يافطة المستقلين

14.08.2016 10:55 AM

كتب نبيل عمرو: من خلال متابعتنا للتحضيرات الجارية للتنافس على مقاعد ورئاسات المجالس المحلية، برزت ظاهرة تستحق التمعن فيها واستخلاص الدروس منها، وهي تسابق الفصائل على رفع يافطات المستقلين والانضواء تحتها ، اما بسبب ندرة الوجوه الفصائلية التي تمتلك قدرة على الابداع في استقطاب الاصوات ، واما للتحايل على القطاع الاوسع والاهم والمسمى بالمستقلين، كي يحصلوا على اصواتهم ما دام الامر اولا واخيرا وعلى صعيد النفوذ الفعلي ما يزال بيد الفصائل خصوصا الكبيرة منها ، وفي كلا الحالتين فان الفصائل التي يحرجها ضعف ادائها التنموي وكفائتها في الادارة اليومية لشؤون الحياة تبرهن بل وتعترف ولو بطريقة مواربة بتراجع نفوذها المباشر واضطرارها للبحث عن نفوذ من خلال الاخرين .

الزعم بأن الفصائل سوف لن تشارك مباشرة وانها اختارت دعم الكفاءات يظهر تناقضا بيناً في الطرح من اساسه ، فاذا كان الامر كذلك فلماذا كل هذا التهافت على تسييس الانتخابات والتدخل بكل صغيرة وكبيرة بشأنها ، فهل اهل القرى والمدن بحاجة الى مسستشارين من الفصائل كي يدلوهم على الكفاءات التي خرجت من صلبهم  ، ثم لماذا وما دام الجميع يتسابق على دعم الكفاءات ، لا تترك الكفاءات نفسها في تشكيل قوائمها وعرض برامجها وخططها على الناخبين دون ان تمر الكفاءة المقصودة من قنوات الفصائل واطاراتها وقراراتها .

لو كانت الفصائل اثبتت نجاحا سياسياً او داخليا او تنمويا فبوسعها ان تقدم قوائم تحمل شعاراتها وتعرض انجازاتها دون الاضطرار الى اللجوء للمستقلين او ما يوصفون بذوي الكفاءات .

للحق فإن الكفاءات التي لم يتشرف اعضائها بالحصول على مباركة قادة الفصائل او منحهم شهادة وطنية ، سوف ينفرون بمعظمهم عن هذه الانتخابات لأنهم لا يقبلون ان يكونوا مجرد يافطة تستخدم لاستقطاب الاصوات وحين بدء العمل سوف يقادون من مرجعيات سياسية ربما لا يرونها.

كل البيانات الانتخابية التي صدرت في الماضي وستصدر في الحاضر تحوقل وتبسمل بمصلحة الشعب والتفاني في خدمته، بينما التباهي بالفوز سيكون فصائليا بامتياز، وهنا ستفرض حاجة الفصائل الى تسويق اقتسام الفائزين وتصدير النسب الى العالم كي يعرف من هو الاقوى حجة في ادعاء تمثيل الشعب الفلسطيني بعيدا عن الانتخابات العامة التي استبدلها السياسيون بانتخابات قطاعية متناثرة كي تظل الطبقة العليا على حالها الى ما لا نهاية ، ما دام الطلاب والمهندسون مثلا يقيمون انتخابات توصف بالديموقراطية كنهج عام .

ان هذه الطريقة في التعامل مع الانتخابات تسلب القوى السياسية حق ادعاء وصايتها على النهج الديموقراطي الذي لا يوجد الا في شعاراتها وبياناتها، اما المستقلون الذي هم غالبية الشعب الفلسطيني ، فمن يقبل بهذه الصيغة الفصائلية المواربة فانه لم يعد مستقلا فقد انخرط في اللعبة من ابوابها الخلفية مع انه ظاهريا في الواجهة .

هذه هي حكاية يافطة المستقلين التي تصنعها اجندات غير المستقلين ، وبين هذا الذي يجري وبين الديموقراطية الحقة المتكاملة مسافات بعيدة في الشكل والمضمون.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير