ما هو مستقبل تطبيع بعض الدول العربية مع الاحتلال بعد انتصار المقاومة؟

أصوات عربية حرة .... المواجهة الأخيرة غيرت ملامح "السياسة الإسرائيلية" وقيادة المقاومة أدارت المعركة بـ"احترافية" عالية

16.06.2021 06:00 PM

حكومات الاحتلال المتعاقبة لا تؤمن إلا بتهجير الفلسطينيين، والعودة للمفاوضات لن تخدم سوى الاحتلال

الانتصار الكبير للمقاومة جعلت الطرف الفلسطيني يفرض شروطه وعلى القيادة استثمار هذا الظرف لصالح القضية

قطار التطبيع لم يتوقف لكن دولا عربية اعادت حساباتها بشأنه

 

وطن: أكد ضيفا برنامج "أصوات عربية حرة" - الذي تبثه شبكة وطن الاعلامية- على ضرورة الدمج بين الجهود السياسية والدبلوماسية للقيادة الفلسطينية، والميدانية من خلال ما فرضته المقاومة الفلسطينية على الأرض، لتحصيل الحقوق الفلسطينية وإجبار الاحتلال الإسرائيلي على الرضوخ لها، وكذلك توظيف تلك النتائج في انهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني.

الحلقة الرابعة من البرنامج الذي يقدمه الصحفي سامر خويرة، سلطت الضوء على مآلات ومستقبل تطبيع بعض الدول العربية مع الاحتلال الاسرائيلي، وقد استضافت العقيد المتقاعد رمضان حملات من الجزائر، والكاتب والمحلل السياسي علي يحيى من لبنان.

وتناولت الحلقة التوقعات حول سياسة حكومة الاحتلال الجديدة بقيادة "نفتالي بينيت"، وامكانية العودة للمفاوضات، وأيضا سبل استثمار انتصار فصائل المقاومة خلال العدوان الأخير على غزة، وكذلك العقبات التي تعيق تقدم حوارات القاهرة بين القوى الفلسطينية.

لا تغير يُذكر
وأكد العقيد حملات أن "السياسة الصهيونية لا يمكن أن تتغير بتغير الحكومات، فمنذ أن ارسى الاحتلال أقدامه على فلسطين المحتلة وهم ينتهجون السياسة المتمثلة بالتهجير والقمع، وبالتالي يجب ألا ننتظر شيء من أي  حكومة. التفكير السائد لديهم أن هذه الأرض "يهودية"، ولا وجود للفلسطيني حسب مزاعمهم.

وأضاف "إذا قررت السلطة الفلسطينية العودة إلى طاولة المفاوضات فإن هذه المفاوضات لن تخدم القضية الفلسطينية، وستساهم في تنويم الرأي العام الدولي والداخلي الفلسطيني، بالتالي لن تخدم سوى الاحتلال".

وأشار إلى أن المواجهة الأخيرة مع الاحتلال وانتصار فصائل المقاومة الفلسطينية ووصول الصواريخ لغالبية المدن المحتلة جعلت "الإسرائيليين" يعيشون الخوف لأول مرة منذ عقود. كمان أنها جعلت الطرف الفلسطيني يفرض شروطه على الاحتلال وليس العكس، وعلى الفلسطينيين أن يستغلوا هذه الفرصة جيداً".

أداء احترافي
ولم يتمالك العقيد حملات نفسه عندما طُلب منه تقييم أداء المقاومة العسكري، فقال "كنت أود أن أكون هناك"، مضيفاً "ما حققته المقاومة في غزة لم تستطع دولا عربية أن تحقق جزءا منه، كما أظهرت المقاومة أنها تمتلك شبكة قيادية عملت دون انقطاع رغم استمرار القصف لمدة طويلة، وبالتالي فان معايير القيادة في إدارة المعركة "احترافية".

وتابع "جيش الاحتلال لم يجرؤ على دخول غزة برياً لانهم يعلمون جيداً أنها ستكون مقبرة لدبابتهم، فقد تفادوا المعركة البرية نتيجة لما استخلصوه من الحروب السابقة"، مشيراً أن المقاومة استخدمت حرب الانفاق بشكل جيد، وأن توزيع المقاومين بحسب التخصصات والتكوين والتدريب القوي مكّنهم من  التحكم بكل أنظمة الأسلحة التي يمتلكونها. كل هذه الأسباب أدت إلى هذه النتائج المشرفة.

وأوضح حملات أن عدداً من الدول العربية لديها امكانيات ضخمة تمكنها  من الضغط على الغرب لتحقيق أهداف سياسية، ولكنها وللأسف أصبحت هي المعادية لنظيراتها العربية، وتهرول خلف التطبيع، وبدلا من بذل الجهود للملمة الفلسطينيين يعملون على تشتيت الجهود الوحدوية.

واستشهد حملات بالحركة الوطنية الجزائرية التي قادت الثورة التحريرية التي طردت الاحتلال الفرنسي، داعياً الفلسطينيين إلى الاقتداء بها حتى يوحدوا صفوفهم في طريقهم للاستقلال.

الكلمة للميدان
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني علي يحيى إن المعطيات على الأرض تغيرت لصالح المقاومة، وهو ما دفع للاحتلال للرضوخ لمطالبها، ولم يعد بالامكان العودة لسياسات الاحتلال السابقة، "فالحرب غيرت أمورا على مستوى الجغرافيا السياسية الفلسطينية والجغرافيا التاريخية، وعلى مستوى الوعي الجمعي في كل فلسطين التاريخية، وبالتالي النتائج التي تمخضت عن الجولة الأخيرة لم تعد تعطي مجال كبير للحكومات الاسرائيلية القادمة للمناورة".

وأضاف يحيى أن حكومة "بينيت" أعلنت بشكل واضح أنها ستعالج النار بالعنف ولن يقبل بما تحاول فصائل المقاومة فرضه، لكن الكلمة النهائية هي للميدان. مستبعدا وجود رغبة لدى حكومة الاحتلال بالعودة إلى المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، بل تريد أن تضغط على الجانب المصري لمنع إدخال الاسمنت والحديد لقطاع غزة لربط ذلك بشروط سياسية ممكن أن يحصلوا عليها.

وصرح يحيى أن المسار السياسي لم يؤدي إلى النتائج المطلوبة منه اوسلو إلى مؤتمر انابوليس، وصولا إلى يومنا الخاضر، مشيرا إلى محاولات الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات المزاوجة ما بين السلطة والعمل المسلح لإيمانه أن المقاومة هي الرافد الأقدر على فرض الخرائط الميدانية والشروط السياسية الفلسطينية واقامة دولة على حدود 1967، ودفع حياته ثمنا لذلك.

وبحسب الكاتب اللبناني فإن المفاوضات وضعت الطرف الفلسطيني في موضع المنتظر السلبي، فقد كان عليه الاعتراض اللفظي دون أن يكون لاعتراضه أي فعل ميداني، لكن المواجهة الأخيرة أعادت القضية الفلسطينية كعنوان عريض يتجاوز الحدود الوطنية والاقليمية إلى العالم حتى داخل الولايات المتحدة.

مصر.. البوابة الأوسع

وأوضح أن من مخرجات الحرب الأخيرة العودة المصرية إلى فلسطين من البوابة الواسعة، حيث انها تمتلك البعد الجغرافي والامتداد التاريخي لقطاع غزة وهو ما ساهم في دعم الموقف الفلسطيني في مفاوضات وقف اطلاق النار، ولاحقا في ملف اعادة الاعمار وصفقة التبادل

في الوقت ذاته، أكد يحيى وجود عقبات أدت إلى تأجيل اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في القاهرة، منها عدم التوافق على استكمال ملف الانتخابات عند النقطة التي توقفت عندها قبل معركة "سيف القدس"، والفشل في التوافق على اعتبار أن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الوحيد، والفشل أيضاً في التوافق على من يشرف على إعادة اعمار غزة، حيث أن السلطة تريدها من خلالها، وهو ما رفضته معظم الفصائل.

وفي نهاية حديثه، عقب يحيى على أن نتائج الجولة الأخيرة اسقطت معظم مفاعيل التطبيع، حتى أن بعض الدول التي كانت تنوي ركوب هذا القطار لم يعد بامكانها ذلك بسب الضغط الشعبي الحي مثل تونس والسودان، وختم بقوله إن "العمل المسلح هو الأقدر على استعادة الحقوق وما لم يتم تحقيقه أيضا".

تصميم وتطوير