جهاد حرب يكتب لـوطن:دير عمار في مجمع فلسطين الطبي

14.08.2016 07:59 PM

 أثناء عيادتي لصديق في مجمع فلسطين الطبي برام الله، الذي يعج بالمرضى والزوار والحكايات؛ وصل شاب مدرج بدمائه بسبب تلقيه عدة ضربات على الرأس وسرقة سيارته ومحتوياتها من قبل أربعة شبان معروفين للمعتدى عليه وعائلته. سارع أبناء عائلة المعتدى عليه من أعمار مختلف للاطمئنان على وضعه الصحي والمناداة بالرد للمعتدين واخذ القانون باليد بالطريقة نفسها. لكن "العقلاء" رفضوا هذا المنطق مؤكدين لجوؤهم للقانون والشرطة.

"استمعت" للجدل الدائر بين الشبان وكبار العائلة حول جدوى اللجوء للقانون، بصوت عالٍ، فالحق على قول الشبان سيذهب بفنجان قهوة، والقانون ومؤسسات إنفاذه لن تتمكن من اعتقال المعتدين لأنهم يقطنون في بلدة دير عمار غرب رام الله المصنفة (ب) وفقا للاتفاقات الفلسطينية- الإسرائيلية، وأنهم سيهربون من وجه العدالة بمجرد تحرك مركبة الأمن من مركزها نحوهم، وستزداد اعتداءاتهم على المواطنين ،وإذا تم اعتقالهم سيخرجون في اليوم التالي يتباهون بأفعالهم في محاولة لاستفزاز عائلة المعتدى عليه لتوريطها في مشكلة وإجبارها على التنازل لتوقيع صك صلح يقدم للمحكمة لإسقاط القضية، وفي بعض الحالات تطيل المحكمة إجراءاتها في محاولة لإقناع المتخاصمين بعدم جدوى الاستمرار في إجراءات التقاضي وضرورة توقيع صك للصلح والتنازل.

غلب صوت العقل في هذه العائلة، هذه المرة، إلا أن تحوله إلى منهج عمل وقناعة لأفرادها وللمجتمع سيعتمد على قدرة قوات الأمن على اعتقال المعتدين وتقديمهم للقضاء، وهذا سيسهم بتغيير صورة من يلجأ للقانون من الضعيف غير القادر على اخذ حقه بيده إلى صورة القوي الحكيم الذي يرفض سيادة شرعية الغاب وفكرة اخذ القانون باليد على حد قول المثل الشعبي "واضرب وعَمّق الجُرح وآخرته على الصلح".

يعود العنف القائم اليوم في المجتمع لعدم توفر حلول قانونية فعالة للمنازعات والقضايا، الامر الذي يتطلب تغيير في طريقة عمل الشرطة والاجهزة الأمنية لاعتقال الخارجين عن القانون، ووقف كل من يوفر المساندة للهاربين (من مواطنين ورجال أمن)، وتحسين وتوسيع عملها لإقناع المواطنين من جدوى اللجوء اليها.

هذه الحادثة (النقاش وتغليب العقل) يمكن استثمارها لناحية تطوير نماذج إيجابية لتفعيل المؤسسات وسيادة القانون، أو صنع مثالا ايجابيا للعقلاء في كل قرية ومخيم ومدينة فلسطينية للحفاظ على السلم الأهلي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير