حل الدولة الديمقراطية الواحدة حل إنسانيّ وفعلٌ تحرري ومسار كفاحي طويل

عوض عبد الفتاح يكتب لوطن .. نداء لدعم حل الدولة الديمقراطية الواحدة في فلسطين التاريخية

22.08.2023 07:08 AM

تصاعدت، في السنوات الأخيرة، الحراكات والنداءات، التي تدعو إلى تبنّي حل الدولة الديمقراطية الواحدة في فلسطين الانتدابية، كحلٍ تحررّي إنسانيّ يقوم على أنقاض نظام الأبارتهايد الاستعماري الاستيطاني وجرائمه، ويستند إلى مبدأ العدالة والديمقراطية والمساواة. وتأتي هذه الحراكات الهامة كنتيجة لانهيار وهم حلِّ الدولتين، الذي استخدمته إسرائيل كغطاءٍ لتعميق مشروعها الاستعماري الإحلالي الظالم والدموي في كل فلسطين التاريخية، وأيضا عقب ظهور جيلٍ جديد من الأكاديميين والباحثين، الفلسطينيين وغير الفلسطينيين، الذين أعادوا تأطير الصراع في فلسطين، باعتباره صراعاً كولونيالياً وليس نزاعاً بين قوميتين متساويتين في الحق، وأكدوا أن الحل الذي ينصف الجميع، وفي مقدمتهم اللاجئين، الذين طردتهم العصابات الصهيونية عام ١٩٤٨، هو حل الدولة الديمقراطية الواحدة. وقد أدانت منظمات حقوق الانسان الدولية، التي أصدرت تقارير هامة في السنوات الأخيرة، الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، واعتبرت هذا الكيان، نظام أبارتهايد مفروضا بين البحر المتوسط ونهر الأردن، ويشكل ذلك تطورا هاما في الموقف الدولي، مما يخلق فرصا جديدة امام النضال الفلسطيني التحرري .

إن حل الدولة الديمقراطية الواحدة ليس طرحاً جديداً، إذْ هو طرحٌ فلسطينيّ بامتياز، تبنته منظمة التحرير الفلسطينية، في الجلسة الثامنة للمجلس الوطني الفلسطيني (برلمان المنفى) عام ١٩٧١. ولكن الضغوط الدولية والعربية لتبني حل الدولتين دفعت قيادة المنظمة إلى التراجع، وقبول دولة على ٢٢٪؜ من فلسطين التاريخية. وها قد مرّت عقودٌ طويلة، تخلّلها طردٌ وتشريدٌ وقتلٌ ومعاناة شديدة تعرض لها الشعب الفلسطيني، دون أن يتحقق هذا الحل. ولهذا أصبح النضال التحرري من أجل الإطاحة بمنظومة القهر الصهيونية في فلسطين، وإقامة الدولة الديمقراطية الواحدة، واجباً عالمياً وانسانياً، وليس مهمة فلسطينية فقط.

تفكيك الهياكل الاستعمارية الصهيونية
في أوائل عام ٢٠١٨ ولدت هيئة فلسطينية جديدة، أعلنت عن توجهها بتجميع وتوحيد مناصري حل الدولة الواحدة،  هي  "حملة الدولة الديمقراطية الواحدة في فلسطين التاريخية"، أطلقها فلسطينيون من مختلف ارجاء الوطن والشتات، ومعهم رفاق يهود إسرائيليون مناهضون للصهيونية والاستعمار والابارتهايد، ووضعت برنامجًا سياسيا من عشر نقاط، يلخص المبادئ العامة التي يقوم عليها هذا الحل. ويبدأ البرنامج بمقدمة توكد على أن المسار التحرري الشامل، الذي يطمح إلى تفكيك الهياكل الاستعمارية الاستيطانية المهيمنة وإنهاء السيطرة الصهيونية، هو الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى إقامة دولة ديمقراطية دستورية واحدة، تستند الى  مبدأ المساواة بين المواطنين (شخص واحد يساوي صوتا واحدا)، وتضمن الحقوق المدنية الفردية والحقوق الثقافية الجماعية، وكذلك العدالة الاجتماعية، لكل من يعيش بين البحر والنهر.
وتشكل قضية عودة اللاجئين وذريتهم إلى فلسطين المستقبلية المحررة من الاستعمار والابرتهايد والتقسيم، مبدأ أساسياً ومطلباً جوهرياً، بالنسبة لحملة الدولة الديمقراطية الواحدة. فحق العودة، المُصانٌ في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ١٩٤، هو حقٌّ طبيعي لكل من هُجِّر بالقوة من وطنه. وستتم مساعدة اللاجئين على العودة إلى بلادهم وإلى الأماكن التي هُجِّروا منها، بالإضافة إلى إعادة بناء حياتهم الشخصية ودمجهم بالكامل في مجتمع البلد واقتصاده وحياته السياسية. ولن تكتفي الدولة الجديدة باستقبال مواطنيها اللاجئين، بل ستعمل على إعادة الممتلكات الخاصة والجماعية التي فقدوها.

قضية فلسطين قضية عالمية
ليست القضية الفلسطينية مجرد قضية محلية أو وطنية، ولم تكن وليدة صراع أهلي محلي، بل هي نتاج عدوان استعماري خارجي، قادته امبراطوريات استعمارية غربية، هدفت الى إقامة قاعدة تسيطر من خلالها على شعوب وموارد المنطقة العربية والشرق الأوسط بشكل عام. ولا يزال هذا النظام العالمي، الذي خلق قضية فلسطين وغيرها في بلادٍ عديدة، عاتياً وغير عادل، ويقدم الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي والأخلاقي لإسرائيل. لذا فإن حملة الدولة الديمقراطية الواحدة تدعو الى تشكيل حملة شعبية ومدنية عالمية لإجبار النظام العالمي الظالم التوقف عن دعم وتمويل منظومة الظلم في فلسطين وفي جميع انحاء العالم، وللتخلص من وهم حل الدولتين التقسيمي، وما تمخض عنه من جرائم مروعة، وجدران فاصلة، ونقاط تفتيش، وحصار وحشي، وسجون قاتلة، ناهيك عن مواصلة الإستيلاء على أراضي الفلسطينيين وإقامة وتوسيع المستوطنات واطلاق العنان لمستوطنيها اليهود ليواصلوا هجماتهم الدموية على القرى والمدن الفلسطينية، تحت رعاية جيش الاحتلال.              

يا أحرار العالم، نحن، أعضاء وأنصار حملة الدولة الديمقراطية الواحدة، فلسطينيين ويهودا، ندعوكم لدعم حل الدولة الديمقراطية الواحدة، كمشروع كفاحي وانساني يحرر الفلسطينيين من الاستعمار والفصل العنصري، ويحرر اليهود الإسرائيليين من الايديولوجية الصهيونية العنصرية، ويضمن إقامة كيان سياسي واحد يوفر العدالة، والامن والسلام للجميع. إننا، وبعد أن تخلت الحكومات، العربية وغير العربية، عن الفلسطينيين، نثق أنكم، باعتباركم القوى التقدمية في العالم كله، تمثلون أهم حلفاء الشعب الفلسطيني. إننا نرى أن انخراطكم في هذا الجهد التحرري الإنساني، ضروري لتحقيق النجاح لهذا المشروع النبيل. وها نحن ندعوكم للانضمام إلينا في كفاحنا من أجل التحرر وبناء دولة ديمقراطية واحدة لجميع السكان بين النهر والبحر.
آب ٢٠٢٣

                                                      انفورماسيون اوفريير  رقم 766
أسبوعية حزب العمال المستقل (فرنسا)

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير