"مطعم أبو شكري".. وجهة السائحين في البلدة القديمة بالقدس

كتبت: زينة عباسي
في أحد أسواق البلدة القديمة يَقف شَامخًا ذلكَ المَطعم بِبابه الحَديديّ المُزركش وجُدرانه المَليئة بالنتوءات التي خَلّفها الزَّمن لكنّه لا يَزال قويًا وصلبًا ؛ فقد مَرّت عليه أعوامٍ طَويلة وشَهِدَ أَحداثٍ كَثيرة إلّا أنهُ لا يَزال المَطعم القَديم الذي يَقصده الكَثيرون لِتناول الفُطور الشعبيّ صَباحًا المُكوّن من فلافل وحُمص ومسبحة وخبزٌ طازج إضافة إلى جميع أنواع السلطات.
مَطعم أبو شُكري الذي أُسس على يَدّ الحاج محمد طه المُلقب بأبو شُكري – رحمه الله – عام 1948م أي مع بداية نكبة الشعب الفلسطيني، صَاحب الوصفة المَشهورة لحمص "أبو شُكري" والتي انتقلت من جيل إلى جيل بِنفس الطَّعم والطَّريقة والجُودة، تَعلّم أبنائه هذه الصَنعة وتوارثوها بَعدَ وفاته لأنها تُعد من التُّراث الفلسطينيّ، ظلَّ هذا المطعم حتى اليَوم ولَم تُغلق أبوابه بل عَلى العَكس تَمّ افتتاح فرعٌ آخر في بَلدة بيت حنينا.
لَعبت السَياحة دَورا مهما في شُهرة المَطعم؛ فقد كانت البَلدة القَديمة من الأماكن التي يَزورها السَّائحون ويتجولون في أسواقها وأزقتها وبينَ حَاراتها. يقول ياسر طه مالك المحل "إن من يزور المطعم يتعود على المجيء إليه بِشكلٍ دائم، إضافة إلى السائحين والأجانب الذين تَعرفوا على الحُمص والفلافل من خلال زيارتهم للمطعم، حيث لم يَكن لديهم دِراية مُسبقًا بهذا الفطور الشعبي، لكن بعدما اشتهر أصبح كل من يزور القدس وخاصة البَلدة القديمة يقصد مطعم أبو شُكري فهو يُرحب بالجميع من كل الطوائف والبُلدان ولا سيما أهل القدس.
عِندما تمّ افتتاح المطعم في عام 1948م لم تتوافر المُعدات والآلات الحَديثة بل كان يتم عمل الحُمص بِشكلٍ يَدويّ حيثُ يَتم وضعه في وعاء مصنوع من نُحاس وطَحنه بِاستخدام "هاون" مصنوع من الخَشب عن طَريق اليَد ومن ثُمَّ وضع "الطحينة " والتوابل، أما في أيامنا هذه مع التَّطور وزيادة الطَّلب تَمّ استبدال الأدوات البَسيطة بماكينات ومُعدات مُتطورة أكثر.
مطعم أبو شُكري ... لا يَزال حَتى اليَوم حاملًا بينَ طَيّاته حِكاية الحاج محمد طه التي لم تُدفن في زِحام الذَّاكرة بَل بَقيت مُستمرة تِلكَ الصَّنعة يتوارثها الأبناء والأحفاد ولم تَنتهِ بوفاة صاحبها.
في ساعات الصَّباح عِندَ شُروق الشَّمس ومع لفحات الهواء البَاردة المحملة برائحة الفلافل في وسط البَلدة القَديمة يَبدأ سُكان البَلدة والسائحين بالتوافد إلى المَطعم لتناول فُطورهم بِشهيّة فيصبح هناكَ اكتظاظ بِشكلٍ ملحوظ؛ زَبونٌ يَطلب صَحنًا من الحُمص بالإضافة إلى صحنٍ من المسبحة وزبونٌ آخر يستعجل بِطلبه بِسبب جوعه، وآخر يَطلب شَطة ومِلحًا وآخر يَطلب كأسًا من الشايّ ... فهل هُناكَ أطيب من الفلافل الساخن والحُمص الطازج بِنكهة التَّوابل في كُلّ صباح؟!