ساحة دولية مفتوحة أمام الفلسطينيين بعد انتخابات الكنيست الإسرائيلية

15.02.2015 02:27 PM

وطن- كتب: حسن عبد الله

مؤشرات الحكومة التي ستفرزها انتخابات الكنيست الإسرائيلية المقبلة، تتضح يومً بعد آخر، حيث من المحتمل أن تعيد هذه الانتخابات انتاج "نتنياهو" بمواقفه وطروحاته وتوجهاته، اي أن اليمين بتركيبته المتطرفة في طريقه إلى الحكم مجددًا.
والسؤال ماذا يعني ذلك في السياسة تجاه الفلسطينيين أولاً، وتجاه العالم ثانيا بخاصة أوروبا؟.

بضاعة نتنياهو السياسية معروفة للفلسطينيين فقد جربوها سابقا، لكنها ستصلهم هذه المرة بوسائل قديمة جديدة مركبة، بمعنى تمويت العملية السياسية، تسريع وتائر تهويد القدس وحصارها، توسيع الاستيطان " أفقيا وعموديا"، ممارسة ضغوط أقسى وأكثر تشددًا على الفلسطينيين اقتصاديا واجتماعيا وميدانيا، وايصالهم حافة الجوع، بهدف توسيع الهوة بين السلطة والشعب،بل ودفع المخنوقين إقتصاديا للاحتجاج على سياسة السلطة، من خلال صب البنزين على التناقضات الداخلية، إلى جانب اللعب على الخلافات الفتحاوية الحمساوية: لماذا؟ أولاً: لان نتنياهو ليس لديه استراتيجية سلام، وهو في الأساس لا يؤمن بحل الدولتين.

-وثانيا لأنه يدرك أن الهجوم السياسي الدبلوماسي الفلسطيني بدأ يحقق نجاحات ملموسة على الساحة الدولية.

وثالثا -أن التغيير الذي تشهده الدول الأوروبية بل وأوسع من ذلك على مستوى العالم، أصبح قضية مقلقة بالنسبة إلى إسرائيل، فالرواية الفلسطينية أخذت تشق طريقها أمميًا ، وهي تحظى بتصديق وتأييد عالمي مضطرد.

ورابعًا- ولأن السلطة الفلسطينية بدأت تخرج تدريجيًا من نفق أوسلو الذي أفقدها كل شيء، كونها أدركت ان استمرارها أسيرة في هذا النفق سيقوض مبرر الوجود والشرعية شعبيًا وتاريخيًا وحقوقيًا. لذلك راحت تقترب من شعبها وتحمل همومه وطموحاته إلى العالم.

خامسًا- الدبلوماسية الفلسطينية ، لا تعمل في فراغ، وهي تمتلك الآن مقومات التفاعل مع العالم، وتستطيع الوصول دوليًا أبعد مما تستطيع  اسرائيل الوصول اليه، وهي تستند الآن إلى طاقات شبابية أكاديمية، تقرأ وتستوعب وتتعلم، وبالتالي بمقدورها تحريك مفاتيح سياسية ودبلوماسية كنتاج معرفة وانفتاح، وهذه قضية مقلقة إسرائيليا.

سادسا- تدويل القضية استراتيجية فلسطينية يمكن المضي بها إلى آخر الطريق ، ليتحمل العالم مسؤوليته تجاه شعب مظلوم سقف مطالبه أن يعيش بحرية وكرامة في دولة مستقلة في حدود العام 1967، وهذا يلقى اجماعا دولياً، وحتى الولايات المتحدة التي تساند وتغطي السياسة الإسرائيلية، لا تتحدث في العلن عن رفضها لتوجهات الفلسطينيين الاستقلالية.

والسؤال إلى اي حد يمكن لحكومة اسرائيل اليمينية بعد الانتخابات أن تذهب بضغوطها وقمعها للفلسطينيين؟.
هناك سيناريوهان :

الاول - المتطرف المجنون، باستعمال كل أساليب القمع ودفع الشعب الفلسطيني إلى الجوع، وهذا السيناريو لا يمكن لاسرائيل ولا العالم قياس ردود أفعال الجوعى بشكل دقيق، وكيف سينعكس غضبهم على اسرائيل نفسها .

السيناريو الثاني : إبقاء الفلسطينيين أحياء يأكلون ويشربون مع تجميد قضيتهم في اطار واقعهم ذاته ، بلا حلول، سلطة محاصرة، قدس معزولة، استيطان جشع يلتهم كل ما يقع بين أنيابه، وهذا السيناريو مجرب فلسطينيا وقد ضاقوا به ذرعًا، ما دفعهم للتحرك وتدويل قضيتهم.

وأمام أي من السيناريوهين فان ضغوطًا جمة تنتظر الحكومة الاسرائيلية الجديدة، لأن الفلسطينيين الذين انطلقوا دوليا لا يمكن لهم الرجوع، فحمل الملفات التي اعدت والعودة بها إلى الوطن دون انجازات يعني فقدان من يتجرأ على خوض هذه المغامرة، لكل مبررات وجوده وتمثيليه، وأعتقد لا أحد من المسؤولين يمكنه المقامرة بذلك.

أما المشكلة الحقيقية التي ستواجهها الحكومة الاسرائلية، فهي أوروبية بالدرجة الأولى، الأمر الذي كشفته بعض المواقع الإخبارية الإسرائيلية، حيث نشرت مؤخراً تقارير استنادًا الى معلومات استقتها من دبلوماسيين اسرائيليين قاموا بجولة أوروبية وزاروا مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل ، فوجدوا أمامهم حقيقة أزعجتهم ومفادها ان الاتحاد الاوروبي، أعد خطة عقوبات مشددة استعدادا لفرضها على المستوطنات والمستوطنين في الضفة الغربية "اقتصاديا وقانونيا"، سيتم البدء بتنفيذها بعد الانتخابات الاسرائيلية ، تقوم على اساس مبادىء القانون الدولي، على اعتبار أن المستوطنات غير شرعية ولا يجوز التعامل معها بأي شكل من الاشكال، بل إن الاتحاد الأوروبي ووفق الدبلوماسيين الإسرائيليين ذهب أبعد من ذلك، من خلال إبلاغ الجانب الاسرائيلي، انه سيساند الفلسطينيين في المحافل الدولية وفي المؤسسات الحقوقية لينسجم مع برلماناته والأصوات الشعبية المتصاعدة الرافضة للاحتلال.
والنتيجة، إذا نجح نتنياهو في نسج تحالفاته والعودة مرة أخرى إلى سدة الحكم، في اطار اللعبة السياسية الداخلية التي يتقنها، فانه سيجد صعوبة بالغة وتحديات كبيرة في اللعب على الساحة الدولية، ضمن اشتراطاته ومقاييسه في ظل المتغيرات الدولية لصالح استقلال الفلسطينيين.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير