عيون الاسرى: نظرة وطنية ثاقبة وأكثر صدقاً

20.04.2021 12:03 PM

كتب: عبد الفتاح دولة- أسير محرر

كتب المحامي ذو النظرة الثاقبة على صحيفة القدس في الاحد... وكل يوم أحد: "لا ...لمبادرة الأسرى
لتأجيل الانتخابات وتوزيع المناصب!"
وأراه لم يقرأ مبادرتهم جيداً، وأقصد روحاً، وليس مجرد نص.

كثيراً ما لم نتعامل مع مبادرات الأسرى بجدية برغم جدية وعمق وأهمية ما يتحرر منهم من مبادرات وأراء ومواقف رغماً عن وجع القيد وإجراءات السجان. لكننا نتظاهر التغني بها، بينما لا نأخذ ولا نطبق ولا نتفاعل جدياً مع كل ما يصل، وكأن الأمر مجرد معنوي، وفعلياً وفي الجلسات المغلقة نقول: " ما أدراهم بالأمور وهم هناك محاصرون بالقضبان والقيود والجدران، ولا يعرفون أو يرون ما يحدث هنا" بل ونستخف في كثير مما يصل منهم وكأنه بلا قيمة.

لا أقصد بذلك مقالة المحامي زياد ابو زياد الذي أحترمه كما أحترم ما يصدر عنه على وجه التحديد، لكنها صورة ما يحدث في كثير من المحطات المتعلقة برسائل وبيانات ومبادرات الأسرى إلى الخارج "الحر" صاحب "الرؤى الثاقبة".

لقد برهن الأسرى أستاذنا الكبير زياد أبو زياد، وفي كثير من المواقف والتحديات، أنهم أصحاب نظرة وبصيرة إستثنائية، وأنهم ما يزالون في واجهة المشهد رغم جبروت السجن، وسطوة البعد عن المكان، وكان لهم رأياً سديداً في كثير من أوقات الشدة والإنكسارات، وكذلك الإنجازات، وأهمها في أبرز "إنحدارة" وطنية وأقصد "الإنقلاب" وما نجم عنه من إنقسام خطير مزق أواصل اللحمة الوطنية والمجتمعية والجغرافية، وأحدث شرخاً كبيراً في قضيتنا ومشروعنا الوطني التحرري، وأتحدث عن (وثيقة الأسرى) أو وثيقة الوفاق الوطني، والتي كانت أفضل ما قدم على الساحة الفلسطينية لإنهاء الإنقسام. أولم تتغنى بها الفصائل بعد تأخر بالقبول، ويضعونها مرجعاً وأرضية حقيقية مجدية لإنهاء الإنقسام الذي لم ينتهي بعد، فتركت هذه المبادرة طي النسيان كما كثير من الأراء والمبادرات؟!
إذن الجدية ليس فيما يتحرر من السجون من مبادرات، وإنما في جدية التعامل معها وهذا ما لا يحصل لعدم الإيمان بقدرة وكفاءة وأهلية من يُصدّرها، إلا للتغني الإعلامي والدعائي متى احتاجت الأمور.

وعودة إلى مبادرة كوكبة من مثقفي وكادر الحركة الأسيرة من قادة حركة فتح في سجون الإحتلال،  والمتعلقة بالإنتخابات وما يحصل داخل حركة "فتح" والتي تحدثت عنها مقالة الكاتب المحامي زياد أبو زياد، والتي أعتقد أن هناك من قصد تسريبها للإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي، فهي وصلت ضمن الأطر التنظيمية الداخلية قبل أيام عدة من تسريبها، ونوقشت داخليا سواء بالإيجاب أو السلب؛ إلا أن رغبة مقصودة من نشرها أريد منها تشكيل حالة رفض وتقزيم وإثبات عدم أهلية أصحابها وضيق الرؤيا للأسرى داخل السجون لعدم قدرتهم على قراءة المشهد حيداً، وكأننا نقول للسجان أنك نجحت في عزل هؤلاء المقاتلين، وإنهاء دورهم الوطني والفكري والسياسي، ولم يعد لهم أي تأثير؛ وهم من كانوا يوماً صناع لأهم الأحداث الوطنية والنضالية والسياسية.. وهذا واحد من مأخذي على مقالة الكاتب المحامي زياد أبو زياد، عندما أدان مبادرة هي صادقة وواعية وحريصة، من مقاتلين ومفكرين غيورين على وطنهم وحركتهم وعلى نجاح ونتائج العملية الديمقراطية المزمعة، والتي طال انتظارها وأحدثت ما أحدثت من فراغ كبير.

وبقراءة كثير مما جاء في مقالة الكاتب ابو زياد، أرى أنه  ألتقى مع مبادرة الأسرى التي رفضها بشدة على ذات الحرص الذي تقاطع إلى حد كبير ما بين المقالة والمبادرة؛ فقد ألتقيا على مكانة حركة فتح وقيادتها في الساحة والقضية الفلسطينية، وضرورة أن تذهب قوية إلى الإنتخابات، وعلى مراجعة قضية فصل د.ناصر القدوة من عضوية الجنة المركزية، وعلى مكانة القيادي الأسير مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح،  وعلى أهمية الإنتخابات التشريعة، والأهم على مكانة وحضور العاصمة المقدسة في الإنتخابات.. الخلاف فقط على قضية تأجيل الانتخابات، وأرى كل المنطق في طرح الكاتب المحامي زياد أبو زياد بشأن عدم تأجيل الإنتخابات لكل الأسباب التي ذكرها في مقالته.

لكن أراه لم ينتبه إلى أن مبادرة الأسرى رسالة تنظيمية داخلية، والنقاش الداخلي مقبول ومشروع مهما كان، وأن خشية هؤلاء الأسرى على حركتهم وكذلك على نتائج الأنتخابات هي سمة هذه المبادرة لا العكس.

والأهم انها تظهر مدى متابعة الأسرى لدقائق الأمور وأنهم متابعون جيدون وأصحاب نظرة وبصيرة وحسن تقدير يجب أن يكون محط إحترام، وبالتالي إما أن تقبل قيادة الحركة بالمبادرة وإما ترفضها لأي من الأسباب التي تناولتها المقالة أو غيرها.

لكني أرى أن عنونة المقالة الرفض للمبادرة "بتوزيع المناصب " فيه إجحاف برأي الأسرى.
أوليس الحديث الذي كان دائراً عن قائمة شراكة، أو عن الشراكة الفصائلية، وحكومة الوحدة، وترك قطاع غزة لحكم "حماس" وعدم الترشح للرئاسة أمام مرشح حركة "فتح" يفسر هو الأخر بأنه شكل من أشكال المحاصصة وتوزيع المناصب؟!
ثم من يقبل أن تتم الإنتخابات من دون القدس، ومن يتحمل عدم تمكننا من إجرائها في القدس في حال أجريت الإنتخابات في وقتها وعرقل الإحتلال إتمامها في القدس؟!

أتفق حينها أن ذلك تحد، ويجب أن يتحول الأمر إلى معركة وجود وحق نفرض فيها الإنتخابات في القدس رغماً عن الإحتلال، لكن هل نحن جاهزون، وهل بنيتنا الوطنية جاهزة لهكذا مواجهة.. وهل هذه المواجهة في حساباتنا أصلاً؟!
لم أجد هذه الإجابات في مقالة الكاتب، وهو خير من يجيب عليها.

هنا فقط أتفق أن الأمر أكبر من مبادرة "تنظيمية" داخلية جاءت عن مقاتلين مخلصين في حمل القضية ومشروع التحرر الوطني، بل أكبر من الإنتخابات ومن كل حدث لا يصب في تثبيت حقنا ووجودنا المقدس في العاصمة المقدسة، القدس، وهو حرص كبير أبدته مبادرة الأسرى لا يستحق منا كل هذا الإجحاف بوهجنا النضالي المتبقي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير