حمدي فرّاج يكتب لوطن: عن حسين عبد اللهيان والصفدي

21.08.2023 10:41 AM



يلفت النظر الاشادات الإسرائيلية التي اسمعت مؤخرا بحق وزير خارجية ايران حسين امير عبد اللهيان ، وهي اشادات منبعها درجة الغيظ الشديد من النجاحات التي حققها مؤخرا والتي تصل حد الاختراقات ، و الحديث هنا يدور عن اجتماعه في جدة مع و لي العهد السعودي محمد بن سلمان ، اجتماع نوعي ، ما كنا لنصدق حدوثه خلال السنوات الثمانية الماضية من عمر الأمير في الحكم . طال الاجتماع ساعة و نصف ، و تتوج بحمل اللهيان دعوة من الأمير الى الرئيس الإيراني بزيارة الرياض .

كانت تسوية الخلافات مع السعودية، او طي صفحتها، هي آخر دول الخليج، الذي نجح اللهيان في تسويتها في اقل من عامين، رغم عدم انكار الدور الذي تلعبه بلاده عسكريا في دعم الحوثيين في اليمن، ورغم العداء المستفحل مع أمريكا وإسرائيل والذي يصل بمجاهرة ان الأولى هي "الشيطان الأكبر" ، و الثانية "لا بد من ازالتها عن الخارطة" ، ما عرضها الى عقوبات شاملة منذ انتصار ثورتها قبل أربعة وأربعين سنة ، و تحويلها الى عدو شيعي يستهدف السنة في العالمين العربي والإسلامي .

  يحرص الوزير اللهيان على هدوء ملفت للنظر ، و مستمع لضيوفه او مضيفه اكثر منه متحدث ، حتى لو كانوا اقل منه شأنا او منصبا ، لكنك تشعر انه يعرف ما يريده بدون لف او دوران ، و بلغة الشارع تعرف انه لا يكذب ، و بلغة السياسة تعرف انه لا يداهن ، لكنه لا يلجأ الى لغة التهديد و الوعيد التي عرف بها نظراؤه السابقون .

يحمل الوزير الذي لم يصل الستين بعد (ولد عام 1964) شهادة الدكتوراة في العلاقات الدولية ، و هو بالمناسبة علم جديد ، ليس له علاقة بمطاحنات السياسة و مداهناتها واكاذيبها ، و "فن الممكن" ، و هو ما عرفناه عن وزراء خارجياتنا العربية الذين بالكاد نعرف أسماءهم ، حاليين و راحلين ، دون ان يحققوا أي إنجازات تذكر . سيقول البعض ان وزراءنا هم مجرد موظفين في قصر السلطان ، و هذا كلام صحيح ، و سيقول آخر ان قوة او ضعف الوزير  انما هو انعكاس لقوة او ضعف بلده ، و هذا صحيح أيضا ، لكن القوة لا تقتصر على ما تملكه الدولة من أسلحة ، بل ما تملكه من اخلاق إنسانية بحق شعبها و شعوب العالم عموما ، و هناك دول منزوعة السلاح اقوى من دول عاتية تمتلك أسلحة نووية ، و لكنها آيلة للسقوط قبل غيرها ، انظر الى دولة الكيان ، وبعيدا عن انها تحتل شعبا آخر ، ها هي تنفجر داخليا لاسباب ليس لها علاقة بالشعب الذي تحتل . وزير الخارجية الأردني  ايمن الصفدي الذي دخل لتوه الستين من عمره ، و يحمل شهادة في الادب الإنجليزي ، له من ملامح اللهيان ، حتى ان بعض المسؤولين الإسرائيليين يطلقون عليه غيظا من مواقفه المتشددة ضدهم لقب "بن غافير" الأردني .

قال لي احد المفاوضين الفلسطينيين ، ان ما كان يثير غيظه ، عند التقائنا اعضاء الطاقم الإسرائيلي المفاوض الاقبال عليهم بالاحضان والقبل ، ظنا منا ان هذا قد يغير من مواقفهم .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير