فيديو "عرس الدم" الصهيوني

30.12.2015 11:35 AM

وطن - كتب:د.أحمد جميل عزم: تسرب أو انتشر فيديو يظهر فيه المستوطنون الصهاينة اليهود في الأراضي المحتلة العام 1967 يحتفلون برفع البنادق وزجاجات حارقة وسكاكين، أثناء حفل زفاف، يبتهحون لمقتل عائلة دوابشة في دوما، حرقاً في الصيف الماضي؛ ويغنون أغاني دينية دموية. وبينما شجبت المؤسسات الدينية اليهودية الفيديو وحاولت التخفيف من وقعه، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمق تحالفه مع هؤلاء الإرهابيين.

المحتفلون، كما يُظهر الفيديو الذي بثته القناة العاشرة الإسرائيلية، قبل أيام، كانوا يغنون أغاني دُمجت فيها مقاطع من كتب مقدسة يهودية، يقال فيها: "دعوني بضربة واحدة أنتقم لعيني الاثنتين من الفلسطينيين".

وقد تناول الإعلام الإسرائيلي الفيلم تحت مسمى "عرس الدم"، وهو يعكس طبيعة العقلية الصهيونية الدينية التي تحكم المستوطنات. ومثل هذا الشريط ليس إلا خطوة جديدة في مسلسل "تديين" القتل والصراع؛ فمثلا في حرب غزة العام 2008، أصدر كبير حاخامات صفد شموئيل إلياهو، تصريحا يقول فيه إنّ تلك الحرب هي حرب ضد "العماليق"، الذين هم بحسب النصوص التوراتية قبيلة تقيم في سيناء، هاجمت بني إسرائيل أثناء خروجهم من مصر. وبحسب هذه النصوص، ستستمر الحرب حتى إبادة العماليق. وبحسب تفسير حديث من حاخامات، فإنّ أبناء العماليق توزعوا في الأرض، خصوصا في البترا بالأردن، وفي الجزيرة العربية ومناطق أخرى، ما قد يبرر استهداف كل هؤلاء.

وشموئيل، صاحب فتوى العماليق، هو ابن مردخاي إلياهو، كبير حاخامات "السفرديم" (اليهود الشرقيين) السابق، الذي قال في أيار (مايو) 2007، في رسالة أرسلها للحكومة الإسرائيلية، ووزعت في الكنس اليهودية، إنّه "لا يوجد وازع أخلاقي يمنع قتل المدنيين في أثناء عملية واسعة في غزة تهدف إلى وقف إطلاق الصواريخ من هناك"، معتمدا في ذلك على نصوص توراتية اقتبسها للدلالة على أن "أخلاق الحرب اليهودية" تعني أنّ مدينة كاملة تتحمل المسؤولية الجماعية للفعل غير الأخلاقي الذي يقوم به بعض أفرادها، وبالتالي فإن جميع من في غزة مسؤولون لأنهم لم يفعلوا شيئا لمنع صواريخ المقاومة. وبحسب الحاخام، فإنّه من المحرم المخاطرة بأرواح أهالي اليهود في البلدات التي تستهدفها الصواريخ أو المخاطرة بأرواح الجنود، تجنبا لقتل الفلسطينيين غير المحاربين في غزة.

إذا ما قارنا بين قواعد أو عمليات القتل التي يمارسها الجنود الإسرائيليون الآن، ضد أي مشتبه بهه أو بها، أو حتى ضد شخص يمكن السيطرة عليه واعتقاله بسهولة، فإنه يمكننا أن نشاهد روح تلك الفتاوى، وألا نستطيع التمييز بين مستوطني عرس الدم والجنود، وهذه الرسالة التي يجب أن تصل للعالم.

أخذ موقف الحاخامات الأميركيين، والحاخامات الإسرائيليين الرسميين، شكل ردة فعل شاجبة قوية للفيلم، وأصدروا بيانات ضده. وهذا يمكن فهمه من خلال أكثر من زاوية. أولاها، التنافس القائم بين الحاخامات الأصوليين الرسميين، والصهاينة المتدينين الذين يزيد عددهم ونفوذهم على حساب الفئة الأولى وحساب العلمانيين.

وثانيتها، أنّ اليهود في الولايات المتحدة يعيشون حالة استقطاب، رصدتها دراسة للأكاديمي بيتر بينارت، في مجلة "نيويورك ريفيو أوف بوكس"، العام 2010؛ حيث ابتعد وتقلص عدد اليهود الشبان الذين يدافعون عن "إسرائيل" مهما فعلت، وحيث غالبية منهم لا تؤيد استمرار احتلال أراضي الضفة الغربية، فيما توجد نسبة معينة تزداد تطرفا في تأييدها على قاعدة دينية أصولية، لكل ما يفعله الإسرائيليون، بمعنى أنّ هناك شرائح متزايدة تشعر بالإحراج مما يفعله الاحتلال الاسرائيلي، بعكس فئة تزداد تطرفا على أساس ديني.

وثالثتها، أنه يجب أن نشاهد أنّ الشجب لم يتعد حدود التقليل من شأن المحتفلين، ومن عددهم، ومن الإساءة التي يمكن أن يسببوها لسمعة اليهود والمتدينين منهم خصوصاً عالمياً، ولكن من دون المطالبة -مثلا- بإنهاء الاستيطان.

في الأثناء، يطلق نتنياهو، تعليقا على الشريط، تصريحات تقول إنه "لا مجال للمقارنة بين الإرهابين اليهودي والعربي"، باعتبار الثاني أكبر وبرعاية رسمية كما يدّعي. ويقول: "إنّ هناك اختلافات صحية داخل المجتمع الإسرائيلي"، معتبراً من ظهروا في الفيديو بأنّهم "جماعة هامشية".

الحقائق التي يثبتها الجيش الإسرائيلي، وحكومته، يومياً أنه جاء من هذه الجماعة، وهو يحمل روحها ويعكس عنصريتها الدينية.

نقلا عن "الغد"

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير