدأ الشراكة السياسية الكاملة، داعيًا إلى تشكيل قيادة وطنية موحدة، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، مؤكدًا أنه يجب التفريق بين الأمن الداخلي والمقاومة، وأن القرار السياسي والكفاحي جماعي ومشترك.
وطالب بتشكيل حكومة وحدة وطنية تدعو إلى انتخابات رئاسية وتشريعية، وإلى إطلاق يد لجنة الحريات لتمارس عملها في إرسال الحريات وإزالة كل ما ترتب عن الانقسام.
أما الشوا، فبين أن الانقسام أثّر سلبًا على وحدة المجتمع المدني، إذ أثر على عمل النقابات والاتحادات، وأضعف من قوة دفع مؤسسات المجتمع المدني، داعيًا إلى تحقيق المصالحة وفق آليات الشراكة الديمقراطية المستندة إلى تنظيم الانتخابات الدورية للرئاسة والمجلسين التشريعي والوطني، وإلى الانتقال فورًا إلى الحوار الوطني الشامل بمشاركة كل مكونات المجتمع الفلسطيني.
وأشار إلى أهمية تشكيل حاضنة اجتماعية ترفض العودة إلى الانقسام وتدفع باتجاه تحقيق الوحدة القائمة على الشراكة بين مختلف مكونات المجتمع، وبما يعزز الدور المصري، مع ضرورة وقف التشريعات والإجراءات في ظل المصالحة، وأن تكون هناك رقابة مجتمعية فلسطينية على آليات تنفيذ اتفاق المصالحة وخطواتها.
بدورها، طالبت الحصري بتوفير ضمانات فعلية لنجاح المصالحة، "لأننا لا نريد أن تكون مصالحة شكلية حتى ترتبط كافة الفصائل بمسؤوليتها المشتركة ارتباطًا وثيقًا. فمن دون المشاركة الحقيقة لن تقوم لنا قامة، فلا حل سحريًا لكل مشاكلنا كشعب، وشباب على وجه الخصوص، ولكن ستكون المصالحة مطلبًا أوليًا للجميع".
ودعت إلى السعي نحو عقد اجتماعي يستند إلى فكرة المواطنة، وإقرار حقوق الشباب في المشاركة السياسة استنادًا إلى وثيقة الاستقلال، وإلى مبادرة الحراك الشبابي بأطره ومنظماته الشعبية والأهلية إلى تنظيم حملات ضاغطة وداعمة للمصالحة. كما أشارت إلى ضرورة وضع خطط لتعبئة الجيل الشاب وتثقيفه بطرق حل النزاعات والعمل على الحل السلمي في مواجهة الانقسام، والعمل على عدم التعامل مع الشباب كرقم انتخابي فقط، بل كشريك فاعل في الحياة السياسية والمشاركة الفعلية.
الجلسة الثالثة
تحدث في الجلسة الثالثة التي أدارها خليل شاهين، مدير البرامج في مركز مسارات، كل من: محمد اشتية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ويحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، وشعوان جبارين، مدير عام مؤسسة الحق، وعصام يونس، مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان.
وقال يونس إن الانقسام ضرب المجتمع أفقيًا وعموديًا، وطال مختلف مكوناته، فلا بد من إشراك مختلف المكونات السياسية والاجتماعية في المصالحة، وضمان مشاركة الجميع، داعيًا الجميع إلى تحمّل مسؤوليته تجاه نجاح حوارة القاهرة. وأضاف: كنا في الماضي نحمل الطرفين المسؤولية، أما الآن فيجب أن نحدد الطرف الذي يحول دون إنجاز ما يتفق عليه.
ودعا إلى إصلاح النظام السياسي بمختلف مكوناته، بما يشمل إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير، مبينًا ضرورة وجود مرجعية تبنى عليها المصالحة، مرجعيات سياسية وأمنية وقانونية. كما يجب العمل على توحيد القوانين ما بين الضفة والقطاع، ووقف إصدار المزيد من التشريعات.
وأكد جبارين على تعزيز المصالحة من خلال بلورة إستراتيجية واضحة لطي صفحة الانقسام وما خلفته من انتهاكات ومآسٍ باتجاه عملية التحول الديمقراطي، ومن خلال تبني مجموعة من الإجراءات والتدابير، ومنها استعادة دور المجلس التشريعي من خلال دعوة الرئيس محمود عباس للمجلس للانعقاد وانتخاب المجلس هيئة مكتب جديدة.
ومن ضمن عناصر الوثيقة الحقوقية التي طرحها جبارين، إصلاح وتوحيد السلطة القضائية، وإلغاء الإجراءات التمييزية الأخيرة التي اتخذت ضد قطاع غزة، وعودة الموظفين العموميين في القطاع إلى عملهم وإعادة المفصولين في الضفة، مع إجراء تسوية عادلة للذين عينتهم "حماس"، وبحث ملف الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية التي تم حلها، ووقف الاعتقالات المتبادلة وإعادة كافة المواقع الإلكترونية، ووقف العمل بالمسح الأمني. كما دعا إلى تشكيل لجنة "الحقيقة والمصالحة"، لتحقيق العدالة الانتقالية، وإلى استكمال إجراء الانتخابات المحلية وإجراء الانتخابات العامة.
وقال السنوار، إن الظروف الدولية والإقلمية والمحلية باتت توجب عملية الإقدام على تحقيق المصالحة وطي هذه الصفحة بكل جرأة، ونحن ليس لدينا الكثير من الوقت لذلك، فالنافذة الزمنية المحددة لنا أقل من سنة، فيجب أن نصب كل طاقاتنا وجهودنا من فصائل واتحادات ونقابات وشباب ومرأة ومؤسسات ومجتمع مدني لنكون درعًا وحصانة للمصالحة، وإن فات الوقت فسنعض أصابعنا من الندم. وإذا لم نمتلك القدرة على الاتفاق فسنكون الصفحة الأسوء في تاريخ الشعب الفلسطيني، وستبقى الأجيال تلعن هذه الحقبة ومن قادها.
وأشار إلى أننا في "حماس اندفعنا نحو المصالحة ليس من شعور بالهزيمة أو الضعف، بل جئنا من شعور لدينا خاص بالمسؤولية العظيمة، فهدفنا تحقيق المصالحة والشراكة لتكون رافعة لمشروع التحرير والعودة، وتشكيل المجلس الوطني، وإعادة بناء المنظمة كمظلة تجمع الكل الفلسطيني".
وأضاف: "العملية ليست سهلة وهي بحاجة إلى صبر ومصابرة، فنحن ننحت في صخر. وقد حققنا في حوارات القاهرة الأخيرة تقدمًا ملموسًا، واستطعنا تقديم تنازلات ملموسة التي كان من الصعب تقديمها. فالتراجع غير مسموح بالمطلق، لأن نافذة الأمل التي علقها شعبنا عالية جدًا. ويجب أن نعزز هذا الأمل، ومطلوب منا أن نحرق الجسور التي نعبرها لكي لا تكون هناك فرصة للتراجع.
بدوه، قال اشتية إننا نريد برنامجًا سياسيًا متفقًا عليه لحماية المشروع الوطني والبرنامج السياسي، وهناك تقارب على هذا الأمر، ويجب أن نتفق على خطوات لتحقيق هذا الهدف. ومن أجل تحقيق المشروع الوطني يجب أن يصبح هذا الاحتلال مكلفًا بجميع تفاصيله، ليس فقط في الساحة الدولية، ولكن ميدانيًا أيضًا.
وأضاف: نحن متفقون على أننا حركة تحرر وطني، ولا يجب أن نقتتل على سلطة تحت الاحتلال، ولا يجب أن نحافظ على حالة تحت الاحتلال، بل يجب أن نجعل من هذه السلطة رافعة لإنهاء الاحتلال، فدور السلطة من المنظور الوطني تعزيز صمود الناس وتخفيف معاناة أهل غزة، ولنأخذ العبرة مما حصل في القدس.
وأشار إلى أننا نريد من المصالحة أن تترجم على أرض الواقع. نريد أن نحمي قطاع غزة، ونعالج هموم السكان. ونريد تعزيز المقاومة الشعبية في الضفة، ولا نريد من المصالحة أن تكون سكة حديد يسير عليها قطار الحل الإقليمي الذي قد يجرف المشروع الوطني. وبين أننا ذاهبون باتجاه وحدة وطنية، ويجب أن يكون هناك تداول سلمي للسلطة إذا جرت الانتخابات بغض النظر عمن فاز أو خسر.