تل أبيب تستثمر عمليات باريس لربط تنظيمات المُقاومة اللبنانيّة والفلسطينيّة بـ"الارهاب"

16.11.2015 03:42 PM

وطن - وكالات: لا يُخفى على أحد أنّه مع كل حدث إقليميّ أوْ دوليّ، تُسارع إسرائيل إلى محاولة استغلاله لمصلحة أولوياتها السياسية والأمنية. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، عملت وتعمل رسميًا وإعلاميًا، على الترويج لمفهوم أنّ حركات المقاومة في لبنان وفلسطين هي في سلة واحدة مع التنظيمات الإرهابيّة التي تقتل الأبرياء في سوريّة والعراق ولبنان واليمن، وأوروبا، وبطبيعة الحال، تستغّل إسرائيل هجمات باريس لصرف الأنظار عن الجرائم التي ترتكبها على مدار الساعة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلّة منذ عدوان يونيو 1967.

رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، وجد ضالّته في ما جرى في فرنسا، فهو صاحب الشعار الذي كرره في مناسبات متعددة، من على منبر الأمم المتحدة، وأمام الكنيست الإسرائيليّ، وخلال مناسبات أخرى، ومفاده أنّ هزيمة تنظيم “داعش” وترك إيران ومحورها هما انتصار في المعركة وخسارة الحرب، على حدّ تعبيره. علاوة على ذلك، فإنّ نتنياهو لا يجد فرقًا بين فصائل المقاومة الفلسطينية والحركات الإرهابية كـ”داعش” و”القاعدة” وغيرهما، كما لا تنسى دعوته إلى التشبيه بين العمليات التي تنفذ ضدّ المستوطنين بهدف تحرير الأرض والعمليات الإرهابيّة التي تستهدف الأبرياء. بموازاة ذلك، تسعى دولة الاحتلال إلى تقديم نفسها ككيان قادر على تقديم الخدمات الأمنيّة للدول الغربيّة في مواجهة التهديدات الإرهابيّة. وبعد الحديث عن معلومات قدّمتها بخصوص تفجير الطائرة الروسية، أعلنت أيضًا، وبلسان نتنياهو، تقديمها معلومات استخبارية تتصل بالمهاجمين في باريس.

لكنّ طموح تل أبيب، يُستشّف من تصريحات أركانها، يتجاوز لعب دور مقاول الخدمات الاستخبارية، وترى في هذا الدور دفعة على الحساب تهدف إلى استدراج مقابل من الدول الغربية. فهي ترى أنّ على هذه الدول بلورة رؤيتها ومواقفها وفق الموازين الإسرائيليّة. وللتدليل على العنجهية الإسرائيليّة يكفي اقتباس رئيس الشاباك الأسبق، آفي ديختر، الذي قال إنّ الفرنسيين باشروا بالتعلّم منّا. علاوة على ذلك، بلغت إسرائيل مرحلة من الترويج لخطاب سياسي دعائي يُحمّل المقاومة مسؤولية من تقتلهم من الإسرائيليين، وأيضًا، مسؤولية من تقتلهم إسرائيل من الفلسطينيين وغير الفلسطينيين، كما حدث في العدوان الأخير على قطاع غزة، عندما حمَّلت إسرائيل حركة “حماس″ مسؤولية الشهداء الفلسطينيين الذين قتلوا بنيران جيش الاحتلال.

وعند التمحيص في الخطاب السياسيّ الإسرائيليّ الذي تجدد بعد هجمات باريس، يُلاحظ أنّ تل أبيب تتعامل مع ما جرى على أنّه فرصة ينبغي التقاطها وتثميرها على المستويات السياسية والأمنية والدعائية كافة، وصولاً إلى عدم الوقوع في الأخطاء السابقة عبر الدعوة المباشرة ليهود فرنسا للهجرة إلى إسرائيل، لذلك حاول نتنياهو أنْ يكون أقل حدّةً ومباشرةً في دعوته. على الخلفية عينها، دعا “سيّد الأمن” نتنياهو إلى التنديد بقوةٍ بكلّ العمليات الإرهابيّة التي يُنفذّها الفلسطينيون ضد إسرائيل تمامًا، كما يجب التنديد بالهجمات في باريس.

وحرص على نفي أنْ تكون المستوطنات أوْ الأراضي المحتلة هي سبب العمليات التي ينفذها الفلسطينيون، مؤكّدًا على أنّ أن المسؤول هو الإرهاب نفسه. وأشار إلى أنّه منذ سنوات طويلة، الإرهاب الإسلاميّ يُهاجم إسرائيل ودولاً أخرى، لأنه يريد ببساطة تدميرنا. ودعا، على ضوء ذلك، إلى اعتبار الهجمات، التي تتعرض كل من إسرائيل والدول الغربّية لها، أنها هجوم على الجميع. لذلك ينبغي، إدانة وقتال كل عمل إرهابي بشكل متساوٍ، من دون تردد وبتصميم، على حدّ تعبيره. كما شدّدّ على أنّ مُكافحة الإرهاب من غير الممكن أنْ تتم انتقائيًا. من غير الممكن القول إنّه يوجد إرهابي جيد وإرهابي سيئ.

وكل ذلك يهدف إلى القول إنّ على العالم الغربي أنْ ينظر إلى حزب الله وفصائل المقاومة في فلسطين وإيران، والجماعات الإرهابية، على أنهم أغصان من شجرة واحدة، كما سبق أن عبّر بنفسه مطلع السنة الجارية. وادعى أيضاً، أن إسرائيل قدمت معلومات أمنية إلى فرنسا تتعلق بالاعتداءات الإرهابيّة التي شهدتها العاصمة باريس، وأوضح أنّ لدى إسرائيل معلومات مهمّة ومؤكّدة بشأن الضالعين في التفجيرات الإرهابية في باريس، وأنّها قدّمتها إلى فرنسا والجهات المعنية الأخرى، لافتًا إلى أن إسرائيل ليست دولة هامشية، وهذا جزء أساسي من محاربة الدولة الاسلامية والإرهاب الإسلامي نتعاون بشتى الطرق لمحاربتهم، بحسب تعبيره.
ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحد، بل بات الخطاب الإعلاميّ الإسرائيليّ الرسميّ يتحدّث عن ضرورة تفضيل الأمن عللى حريّة التعبير في فرنسا. فبحسب مُحلل الشؤون الأمنيّة في القناة الثانيّة بالتلفزيون الإسرائيليّ، روني دانئيل، فإنّ رجال الاستخبارات الفرنسيين أكّدوا له على أنّه أياديهم مُقيدّة بحكم الأنظمة المعمول بها، ولفت إلى أنّهم بصدد المُطالبة بتغيير القوانين لقطاع دابر الإرهاب، على حدّ قوله.

وبطبيعة الحال، استثمرت إسرائيل العمليات بباريس للتحريض على فلسطينيي الداخل، حيث أعدّ التلفزيون الإسرائيليّ الرسميّ، مساء أمس الأحد، تقريرًا مُطولّا عن الشباب من عرب الـ48 الذين سافروا إلى سوريّة، وانضّموا إلى داعش.
ونقل عن مسؤولين في الشاباك الإسرائيليّ قولهم إنّ الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة تخشى من عودة هؤلاء الشباب إلى داخل ما يُطلق عليه بالخّط الأخضر لتنفيذ عمليات إرهابيّة ضدّ أهداف داخل العمق الإسرائيليّ، مشيرين في الوقت عينه إلى أنّ عشرات الشبان من الداخل الفلسطينيّ يُحاربون اليوم في صفوف تنظيم (داعش).

تصميم وتطوير