حركة حماس في مواجه المصير- كتب: اشرف عكة

10.08.2015 12:33 PM

إن أزمة حركة حماس الراهنة متعددة الأبعاد، فمنذ الانقسام وإدارتها لقطاع غزة والحركة عاجزة عن تلبية متطلبات الحياة للمواطن في قطاع غزة، يترافق مع نمو الاحتجاجات الشعبية المناوئة للحركة وسياساتها الاقتصادية والاجتماعية وسط تراجع في نسبة التأييد الشعبي لها في أحدث استطلاعات الرأي، وتشير التقديرات إلى أن الحركة خسرت كثيرا من مستوى التأييد بعد سياساتها الضريبية المفروضة على السلع الداخلة إلى قطاع غزة ومحاولة حماس تعويض خسائر تجارة الأنفاق بعد التدمير وتشديد الحصار على القطاع من قبل مصر وإسرائيل على حد سواء، يضاف إلى ذلك حالة الاستياء الشعبي من ممارسات حماس القمعية ضد المواطنين ومؤيدي حركة فتح وانتهاكات حقوق الإنسان المتواصلة والتي وصلت ذروتها إبان الحرب الإسرائيلية على غزة أواخر العام 2014.

ناهيك عن الظروف الاجتماعية والبيئة والدمار والمهجرين بعد الحرب ومتطلبات إعادة إعمار القطاع وتداخل أدوار حكومة الوفاق الوطني برئاسة رئيس الوزراء رامي الحمد لله وشروط حماس على العملية برمتها واعتباراتها السياسية على معنويات المواطنين واحتياجاتهم ومتطلباتهم الإنسانية والخلافات والمناوشات والتراشق الإعلامي مع حكومة الوفاق وقيادة السلطة على ملفات المصالحة وإدارة القطاع، إضافة لبروز صراعات وخلافات ومواجهات مع الفصائل الأخرى كالجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي وحزب الشعب وغيرها وهيمنة حماس وسيطرتها على فعل المقاومة في القطاع انطلاقا من توجهات الحركة لإدارة الصراع مع إسرائيل وشروط التهدئة بعد الحرب الأخيرة على القطاع.

ظهور حالات من المواجهة العسكرية مع مجموعات سلفية وتصفية لقيادات هذه التيارات مع ما شكله تنظيم داعش مؤخرا من تهديد بضرب صاروخ على إسرائيل ما لم تفرج حماس عن أحد أعضاء التنظيم ما يبرز حالة التوتر الأمني والتحدي الملقاة على عاتق الحركة في إدارتها وسيطرتها على القطاع، مع تحدي بروز مواجهة مع مناصري حركة فتح الملاحقين من قبل أجهزة حماس الأمنية وقوى الأمن الداخلي التابعة لها هناك، إضافة لفشل الحركة في استنهاض أطرها التنظيمية في الضفة الغربية، والتي ما زالت تتعرض لحملة استئصال وقمع واعتقال مزدوجة، بينما تبدو أوضاعها في قطاع غزة في ضيق وقلق متزايدين مع عجز واضح في تجاوز هذه الحالة مع تصاعد العداء الإقليمي للحركة وتبني النظام المصري موقفا صريح العداء.
وأما فرعها في الخارج فقد تراجع موقعه في قيادة الحركة لأسباب تتعلق باعتبارات ذاتية داخلية لتكشف أن وضع الحركة الداخلي ملبد بالصراعات والانقسامات التي كانت سببا واضحا بتأخر مؤسسات الحركة القيادية عن الاجتماع لانتخاب قيادة جديدة للحركة، حيث أن مجلس شورى الحركة لم ينعقد لفترة من الزمن ما دفع التنظيم العالمي لحركة الإخوان المسلمين لتشكيل لجنة والتدخل للتخفيف من التوترات والتناقضات داخل حركة حماس لتبرز أهم القضايا التي تعيشها الحركة اليوم شكل اجتماع شورى مجلس الحركة بمبادرة قيادة التنظيم العالمي لحركة الإخوان المسلمين علامة فارقة في وضع الحركة ومستقبلها، فقد كشفت صحفية الحياة الجديدة الفلسطينية عن تفاصيل ما دار في الاجتماع والقضايا التي حاول معالجتها انعقد الاجتماع بمشاركة 45 شخصا من أعضاء مجلس شورى حماس وقيادة الإخوان في مصر بحضور مرشد الإخوان محمد بديع والذي تحدث فيه عن ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني والذهاب فورا للمصالحة وأشار أن الانتخابات أهم بنود المصالحة وعلى حماس أن تحضر نفسها جيدا لذلك وأن تشرع فورا بتأييد تشكيل حكومة فلسطينية جديدة ليظهر ارتهان الحركة وسياساتها للعامل الإقليمي ولمشروع الإخوان العالمي.
إدارة حماس لقطاع غزة منذ العام 2006 جعلها تتحمل مسؤولية اقتصادية واجتماعية هناك، أدخلها ذلك في أزمات داخلية عدة ساهمت ظروف متعددة فيها أهمها:

1. تحمل حماس أعباء إدارة القطاع في ظل تراجع مواردها المالية وزيادة مضطردة في تكاليف فاتورتها المالية الشهرية حيث تشغل حماس أكثر من 55 ألف تبلغ فاتورة رواتبهم وتشغيلهم ما يزيد عن 30 مليون دولار شهريا، وسط تراجع موارد حماس المالية وقنوات دعمها خاصة الدعم الإيراني.

2. الحصار الإسرائيلي للقطاع وتحكم إسرائيل بالمعابر والسلع والبضائع والوقود والمواد الطبية التي تدخل إلى القطاع تضاعف هذا الضغط بعد هدم وإغلاق مصر عشرات الأنفاق في رفح.

3. الوضع الإنساني المتردي والكارثة الإنسانية لآلاف الأسر المهجرة جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة 2014، ومتطلبات الإغاثة وشروط إعادة الاعمار.

4. الحراك الجماهيري الرافض لسياسات حماس الاقتصادية وردود الأفعال والمواقف الرافضة لفرض حماس ضريبة التكافل الاجتماعي التي تفرض بموجبها رسوم إضافية على السلع المستوردة، احتجاج التجار ورجال الأعمال والفصائل على ذلك يضاف إلى زيادة الضغوط على حماس داخليا لتقديم تنازلات في سبيل رفع الحصار الاقتصادي عن قطاع غزة.

5. تحديات أمنية بظهور تيارات سلفية مناهضة لحماس يضاف إلى ملف الاعتقالات السياسية لكوادر حركة فتح ومؤيدها.

6. ملف حقوق الإنسان والحريات حيث تتزايد الانتقادات لحماس حول هذا الملف من قبل مؤسسات حقوق الإنسان المحلية والدولية.

7. يضاف إلى ذلك كله ظهور تباينات في المواقف بين قيادات حماس في المكتب السياسي بين غزة والخارج وبين الجناح العسكري والسياسي على ملفات مختلفة مثل العلاقة بإيران وقواعد الاشتباك مع إسرائيل وملف المصالحة.

بالرغم من أن حركة حماس ما زالت تحكم سيطرتها الإدارية والأمنية على القطاع وتتعاظم قوتها العسكرية هناك ورغم إنجازها العسكري في حربها الأخيرة مع إسرائيل 2014، إلا أن الحركة اليوم تواجه مصيرها المحتوم وهي في قلب التحديات الداخلية والخارجية فهي على مفترق طرق فكري وتنظيمي ذاتي وموضوعي، فبينما تزداد متطلبات وحاجات مواطنين القطاع يزاد الحصار والإغلاق والشروط على حركة حماس هناك، وبينما تسير الحركة في ركب التسوية في إطار معادلة الإقليم تتصدع قيادات الحركة بين داخل وخارج وبينما تزداد احتمالات الموجهة العسكرية مع الاحتلال تتسع الفجوة بين الجناح العسكري والسياسي ليظهر الخلاف بين رئيس المكتب السياسي خالد مشعل وتحالفاته الإقليمية مع الزهار ويختلف الأخير مع هنية ومشعل على شروط واستحقاقات ملف المصالحة، في الوقت الذي تتناسى حماس فيه ظروف سكان القطاع كعامل مهم في بقاء الحركة واحتضانها، بل هو الشرط الأول لبقائها في قوتها في الوقت الذي تتعاظم فيه مشكلات القطاع البيئية والصحية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية،  في المقابل تبقى حماس عاجزة عن فعل ما يبقيها متلاحمة مع شروط بقائها، حيث أن عامل المستقبل لناحية التأييد ليس مشروع المقاومة وحده بل مشروع بقاء الإنسان الفلسطيني صامدا قادرا على الحياة بظروف إنسانية.

إن حركة حماس وإن تواجهها مشكلات على صعيد الوحدة والمصالحة مع فتح ومواجهة الاحتلال وتحولات الإقليم وتغيرات السياسة الدولية والعالمية فمشكلتها مع أهل القطاع لا تقل أهمية في مواجهة مصيرها نحو التراجع في معادلة الإنجاز الملموس في قضايا المجتمع، فإن حركة حماس لا تقرأ تحولات وتوجهات الرأي العام الفلسطيني جيدا خاصة أن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى ذلك التراجع في التأييد العام للحركة وتراجع في تقييم أداء حكومتها في غزة وتصاعد الاستياء من الوضع الاقتصادي والأمني، ما يدلل بشكل واضح أن الحركة بظروفها الحالية تعاني أزمة انحسار وتراجع وحصار وتلون وتبدل في خياراتها الإقليمية، في المقابل طرأت متغيرات على أولويات الشارع الفلسطيني وتحديدا في القطاع مختبر نجاح أو فشل حماس ما زالت حركة حماس لا تقرئها جيدا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير