ياسمينة سلمان تفوز بالجائزة الأولى في مسابقة إعادة إعمار القرى الفلسطينية المدمرة

ياسمينة تبث الحياة في قرية "صطاف" المهجرة.. هكذا ستكون دون الاحتلال

14.09.2019 08:09 AM

وطن- مي زيادة : هل تساءلت كلاجئ فلسطيني، كيف يمكن ان تكون قريتك لو أن الاحتلال لم يكن، وأنك لم تعش نكبات التهجير؟

بغرض الحفاظ على الذاكرة الوطنية حية في وعي الجيل الجديد وللتعريف بذاكرة المكان الفلسطيني؛ شاركت الطالبة في جامعة النجاح ياسمينة سلمان في مسابقة اعادة اعمار القرى الفلسطينية المدمرة لتحصل خلالها على الجائزة الاولى، عن قرية صَطاف.

وعن المشروع الذي فازت فيه طالبة الهندسة المعمارية في جامعة النجاح الوطنية ياسمينة سلمان (21 عاما) من طولكرم، توضح "هو التطور الطبيعي لأي قرية عبر الزمن، فأنا تخيلت القرية كيف يجب ان تكون اليوم لو أن الاحتلال لم يكن، المشروع هو تصور معماري وتخطيطي لاعادة احياء القرى الفلسطينية المدمرة منذ عام 1948".

وتشير سلمان الى ان مسابقة اعمار القرى الفسلطينية المدمرة برعاية مؤسسة هيئة اراضي فلسطين، وهي لطلاب العمارة الفلسطينين في جامعات العالم، حيث تم اختيار 4 طلاب من كل جامعة، وأنه تم اختيارها من جامعة النجاح الوطنية الى جانب 3 زملاء آخرين.

وتتابع "تم الاعلان عن المسابقة في نيسان/ابريل الماضي، وكان لدينا 4 شهور لتسليم المشروع".

وعن ابزر المشاكل و الصعوبات التي واجهتها خلال هذه الفترة، أوضحت أن أبرزها الحصول على تصريح لزيارة قرية صطاف المهجّرة والمقصودة في المشروع.

وتردف "قدمت مرتين وحصلت على تصريح في النهاية وزرتها في 9/8/2019 وكان التسليم في 31/8/2019، فكان امامي اقل من شهر للعمل على المشروع.

من هي قرية صَطَاف؟

تقول ياسمينة "تعد صَطَاف من أقليات القرى الفلسطينية المهجرة التي لا يوجد أي كتاب ذاكرة يوثقها، فكان هذا دافعاً قوياً لي لجعل هذا المشروع كتاباً يسلط الضوء عليها".

وصَطَاف هي إحدى القرى الفلسطينية المهجرة عام 1948م في عملية "داني"، وتقع على بعد 14 كم غرب القدس وتحيط بها قرى عين كارم، صوبا، خربة اللوز والولجة.

أما عن وضع القرية الحالي، فهي مدرجة تحت مسمى " حديقة وطنية " تابعة للصندوق القومي اليهودي.

وقالت سلمان "تعتبر صطاف حالة دراسية مختلفة عن غيرها من القرى المهجرة، وذلك كوننا نرى فيها مشهدين زراعيين متناقضين"؛ أولُهما: مشهد القرية الفلسطينية الزراعية، والآخر: مشهد المتنزه الذي أقامه الصندوق القومي اليهودي بعد أن تم هدم 98% من مباني القرية.

تتابع سلمان "فكرة المشروع، تقوم على خلق إستراتيجية موضوعية وممنهجة أطلقتُ عليها اسم  Facts VS Vision  حيث تعالج معظم القضايا المفصلية التي تم التوصل إليها في القرية، وتتمحور هذه الإستراتيجية في التالي: فبعد دراسة ماهية الظروف المعيشية لسكان القرية قبل عام ال1948م، و ذلك من خلال الاستعانة بـ" التأريخ الشفوي " وشهادات مرويّة من أهالي القرية الأصلية، تبين بأن ظروف المعيشة لم تكن سهلة على الاطلاق لهذه الاسباب:

• عدم وجود مدرسة في القرية، حيث كان يذهب ذكور القرية إلى مدارس القرى المجاورة ومدارس القدس، بينما حرمت الإناث من ذلك.

• الفقر المدقِع والعمل الشاق لكلا الجنسين، حيث كانت النساء تعمل في الزراعة من حصاد وبيع للمحاصيل جنباً إلى جنب مع الرجال، بالإضافةِ إلى الزراعة، عمل الرجال لاحقاً في أعمال البناء التابعة للإنتداب البريطاني.

• نقص الوعي الصحي لدى السكان، وإيمانهم بالكثير من الخرافات والشعوذات، مما زاد من معدل الوفيات، وجعل العمر المتوسط في القرية لا يتجاوز الخمسين عاماً.

• قضية الهوية الزراعية للقرية، حيث تم الحفاظ على الأشجار التي تعكس الهوية الزراعية الفلسطينية شجرة شجرة، بينما تم استبدال الغابات الدخيلة التي تمت زراعتها من قبل الصندوق القومي اليهودي، بوحدات سكنية مهيئة لعودة اللاجئين، بطريقة تحافظ على طوبوغرافية الأرض وطبيعتها الزراعية.

• قضية نساء صَطَاف.
عاشت نساء صَطَاف في ظروف اجتماعية ومهنية أقل ما يقال عنها بأنها مجحفة بحقهن، حيث اعتادت النساء أن تمشي كل صباحٍ عبر طريقٍ منحدرة لمسافة تزيد عن عشرة كيلومترات، حاملات أكثر من ٢٥ كيلوغراما من المحاصيل، متجهاتٍ نحو أسواق القدس وعين كارم لبيع المحاصيل.

وقالت ياسمينة "من خلال مقترحي لإعمار القرية، تم تحويل درب آلامهن إلى دربِ آمال، حيث تم تحويلها إلى طريق تجارية خاصَّة بنساء صَطَاف العاملات، وتخصيص كشك خشبي لكل امرأة عاملة، فقد تخللت هذه الأكشاك الأراضي الزراعية المحيطة بالطريق، وقد حان الوقت لأن يأتي المشترون إلى نساء صَطَاف في قريتهن معززات مكرمات للشراء، بدلاً من ذهابهن إليهم.

• المَظهر العام للقرية

لا يمكننا إنكار حقيقة الظُّروف الصعبة لأهالي صَطَاف قبل الاحتلال، ولكن لا مبرر لجريمة الاحتلال المرتكبة بحقِّ أهالي القرية، كان من حقِ أطفال صَطَاف أن يكبروا تحت ظلّ الأشجار التي زرعها آباؤهم وأجدادهم، وأن يعايشوا التطّور الحَضَري الطبيعي للقُرى، كان من حقهم أن يقودوا نهضة التغيير في القرية.

وتضيف سلمان "في هذا المشروع أقدم مقترحا حضريا متكاملاً لما يجب أن تكون عليه هذه القرية اليوم لو لم يمسها دنس الاحتلال".

وبعد دراسة المظاهر العامة لمعيشة القرية قبل عام 1948م ، تم خلق رؤية عصرية لنموذجٍ متكاملٍ مهيئ لعودة أهالي القرية بعد أن تم حساب أعدادهم المتوقعة حالياً في الشتّات.

وتم وضع مقترحات لتصاميم المرافق العامة وتسهيلات الحياةِ الحديثة، أهمها : المجمع التعليمي الذي يمنح الحق في التعليم لجميع أهالي القرية بِمختلف فئاتهم العمرية وتوجهاتهم العلمية، حيث يشمل رياض أطفال، مدارس ابتدائية وثانوية لكلا الجنسين، مدرسة مهنية، ومركز محو الأُمية. بالإضافة إلى العديد من المرافق تشمل:مكتبة عامة، مجمع رياضي، مسرح، مبنى إدارة، ومركز ثقافي.

• اقتصاد القرية
تشكل القرية مصدر جذب للباحثين عن المنتجات الزراعية العضوية الخالية من الكيماويات، حيث تم الحفاظ على الطبيعة الزراعية للقرية وتطويرها لتشكل مصدر دخل أساسيا للقرية، بالإضافة إلى تخصيص حديقة زراعية تابعة لكل منزل، بحيث تتم الزراعة فيها بالطرق التقليدية كالزراعة بالحبلات الزراعية، وهذا يخلق نوعا من الإكتفاء الغذائي الذاتي للأُسرةِ الصَطَافية.

وتم تصميم مصنع يقع في الجزء الجنوبي الغربي من القرية، حيث أشجار الزيتون، ويعنى المصنع بإنتاج المنتجات العضوية وتصديرها إلى القرى المجاورة والقدس.

وختمت سلمان حديثها بالقول: "إن هذا المشروع بمثابة مخطط مصغر ضمن المخطط الأكبر لعودة أصحاب الحق لأرضهم، وبهذا زرعنا مكان كل شجرة دخيلة أسرة أصيلة".

تصميم وتطوير