معادلة هناك انتفاضة.. ليس هناك انتفاضة - حمدي فراج

04.03.2013 10:59 AM
ما زال الحديث يدور عن إن كان الافق الفلسطيني محملا بإنتفاضة ثالثة أم لا، وهو حديث شبه دائم في فلسطين المحتلة، لكنه في هذه الآونة قد ارتفعت وتيرته ولم يعد مقتصرا على الهمس، كما وان اسرائيل بمستوياتها المختلفة السياسية والعسكرية والأمنية والاعلامية تشارك وتدلي بدلوها في قمقمه.

ومن المفيد التنويه ان الانتفاضة تختلف عن الثورة التي تشنها الحركات والاحزاب المقاتلة ضد معاقل واهداف ومؤسسات العدو بساعات صفر محددة، في حين يقوم بالانتفاضة جموع الشعب والجماهير باسلحتها الشعبية المعهودة بما في ذلك المظاهرات والاعتصامات والاضرابات والهتافات حين يأخذ الظلم مأخذه ويصبح عاما وطاما ويطول كافة فئات الشعب التي يجب وبالضرورة ان تشعر به وتعيه ، لينطبق ما قاله فولتير أحد ابرز منظري الثورة الفرنسية قبل حوالي مئتين وخمسين سنة ، من أن ليس الظلم هو الذي يدفع الناس للثورة ، بل الشعور به.

ومن المفيد ايضا التذكير بأن كلمة "الانتفاضة" دخلت القاموس العالمي في اوكسفورد لأول مرة عندما فجرها الشعب الفلسطيني قبل ما يزيد على ربع قرن "uprise" وهي لربما المفردة العربية الوحيدة التي ادخلت الى القاموس خلال الخمسمائة سنة الاخيرة .

ان ممارسات اسرائيل كفيلة بإشعال انتفاضة ثالثة عارمة ، وهذا ما يقر به المراقبون والمحللون بمن فيهم الاسرائيليون وخاصة ما يتعلق بالاستيطان الذي اوصله نتنياهو الى الذروة في "باب الشمس" وسياسته الابتزازية فيما يتعلق بحجز الاموال ، وهي استحقاقات فلسطينية مئة بالمئة ، وكذلك موضوع الاسرى الذين ظلوا يتعفرون في قيدهم رغم توقيع اتفاقية السلام ، التي مضى عليها حتى الآن عقدان قمريان ، واعادة اعتقال محررين في صفقة شاليط لكي يقضوا ما تبقى من محكومايتهم بتهم سخيفة كالاسير سامر العيساوي المتهم بدخول الرام ، فيضطره هذا الظلم الى اعلانه الاضراب عن الطعام لثمانية اشهر ، ثم يتم تتويج هذا الملف – ملف الاسرى - بقتل موقوف بعد اقل من خمسة ايام على اعتقاله بتهمة سخيفة ايضا وهي رشق حجر ، فيدفع حياته ثمنا لها .

الانقسام الفلسطيني المستعصي على الانفراج ، هو عامل داخلي محبط ، ولكنه قد يكون ايضا عاملا مساعدا في التفجر ، فالاحباط والظلم صنوان للانتفاض ، كذلك بهوت الدور الفصائلي المنشود والذي بات في الغالب يقتصر على دور سياسي بحت مشوب بعدد من الشعارات والكلاشيهات المنمقة والمستهلكة .

الشعب يعيش ارهاصات انتفاضية شبه يومية ، لكن هناك عوامل عديدة تدفع الى قمعها مرة واحتوائها مرات ، بما في ذلك تضرر مناحي حياتهم الاساسية كالتعليم والتطبيب والمعيشة .

كل شيء داخل القمقم يغلي بإضطراد ، وكل ما ستقوم به اسرائيل سيؤثر على درجة حرارته المضرمة ، بما في ذلك المآل الذي سيؤول اليه المضربون عن الطعام ، بل وحتى شكل الحكومة القادمة ان كانت ستضم الاحزاب اليمينية المتطرفة (ليبرمان وبينت وشاس) ام الاقل يمينية وتطرف . وحين ينفجر – القمقم – فإنه سيحرق الكثير من القريب والبعيد .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير