زينب الغنيمي تكتب لوطن من غزة: يوم حزين في غزة مع بدء شهر رمضان في الغد

17.03.2024 11:19 AM

اليوم السادس والخمسون بعد المائة لحرب الإبادة على غزة، 10 مارس 2024

الحزن بادٍ على وجوه كُلّ من قابلتهم اليوم أثناء خروجي لاستكمال تفقّد بيتي وتنظيفه. قال السائق لي "مش عارف كيف بدنا نعيش في رمضان، إيش بدنا نتسحّر وإيش بدنا نفطر، صار لي يومين بلف في الأسواق، لا في تمر ولا في أي نوع من الخضرة، حتى الخبيزة اختفت من السوق، ولا أي نوع من الحلاوة والطحينة الكيلو بخمسين شيكل والسكر زيها، والطحين برغم نزول بعض المساعدات لسه سعره في العلالي، الكيس بألف شيكل، والرز كمان غالي، وبعدين والله مش عارف الناس كيف بدها تعيش!"

وحين انتهيت من العمل في الشقّة، قالت لي زوجة حارس البناية بعد عودتها من السوق الرئيسي في وسط مدينة غزة: "على فكرة يا أستاذة ما في أي مظاهر رمضان بالبلد، السوق فش فيه إشي".

ثم وعند عودتي للمنزل، وجدت والدة قريبتي تبكي بمرارة بعد الحديث عن أن غدًا هو الأول من رمضان، ووجدت صديقتي مكتئبة، وكلّ من في المنزل واجمون، ويشعرون بالقهر والحسرة وهم يستذكرون كيف كان استقبال شهر رمضان بالنسبة لهم سابقًا، باعتباره شهر الصوم والتقرّب لله ويليه عيد الفطر.

كما يُعرف عادةً، فإنّ الناس خلال هذا الشهر يُعلّقون الزينة المضيئة في الشوارع والبيوت، ويشترون الفوانيس للأطفال، ويصنعون الحلويات وأهمّها القطايف، ويطبخون أطعمةً مختلفةً مما لذّ وطاب، ويتزاورون مع أقاربهم وأصدقائهم، ويُقدّمون الزكاة للفقراء. أمّا الآن فالأمر مختلفٌ تمامًا، حيث بات معظم الناس في قطاع غزة فقراء وبحاجة لمن يقدّم لهم الدعم والصدقة، ولا يوجد في الأسواق ما يُمكن شراؤه، ولا يوجد حتى أقارب وأحبة للتزاور معهم، خاصّةً أولئك الذين فقدوا أفراد عائلاتهم كلهم أو بعضًا منهم، وأيضًا من نزح غالبية أقاربهم وحاليُا يعيشون في الخيام وفي العراء، كيف سيستقبل كلّ هؤلاء شهر رمضان؟ وكيف سيشعرون به مع مرارة الفقد والجوع والقهر؟

إن الشعب في قطاع غزة كان يتأمّل مع بداية هذا الشهر أن يحدث اتفاقٌ لوقف العدوان، وكثرت الوعود بهذا الخصوص، ولكن حكومة الحرب الصهيونية تستغلّ حاجة شعبنا إلى السلام والهدوء في هذا الشهر، وتهدّد بتصعيد عدوانها للضغط على قوى المقاومة وإجبارها على القبول بهدنة مؤقتة بدلًا عن وقف العدوان بشكل نهائي، ومن المؤسف أن الأنظمة الوسيطة العربية تضغط من جانبها أيضًا لإجبار حركة حماس وباقي القوى على القبول بتلك الشروط التي في جوهرها شروطٌ مُذلّة وليست في صالح شعبنا.

إنّ كلّ ما يتطلّع له شعبنا اليوم هو أن يمرّ شهر رمضان بأقلّ الخسائر الممكنة، فلم يعد لدى الناس القوة ولا الطاقة لتحمّل المزيد من الخسائر البشرية والمادية، مع استمرار الأمل بأن ينتهي هذا العدوان في أقرب وقتٍ ممكن.
زينب الغنيمي، من مدينة غزة تحت القصف والحصار

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير