أمل المصريّ بيَن سقفٍ ريفيّ وطموحٍ فاقَ الحُدود

18.11.2021 07:23 PM

كتبت: رنين شخطور

حينَ تولَدُ مِن عبقِ البساطَةِ روحُ الأَمل، هذا ما حَدثَ حين وُلِدَتْ طفلةٌ ارتَسَمَ على وجنتيها النُّورَ ،الذي ما لَبِثَ أباها أن رأى طلّتها لِيُطلِقَ عليـها تِلكَ السِّمَةَ التي اقترَنت باسمه وكنيَتِهِ ( أَمل عز الدِّين دراغمةً).

أَمْل هي واحِدةٌ من تِسعِ فَتياتِ وشقيقٍ في عائِلَتها، ولَكِنَ اسمها أَضفى لها نصيباً مِنْهُ؛ حينَ كانَتْ تَحلُم في كُلِّ ليلَةٍ بمُستَقبَلٍ أَسمى وكيانٍ حاضِرٍ مؤثِّر.
وَمِنْ نعومَةِ أظافِرِها نشأَتْ أَمل بين أحضانِ قريتها قريةُ اللبَن الشمالية حتى وصولها سِنَّ العاشِرةِ؛ فقد تلقت تعليمها الابتدائي في مدارس القرية؛ لتنتَقِلَ بعدَها للعيشِ في مَدينةِ نابلِس هي وعائلتها من اجل إكمال مسيرَتِها التعليمية.

دراسةٌ دؤوبَةٌ مُعثَّرة
  فِي عامِ ١٩٨٧م أنَهتْ أَمل دِراسَتِها الثَّانويّة في مدارِسِ نابلس بتفوُّق؛ لتلتَحِقَ بَعدَها إلى الجامعة الأمريكية في جنين في تخصص الأحياءِ إبَّان اندلاع الانتفاضة الأولى؛ فَتُخبِرُ أمل " كان يجب عليَّ اتخاذُ قرار بشأن مستقبلي أما أن انتظر لفتح الجامعات أو أن اختار شيئاً آخر لاستغلالِ فترة التسكير بالتطور أكاديمياً إلى أن قررت دراسَةِ اللغة الفرنسية بعد رؤيتي الإعلانِ عَنهُ في إحدى الجرائد"  وبالفعل درست اللغة الفرنسية حتى أنهَت الدراسةَ في مدة قليلة جداً لا تتجاوز الثلاثة شهور وبجدارَةٍ بالنسبة للأشخاص الذين يدرسونَ الفرنسية لأوًّلِ مَرّة، وإبداعُها أمكنها من الحصولِ على منحةٍ مقدمة من قبل الحكومة الفرنسية للدراسةِ في دولَةِ فرنسا.
غادَرت أمل البلادَ وكلُّها أملٌ في تَغييرِ الواقِعِ؛ فوضعت أساس طموحِها في إنهاء البكالوريوس لتبنيهِ فيما بَعد بدراسَةِ الدبلوم العاليّ في التسويق ووسائل الاتصال في فرنسا .

بدايَةُ رحلةٍ عصاميّة
عادَت أَمل إلى وَطَنِها؛ فتزوَجَتْ بزوجٍ داعِمٍ أَخذَ العَهدَ بأن يُشارِكها رِحلَةَ الطَّريقِ العصاميّ ؛ فبدأَتْ مَسيرَةُ العَطاءِ وإفناء العُمرِ لِخدَمةِ الواقِعِ والأَرْضِ؛ لتلمَعَ في ذهنِها فكرَةُ الطُّموحِ الأَكبَرِ ألا وَهي تأسيسُ شركةٍ خاصة بِاسمِها؛ وبالفعل لَمْ تَلبَثْ حتى جسَّدت الحلمَ واقعاً تدريجياً وانشأت برأس مالها المتواضع.
فابتدأَتْ أولاً بوضعِ حَجَر الأساسِ بإنشاءِ مجلة "الشرق الاوسط للأَعمال".  وبِالحالِ البسيطِ المُيَسَّرِ  أوزَعَتْ المصري بِـ أنَّها: " أسست شركة "أوغريت"  للإعلان والتسويق والعلاقات العامة بالشَّراكَةِ مع زوجها خالد المصري حيث أنها عملت فِيها كَمُديرَةِ العلاقاتِ العامّة، وقد وقَّعتُ على عقود عملٍ مع عدَّةِ شركات"
ونَتيجَةَ عملها الدؤوب الذي آمنت بِهِ وبنَفسِها؛ استطاعت أمل استئجارَ مقرٍّ صغيرٍ لِبناءِ شركتها الخاصّة وأخيراً ، فتقولُ واصفَةً المَوقِف " بدأت بتجهيز شركتي بشتى السُّبل، حتى أنني حصلت على بعض الأغراض بالمقايضة مع شركة اخرى مقابل إنجاز عمل " فكانَتْ سمعتُها الحسَنَةِ رأسُ مالها في تَعامُلِها مع باقي الشَّرِكاتِ التي وُثِقَت بِها.

انجاراتٌ مُتتاليةٌ وصيتٌ بالأُفُقِ
افتتحت أَمَل مَجلَتَها الجديدةُ سنة ٢٠١٣ باسمِ "مجلة الشَّرقِ الأوسط للأعمال " وقَد كانَت أول مجلة فلسطينية توزع في عدة دول عربيَّةٍ  حتى وصلَت للدول الأجنبية ودول شرق أوسطية؛ فكانَت تُفضي فِيها من الكلامِ ما يُفيدُ في عالَم الريادةِ والأَعمالِ وتثقيفِ المرأَةِ وتوسيعِ أُفقِ تفكيرِها، علاوَةً على كثيرٍ من الانجازات ثمرة جهدِها المستمرِ.
حازَتْ على إثرِها وسامَ جوقة الشرق للاستحقاق برتبة فارس فتقولُ في هذا الشأن :" أَذكُر أنني كنتُ في عملي حينَ وصلتني رسالَةٌ مفادُها "مبروك أمل تستاهلي كل خير "من القنصل الفرنسي! فكانْ وقعُها على نَفسِها كثيرَ الإيجابية؛ لِتصلَها أيضاً رسالةٌ بعدَ يومينِ باسم الرئاسة الفرنسية مضمونها أنها حصلت على وسام جوقة الشرق للاستحقاق برتبة فارس، وهذا الوسام لا يمنح إلا لمجموعة قليلة من الناس المؤثرينَ في العمد الإنسانيِّ وخدمَةِ المُجتَمعِ.
وتوالَت التكريمات والجوائز تِباعاً حتى أثمرَ مجهودها الحصولَ على جائزة" أَفضلِ رياديةٍ وسيدةِ أعمال  في الشرق الاوسط" ولقَبِ " المرأة النموذج"  انتخابها من بين" اكثر النساء العربيات تأثيراً في مجال العلاقات العامة في العالم العربي"

أَمل اليومَ هي الأُمُّ، والمؤثِّرَةُ والمِعطاءَةِ، ومرآةُ كُلِّ شَخصٍ قاسى ظروفاً لَمْ تَمِلْ مَعَهُ في وجهتِهِ التي يريدُها؛ لتأخَذ سفينَتها رُغم الرِّيحِ المُغايرَةِ إلى حينِ تُريد، وتُبرِهنَ أنَّ اسمها كانَ تيَّمُناً صادِقاً مُجسداً على الأرض، تِلكَ الأرضُ الفلسطينيَّةُ التي ستبقى فَخورَةً بالأمَل الدَّائمِ في نفوسِ أفرادِها وعصاميتِهِمُ.

تصميم وتطوير