لا سلام مع العنصريات ! كتب: عبد الله أبو شرخ

11.01.2016 12:50 PM

الموت للعرب --- " شعار إسرائيلي "

الموت لإسرائيل --- " شعار عربي / فلسطيني "

----------------------------------------------

المثقفون الشعبيون، النخب، عامة الناس في فلسطين، الجميع تقريباً، اعتبروا نشأت ملحم بطلاً فلسطينياً من الطراز الأول. جميع الفصائل من حماس والجهاد والشعبية و ( حتى فتح ) اعتبروه شهيداً واستنكروا عدم إدراج اسمه في قوائم شهداء السلطة، بينما العملية في الحقيقة الصادمة - منافية لقواعد لعبة الحرب وأخلاقها، ذلك أن قتل المدنيين " غير المحاربين " هو إرهاب بتعريف الأمم المتحدة والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وعليه فإن جميع عمليات تفجير المدنيين في إسرائيل كانت أيضاً عمليات إرهابية، حيث لا بطولة ولا شرف عسكري من أي نوع في قتل المدنيين. في الحقيقة لا شيء يمكن التفاخر به في عملية اقتحام مطعم مدنيين أو تفجير باص، بعكس عمليات استهداف الجنود المحاربين !

في السياق نفسه، أمس قام الجيش الإسرائيلي مؤخراً بإعدام ميداني لعدد من الفلسطينيين معظمهم مدنيين على الحواجز في الضفة:

http://paltoday.ps/ar/post/192761

-----------------------------------------------

على أنه لا يمكن إنكار أن الإرهاب الفلسطيني مُبرر شعبوياً بالإرهاب الصهيوني نفسه، فما زال الشعب الفلسطيني يعلم أجياله تاريخ مذابح دير ياسين ( 1948 ) وقبية ( 1953 ) وكفر قاسم وخانيونس ( 1956 ) فإسرائيل دولة عنصرية إرهابية بامتياز !

ما يعقد الأمر هو أن القوى اليمينة الأصولية ( الفلسطينية والإسرائيلية ) تمتلكان مبررات دينية مقدسة للعنف والثأر. فلنتأمل التالي:

" وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون " – المائدة 45


" الكسر بالكسر والعين بالعين والسن بالسن " – التوراة (لاويين 24:20)


هنا بالضبط، أعلن عجزي عن مواصلة تفسير دوامة القتل والعنف والثأر لأسباب عقلانية، فالتبريرات الدينية مقدسة لدى اليهود والمسلمين بوجه عام، لكني حتماً سأعود للتبريرات والتفسيرات السياسية، وأقصد بها قيام دولة إسرائيل بالإرهاب، وقيام الفلسطينيين بالرد على إرهاب الإسرائيليين بإرهاب مضاد، ولهذا السبب بالذات أشدد على ضرورة الفصل بين الدين والسياسة، فهل هذا ممكن حقاً ؟؟!

قيام إسرائيل

لم يكن منطقياً منح فلسطين لليهود في وعد بلفور، وفلسطين لم تكن أرضاً فارغة بلا شعب كما روجت الدعاية الصهيونية في أوروبا والعالم، بل كانت مزدهرة العمران والاقتصاد والصناعة والتجارة، وبها شعب عريق يسكنها منذ 6300 عام هو عمر الحضارة الكنعانية، لكن ما حدث قد حدث رغماً عن أنف الفلسطينيين وكل العرب، فاليهود كانوا طرف من ضمن الحلفاء الذين هزموا ألمانيا النازية، وكانت فلسطين غنيمتهم بعد انتصارهم في الحرب، أي أن الصهاينة اغتصبوا فلسطين بقوة تسليحهم النابعة من قوة الدول العظمى المنتصرة وحتى بموافقة الاتحاد السوفييتي نفسه آنذاك !، لكن ما لم يدركه الفلسطينيون والعرب عشية قيام إسرائيل بقرار دولي، هو أن عملية رفض التقسيم ورفض قيام إسرائيل تعني مواجهة حقيقية لشعب أعزل مع الدول العظمى التي تحكم الكوكب !

عالم كافكا العبثي !

لا الشعب الفلسطيني سيختفي من فلسطين، ولا الإسرائيليون سيختفون. شعبان يتنازعان على الأرض نفسها. يتنازعان بقوة المقدس وقوة السلاح وقوة العنصريات، يفرضان على أنفسهما حياة ملؤها القسوة والغلظة والرهبة والمعاناة والموت المتعدد الألوان والأشكال. لا أمل في المستقبل. معدلات الهجرة في تصاعد مع كل عملية قتل وقتل مضاد. فلماذا اختفى العقلاء ؟! لماذا يتم إعدام فلسطينيين على الحواجز لمجرد الاشتباه بنصل سكين أو حتى بدون اشتباه ؟! لماذا تصادر أراضي وممتلكات الفلسطينيين لإقامة مستوطنات عليها للغرباء القادمين من أعالي البحار ؟! كيف يتم إحراق عائلات فلسطينية من متطرفين يهود في وجود دولة تعثر على نشأت ملحم في غضون أسبوع فيما لم يتم العثور على المجرمين اليهود بعد أكثر من عام ؟؟! لماذا لا تهدم بيوت القتلة اليهود ويتم سجنهم في ظروف قاسية كتلك التي يسجن بها الفلسطينيون ؟؟!
ولكن بالمقابل، ما الفرق بين هجوم نشأت ملحم على مطعم للمدنيين وهجوم داعش على باريس والغردقة والعريش ؟؟! سأقول للمدافعين عن لواء العروبة والإسلام، إذا كنتم ترفضون إيجاد أي علاقة بين داعش ونشأت ملحم، فبم تفسرون هجوم حماس على مطعم وكازينو الطابون في غزة في بداية الانتفاضة الثانية ؟؟! وكيف تفسرون حرق المجمع الإسلامي ( حماس لاحقاً )  لمكتبة الهلال الأحمر " اليسارية " عام 1981 ؟؟!

الخلل يكمن في الفكر العنصري !

لماذا يتم تجاهل أن فلسطين لم تكن يوماً بلا شعب ؟! ولماذا يتم تجاهل أبحاث الآثار التي تؤكد أن ما يسمى بمملكة سليمان التوراتية لم تقم يوماً في فلسطين ؟؟! وإذا كان عمر الديانة اليهودية 3200 عام، فكيف يتم تجاهل عمر الحضارة الكنعانية في فلسطين ؟؟! لماذا تترك دولة الاحتلال الحبل على غاربه للسفلة والقتلة والمهووسين ؟؟! ومتى يطبق القانون الواحد على جميع الناس دون تمييز ؟؟! وكيف تمكن المتطرفون الصهاينة ليلة أمس من إحراق مقر مؤسسة حقوق الإنسان الإسرائيلية " بيتسليم " ؟! هل من عمل لجهاز الشاباك سوى مطاردة الشعب الفلسطيني ؟؟!

يقول الصحافي الإسرائيلي المناهض للعنصرية، أن إسرائيل تعيش بثلاثة أنظمة قانونية. ديمقراطية لليهود. قانون خاص بعرب 48. وقانون ثالث للمعازل العنصرية في الضفة وغزة، ويتساءل: هل يمكن قبول مثل هكذا دولة في العصر الحديث ؟! يقول ليفي أنه قد فقد الأمل لأي تغيير من داخل المجتمع الإسرائيلي، وأن التغيير يجب أن يبدأ وينطلق من الغرب الداعم لإسرائيل. من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولكن هل يمكن لأصدقاء إسرائيل أن يدركوا حجم العنصرية في إسرائيل ؟؟! هل ثمة من يفكر في معتقدات تفترض أن اليهود شعب الله المختار ولهذا يحق لهم أن يفعلوا ما يحلو لهم ؟؟؟! ولكن في الوقت ذاته نتساءل: في ضوء التخلف والفقر والمرض والانحطاط .. هل نحن أفضل أمة أخرجت للناس ؟؟!

هل من خيارات أخرى غير سفك الدماء ؟!

فصل الدين عن الدولة والسياسة هو الحل، ودون هذا سنظل نعاني الأمرين من غطرسة الأصوليين الذين يعتقدون أن الله لم يخلق سواهم. بإمكان دولة ديمقراطية واحدة علمانية أن تتسع للشعبين معاً. دولة واحدة للجميع بقانون واحد ودستور علماني واحد، أو الانسحاب فوراً من كامل الضفة وغزة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.

يقول درويش:

السلام هو الاعتراف علانية بالحقيقة
ماذا صنعتم بطيف القتيل ؟!
السلام هو الانصراف إلى عملٍ في الحديقة
ماذا سنزرع عما قليل ؟!

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير