الطبيب المحقق وسيناريو "انتحار" النايف!!

09.03.2016 11:02 PM

 كتب: غازي بني عودة

في تقريرين نشرتهما "الجزيرة" استنادا لحديث اجرته معه، ينسج الطبيب الفلسطيني المقيم في بلغاريا هاني يوسف سيناريو مليئاً بالثقوب والمغالطات التي تبدو مقصودة ليخلص بعد ان نصب نفسه محققا جنائيا في قضية الشهيد عمر النايف، ان النايف "انتحر" ولم يُقتل او يتم اغتياله؟!!

والدكتور يوسف احد اوائل الذين وصلوا سفارة فلسطين في صوفيا بعد العثور على الشهيد عمر النايف في حديقة السفارة صبيحة يوم 26/2/2016.

ويستند الدكتور المحقق هاني يوسف في ادعاءه  الذي يقدمه بصيغة جازمة على ان بعض موظفي سفارة فلسطين الذين وصلوا قبله  أخبروه بان الشهيد عمر "ابتلع" كمية من الادوية، وانه شاهد علبتي دواء فارغتين في السفارة ويقول "رجعت إلى الداخل فأبلغني الموظفون بأن عمر شرب كمية من الحبوب Nexuim وfamotidine   وmelgama، وأن الحبوب كانت في أشرطة داخل علب. لم يكن يوجد أي حبة متبقية في أي شريط".

ويتجاهل الدكتور يوسف في فرضية "الانتحار" التي يحاول بناءها ان احدا من موظفي السفارة  (مصدره في هذه المعلومة) لم يكن في السفارة في تلك الليلة ، فضلا عن انه لا يكلف نفسه عناء سؤالهم "كيف عرفتم انه شرب ما كان في هاتين العلبتين من دواء"؟!

وليس هذا فحسب بل انه يتحول فجأة الى محقق جنائي ويذهب الى مرحاض السفارة، ويدعي انه شاهد هناك بواقي استرجاع، يقرر بيقين انه من معدة الشهيد عمر ويقول: "عاينت المرحاض ووجدت ارتجاعا من معدته، وهي على الارجح ناجمة عن ابتلاع تلك الحبوب" ويواصل رسم السيناريو قائلا: " كل العلامات تشير الى انهيار عصبي وبالتالي التفكير بالانتحار".

ولو افترضنا صحة وجود ارتجاع في المرحاض فكيف يجزم الدكتور يوسف بانه من معدة الشهيد نايف، وهل اجرى أي فحص مطابقة للتاكد من ذلك؟ وقبل كل هذا كيف تاكد ان النايف شربها بارادته؟ اليس من الممكن ان يكون اجبر على ذلك؟ وغيرها من الاسئلة التي تثير  استغرابا وشكوكا مشروعة حول حقيقة وظيفة الطبيب الذي يفترض انه هُرع لاسعاف شخص يحتضر و وليس كضابط مباحث عامة يفتي ويجزم باستنتاجات فورية..!!

ولاستكمال بناء سيناريو الانتحار امام فرضية الاغتيال التي تعززها العديد من المعطيات والحقائق، يذهب الدكتور يوسف ايضا ليقول جازما بان النايف "كان ميتا" عندما عُثر عليه في فناء السفارة  رغم ان النائب العام والشرطة والاسعاف البلغاري الذين وصلوا السفارة قبله (كما يقول هو) اكدوا بان النايف كان حياً حين وصلوه. ويقول بهذا الخصوص بانه وجد طبيب الاسعاف البلغاري قد سبقه بدقائق و"كان يعمل تخطيطا للقلب وكان الجهاز يعطي خطا مستقيما مما يعني ان عمر ميت" لكنه لا يخبرنا ما اذا كان سأل المسعف البلغاري  الذي سبقه عما اذا كان وجد عمر ميتا اما حياً؟! كما لا يفصح عن سبب تجاهله ما اعلنته الشرطة والنيابة العامة البلغارية  التي اكدت ان النايف كان حياً؟!

ويقول الطبيب المحقق بانه عاين الموقع الذي عثر فيه على الشهيد النايف في الفناء الخلفي للسفارة وانه وجد بقعة دم في المكان المفترض لسقوط النايف اسفل شرفة صغيرة في الطابق الاخير من السفارة مضيفا انه وجد "حفاية" بلاستيكية على بعد متر ونصف المتر من بقعة الدم وآثار دم يقرر انها "تشير الى ان الضحية زحف مسافة مترين بعد سقوطه" دون ان يفصح كيف علم بان النايف زحف ولم يتم جره من قبل شخص او اشخاص آخرين بعد اصابته مثلا؟

ورغم هشاشة هذا السيناريو  الا انه (وسواء تم ذلك بحسن او بسوء نية) لا يخدم غير التضليل عبر ترويج بعض الانطباعات او المواقف كمعلومات او كحقائق من قبل طبيب صار بقدرة قادر محققاً..!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير