راسم عبيدات يكتب لوطن .. رسائل السيد واجتماع "كابينت" الكيان وقدوم هوكشتاين

30.08.2023 07:14 PM

 من بعد عمليتي حوارة والخليل وتصاعد اعمال المقاومة في الضفة الغربية، وفشل دولة الكيان في إفشال وإجهاض  تلك العمليات، واستعادة قوة الردع رغم  العملية العسكرية الواسعة التي شنتها على مخيم جنين في تموز الماضي (بيت وحديقة)، وزيادة عدد كتائبها العاملة في الضفة الغربية (23) كتيبة وأيضاً زيادة تنسيقها الأمني مع السلطة الفلسطينية، فان تصاعد تلك العمليات دفع بـ" كابينت" الكيان الى تفويض نتنياهو وغالانت وزير حرب الكيان، لجباية الثمن الباهظ  من  حماس التي جرى اتهامها الى جانب ايران، بأنهما تغرقان الضفة الغربية بالسلاح وتمولان وتوجهان المقاومة في الضفة الغربية، والتهديد بالقيام بعمليات اغتيال مفاجئة بحق قيادات وازنة  في فصائل المقاومة وفي المقدمة منهم نائب رئيس المكتب السياسي لحركة  حماس الشيخ صالح العاروري، المتهم الرئيسي عن تمويل وتسليح وقيادة المقاومة في الضفة الغربية  وامين عام حركة الجهاد  زياد النخالة ومسؤولها العسكري في سوريا اكرم العجوري.

وترافقت تلك التهديدات بحملة مركزة على حزب الله اللبناني، والتهديد بإعادة لبنان الى العصر الحجري، دفعت بسماحة السيد حسن نصر الله للقول  لقادة دولة الكيان أي حماقة ترتكبونها نحن سنعيدكم للعصر الحجري، ومن بعد ذلك وفي ظل لعبة الضغط النفسي والمعنوي التي يمارسها ويجيدها السيد بكل ثقة على الكيان مجتمعاً ومستوطنين، تصاعدت حدة التوتر بشكل لافت على الجبهة اللبنانية، حيث عاد سماحته في الذكرى الثانية للتحرير، تحرير الجرود من الجماعات التكفيرية والداعشية  (2017)، ليلقي كلمة وجه فيها رسائل واضحة  للوكيل والأصيل والداخل اللبناني.

وقال نصر الله لقادة دولة الكيان، بأن أي عملية اغتيال على الأرض اللبنانية، لأي قائد لبناني فلسطيني ايراني وغيره، سيتم الرد عليها مباشرة حتى لو تطورت الأمور الى حرب اقليمية، واللافت أيضاً الرسالة التي وجهها الى الأمريكان الذين يحتلون شمال شرق سوريا ويسرقون ثرواتها من النفط والغاز والأغلال ويجوعون الشعب السوري، ويسعون عبر حربهم الناعمة وحصارهم التجويعي الاقتصادي والمالي والتجاري لسوريا الى قيام انفجارات وتوترات اجتماعية في المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية، محافظة السويداء نموذجاُ، ولمنع الأمريكي من تحقيق أهدافه قال بشكل لا يقبل اللبس عن استعداد الحزب للمشاركة في تحرير  تلك الأراضي السورية من القوات الأمريكية المحتلة، كما حدث في تحرير الجرود، ونحن شهدنا تصعيد امريكي في إعادة تفعيل داعش في سوريا والعراق، وشنها للعديد من العمليات في هذين البلدين، لخلق حالة من عدم الاستقرار الأمني، ويترافق ذلك بتكثيف العدوان من قبل دولة الكيان على الأراضي والمطارات السورية.

رسالة سماحة السيد هذه تقول، بانه من الواضح بأن هناك قرار على مستوى محور المقاومة باستعادة الأراضي السورية المحتلة أمريكياً عبر الخيار العسكري، وليس فقط بالاكتفاء بالمقاومة، في حين رسالته الثالثة للداخل اللبناني والتي حملت معاني تطمينية باستمرار التنسيق مع التيار الوطني الديمقراطي والعلاقة المترسخة مع حركة امل، وفي الجانب التحذيري بعدم السماح بوجود رئيس لبناني يطعن المقاومة او لا يحمي ظهرها.
دولة الكيان التي تعيش حالة من الإرباك الداخلي والأزمات العميقة البنيوية والسياسية والمجتمعية والانقسام العميق الذي يتوسع ويتطور، بحيث أصبح يطال المؤسستين العسكرية والأمنية، ومع دخول دولة الكيان حالة من اللامخرج السياسي وعدم الاندماج الداخلي، وصعوبة وتعقد خياراتها في وجه المقاومة المتصاعدة وسخونة الأوضاع على الجبهة الشمالية بشكل لافت، كل هذا يجعل الكيان يفكر الف مرة قبل أن يقدم على القيام بعملية اغتيال بحق قيادات عسكرية وازنة في محور وفصائل المقاومة الفلسطينية والعربية، من  امثال العاروري والنخالة والعجوري والضيف وغيرهم، فهذا من شأنه ان يشعل فتيل أكثر من ساحة وجبهة ودولة الكيان بنت استراتيجيتها على الفصل بين الساحات والجبهات، وهي لا تريد لجبهة الضفة الغربية، أن توحد الساحات والجبهات، وهي التي حرصت من بعد معركة " سيف القدس"، أيار /2021، على أن تشطب هذا  الخيار، ولكنها بالمقابل تعلم علم اليقين، بأن جبهة الضفة الغربية، تلقى المساعدة والمساندة والتمويل والتسليح من كل الساحات والجبهات، وبأن عملية تسليح وتطوير المقاومة في الضفة الغربية، لا تتم فقط عن طريق  قوى المقاومة وايران و حزب الله، بل عمليات تهريب السلاح من الأردن تتكثف وتتصاعد، حتى ان السلاح الذي تسرقه عصابات الإجرام من قواعد جيش الكيان يصل  جزء منه الى فصائل وأفراد المقاومة، ولذلك كل هذا دفع برئيس وزراء الكيان، من أجل عقد اجتماع ل " كابينت"  الكيان المصغر الأمني والسياسي في اوائل أيلول القادم للبحث في إمكانيات اندلاع حرب على أكثر من جبهة، حيث ستكون الجبهات الفلسطينية واللبنانية والسورية والإيرانية والعراقية وحتى اليمنية حاضرة في النقاش والقرارات.

دولة الكيان التي على مدى سنوات دأب وواصل قادتها العسكريون والأمنيون والسياسيون، على توجيه التهديدات لقادة المقاومة ولحزب الله وقادته وايران  ، يدركون تماماً بأن تلك التهديدات لم تردع طهران عن الاستمرار في تطوير ترسانتها العسكرية من صواريخ بالستية  ومسيرات وسلاح جوي وبحري ومجوقل وجيوفضائي وسيبراني ، وكذلك الاستمرار في برنامجها النووي ، في ظل تجاوزها لتداعيات العقوبات الأمريكية، وأيضاً حزب  الله لم تردعه تلك التهديدات، وفرض الترسيم البحري على دولة الكيان، وحماية ثروات لبنان البحرية من غاز ونفط بقوة المقاومة، وتهديداتها هي التي دفعت بعاموس هوكشتاين الوسيط الأمريكي ، يهودي الولاء  والتربية، للقدوم أكثر من مرة لمنع انفجار الأوضاع وتنفيذ نصر الله لتهديداته، بقصف أي سفينة تقوم بالتنقيب  واستخراج الغاز من  حقل "كريش" دون ضمان حق لبنان بالتنقيب واستخراج غازه من حقل "قانا".

ونجح الحزب في فرض معادلته، مدعوماً بموقف الجيش والشعب والموقف الرسمي. واليوم يتحرك هوكشتاين مجدداً في ظل التصعيد الحاصل على الجبهة الشمالية، وقيام دولة الكيان بسلسلة من الاستفزازات، عبر اقامة سياج أمني على شمال قرية الغجر اللبنانية المحتلة، والقيام ببناء جدار اسمنتي واعمال تجريف، ردت عليها المقاومة والجيش والشعب بالدخول الى الأراضي اللبنانية، خلف ما يسمى بالخط الأزرق الوهمي، ونصب حزب الله لخيمة في قرية الغجر، لم يجرؤ الكيان على إزالتها.
هوكشتاين يأتي في ظل تصاعد الأزمة والسعي لنزع فتيلها، في ظل إدراكه العميق بأن أي حرب قد تنشب، من شأنها أن تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة ووجوده فيها، والأخطر من ذلك التهديد الوجودي لدولة الكيان التي باتت أعجز من أن تحقق نصراً أو ان تتحكم في سير ومسار وموعد بدء الحرب ونهايتها.
هوكشتاين يعمل على ممارسة الضغوط على الحكومة اللبنانية، لكي تردع حزب الله، ويبدو ان هوكشتاين لم يتعلم الدرس ولم يدرك بان اليد الطولى الآن للمقاومة، فهي المقرر واللاعب الرئيسي، وسماحة السيد قال بشكل واضح بأن المعادلة الثلاثية الذهبية " الجيش والشعب والمقاومة "حققت عديد من الانتصارات وهي قادرة على صنع المزيد منها..  الباب مفتوحاً على كل التطورات وعلى كل الجبهات، والأمور والأوضاع على حافة الهاوية، وأي حماقة او خطأ يرتكبه قادة الكيان، قد يدفع بالأوضاع الى انفجار شامل وواسع وعلى أكثر من جبهة، والأيام القادمة حبلى بالتطورات.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير