اليوم الثامن والستون بعد المائة لحرب الإبادة على غزة، 22 مارس 2024

زينب الغنيمي تكتب لوطن من غزة: الأوضاع في غزة ليست مطمئنة، العدوان الصهيوني يزداد شراس

23.03.2024 01:48 PM

وطن: منذ اقتحام الجيش الإسرائيلي لمجمّع الشفاء الطبي قبل خمسة أيام، والأوضاع في مدينة غزة تزداد خطورةٌ على المواطنات والمواطنين، حيث تجاوز الجيش الصهيوني هذه المرة مربع مشفى الشفاء إلى الشوارع المؤدية إليه شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا على امتدادها. وقد كان لهذه الجولة أبعادٌ جديدة تتّسم بالمزيد من العنف والوحشية، فكما قال شاهد عيانٍ قريب لإحدى العائلات التي استهدفها الجيش، أنّهم قاموا باعتقال رجل في مشفى الشفاء حيث كان يرافق أحد المرضى، ثم أخذوه مقيدًا نحو منزله وقاموا بضرب أفراد أسرته من النساء والأطفال وأجبروا الجميع على مغادرة المنزل نحو شارع الرشيد بمحاذاة البحر باتجاه الجنوب، ثم فجروا منزله أمامه وقادوه بعدها إلى جهةٍ غير معلومة.

وبنفس الوحشية قام الجنود بتمشيط المنازل في تلك المناطق واعتقال الرجال بالمئات، وترحيل النساء وأطفالهنّ نحو الجنوب عبر شارع الرشيد. وفي نفس الوقت قامت الطائرات الحربية بهدم بعضٍ ممّا تبقّى من الأبراج والعمارات السكنية والمجمعات تجارية، وأُلقيت قذائف حارقة من الدبابات على العديد من المنازل مما أدى إلى استشهاد نساءٍ ورجالٍ وأطفال.

ومازالت الجثث في المنازل، حيث لم يسمح الجيش لأقاربهم بالحركة لدفنهم حتى الآن. ومازالت الكثير من العائلات ترسل صرخات الاستغاثة لفكّ الحصار عنهم، سواء لدفن الشهداء أو للحصول على الماء والطعام، أو الدواء للمصابين والمرضى. والروايات كثيرة عن مستوى الإجرام الذي يفوق الخيال، لما يقوم به جيش المرتزقة الصهيوني ضد الشعب في مدينة غزة.

إنّ اللافت للانتباه أنّه بالرغم من توثيق تلك الجرائم عبر الإعلام، ومن خلال الكثير من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى بواسطة حسابات جنود العدوّ الصهيوني المفتخرين بجرائمهم، غير أنّ كُلّ ذلك لا تراه الإدارة الأمريكية، بل مازالت تستمر بدعمها لدولة الكيان الصهيوني الفاشية. وما زال المتحدثون في كافّة المنابر باسم هذه الإدارة يبرّرون لعدوّنا جرائمه، وليس آخرهم المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن التي دافعت اليوم بكلّ وقاحة وصلف عن مشروع قرار مقترح من قبلهم أمام المجلس، والذي يُحمّل حركة حماس مسؤولية ما يجري في قطاع غزة باعتبار أنّ ما ترتكبه دولة الاحتلال ضد شعبنا دفاعٌ مشروعٌ عن النفس. كما يطال القرار تسليم الأسرى الصهاينة المُحتجزين في غزة، وإدخال مساعداتٍ إنسانية ووقف إطلاق النار لستة أسابيع، دون أن يشير إلى جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال في قطاع غزة، وإمعانها في الاستمرار بهذه الجرائم.

مرّة أخرى، كلّنا شهودٌ على أنّ الدولة الصهيونية ماضيةٌ في مخطّطها الفاشي ضد شعبنا في قطاع غزة، وتصرّ على اجتياحٍ بريّ لمدينة رفح بما يُهدّد مليونًا ونصف من السكان، الأمر الذي سيعني كارثةً حقيقية ليس هدفها أبدًا القضاء على حركة حماس كما يُصرّح القادة الصهاينة، بل هدفها القضاء على كلّ الشعب الفلسطيني هنا، ومَحوه من الخارطة الجغرافية والسياسية. وهو يشير أيضًا إلى أنّ الضفة الغربية ليست بعيدةً عن هذا المخطط، فها هو الجيش يداهم يوميًا المدن والقرى والمخيمات هناك، ويعتقل الشبان ويقتل كلّ من يشتبه بهم مباشرةً إما على الحواجز أو عبر الطائرات المُسيّرة، بالإضافة إلى تدمير بيوت المقاومين.

إنّ المزيد من الانتظار دون اتخاذ قرارٍ دولي بوقف دائمٍ لهذا العدوان بلا قيدٍ أو شرط، يعني المزيد من الدمار والخراب، والمزيد من القتل والتشريد للناس. بُحّت حناجرنا ونحن نقول بأنّ وقف العمليات العسكرية بات أمرًا مُلحًا لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه.

زينب الغنيمي، من مدينة غزة تحت القصف والحصار

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير