معادلة ..مدى جدية محاربة الارهاب -بقلم:حمدي فراج

16.02.2015 11:08 AM

تتعزز يوما وراء يوم صورة الاجرام الوحشي الذي تجسده المنظمات الاصولية الارهابية، للدرجة التي بات فيها هذا الاجرام وكأنه جزء لا يتجزأ من المشهد اليومي العربي، واصبح الدم مكوّنا رئيسيا مع باقي المكونات، كما الماء المنهمر مطرا شتاء او اشعة الشمس الساطعة صيفا، اونسائم البر والبحر غسقا وشفقا، واسواق الصباح في المدن الكبرى، وصراخات الباعة على بضائع تتجدد غدا، وباختصار لم يعد مشهد اعدام عربي على يد عربي يثير الاستهجان او الاستغراب في النفس العربية، بل لربما بات الاستغراب والاستهجان حيث تفيق هذه الامة من نومها ولا تصطدم بخبر من هنا او هناك عن خطف يتبغه اعدام بالسكين.

لم يعد مهما بالطبغ ايضا البحث عن الاسباب التي يسوقها العادمون في تقديم رقبة أضحيتهم وجز رأسها، فهي في النهاية واهية ولا تنطلي على احد، عدى عن انها استهلكت واستنفذت، فمرة لأنه مسيحي نصراني ومرة لأنه مسلم شيعي او مسلم سني، ومرة لأنه جندي سوري، ومرة لأنه طيار اردني ومرة لأن شكله ياباني . في العراق ومنذ حوالي عشر سنوات يتم تفخيخهم بأغلى السيارات والمتفجرات لمجرد انهم متجمعون في عرس او جامع او حسينية او حتى في جنازة او مأتم . ولا مرة تم قتل يهودي، وفي هذا ليس تحريضا على قتل اليهود، الذين تقوم دولتهم اسرائيل باحتلال الشعب الفلسطيني وتمارس ضدهم المجازر وحملات ممنهجة من التطهير العرقي.

قبل ايام اكتوت الاردن كلها بالنيران التي اشعلتها داعش بالطيار، وقيل انه كان في مهمة تستهدفهم، ولهذا قتلوه، رغم انه عندما سقط  في قبضتهم اصبح اسير حرب،  لكننا اليوم امام اكتواء مصر بذبح اثنان وعشرين من بسطاء ابنائها  الذين ذهبوا للبحث عن لقمة عيشهم، فماذا كان ذنبهم من الوجهة الداعشية، ولهذا فان الاكتواء يطول كل الامة العربية وكل شعوب العالم قاطبة. ومن ضمن استحقاقات هذا الاكتواء الشمولي، الاقرار بحقيقة ان امريكا والغرب عموما هم من اسسوا هذه التنظيمات وهم من قام بتدريبها وتمويلها، ولا يكفي من وجهة النظر العربية المكتوية يوميا بهذا الارهاب ان تخرج علينا امريكا لتقول لنا انها تريد محاربته بعد ان اطلقت عنانه ويده واسنانه، وتقول لنا الرجعيات التي مولته انها ستخرجه خارج القانون وستدعم بدائله المعتدلة كالنصرة ودين الحق وجند الشام والحزم والسهم. ان هذه الرجعيات هي الارهاب بعينه، وهي التي ما انفكت تتأمر على هذا الوطن فتحوله مرة الى مجرد سوق للقطعان الادمية، ومرة الى ركام.

ان مقياس جدية كل زعيم عربي يريد محاربة الارهاب، هو في مقاطعة امريكا وحلفائها العرب، ولهذا قال الشاعر القديم "لا تقطعن ذنب الافعى وترسلها - ان كنت شهما فاتبع راسها الذنبا / هُمْ جَرَّدُوا السَّيْفَ فاجْعَلْهُمْ له جَزَراً -  وأَضْرَمُوا النَّارَ فاجْعَلْهُمْ لها حَطَبا" .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير