لا شرعية لأحد

27.06.2016 11:31 AM

كتب: سامر مخلوف

انشغل الراي العام الفلسطيني خلال الاسبوعين الماضيين بقضية إشكالية وخلافية بسبب مشاركة ممثلين عن منظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر هرتسليا حيث تعرض المشاركون لجملة من الانتقادات وصلت لحد التخوين. وبالمناسبة تعرضت هذه المشاركة للانتقاد من قبل اليسار الفلسطيني وبعض اليمين الإسرائيلي بينما دافع عنها بعض اليمين الفلسطيني واليسار في إسرائيل.

المدافعين الفلسطينيين عن هذه المشاركة اعتبروا بان الوفد مكلف رسميا من قبل الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، منظمة التحرير الفلسطينية، ومن قبل مؤسسة الرئاسة الفلسطينية لإحداث اختراق في المجتمع الإسرائيلي وشرح وجهة النظر الفلسطينية والتأثير على الشارع الإسرائيلي لإنهاء الاحتلال. بينما اعتبر المعارضون لها ضربا للجهود الفلسطينية والدولية في تعزيز حملة المقاطعة لدولة الاحتلال وخرقا للمعايير التي وضعتها حملة المقاطعة.

لا اريد ان اتناول في هذا المقال إذا كانت هذه المشاركة خطوة بالاتجاه الصحيح واختراقا ضروريا للمجتمع الإسرائيلي ام انها تطبيعا مع الاحتلال واضعافا لحملة المقاطعة الدولية. ما اريد الحديث عنه هنا عن الحالة الفلسطينية وعن الشرعية الفلسطينية ومن هم المخولون للعمل والحديث باسم الشعب الفلسطيني وتحديد ما هو خطا وما هو صواب في نضالنا ضد الاحتلال الإسرائيلي، وانا لا اتحدث هنا فقط عن مشاركة وفد رسمي او غير رسمي بمؤتمر هنا او ندوة هناك بل أيضا عن الاستراتيجية الفلسطينية في محاربة الاحتلال لان الاستراتيجية الوحيدة لدى الفلسطينيين الان هي غياب الاستراتيجية، فكل مجموعة او فصيل او حتى حارة لديها استراتيجية مختلفة وكل فئة تعتبر ان استراتيجيتها هي الاصح والانسب وما عداها باطل، لذا نرى بان هناك من ينادي باعتماد المقاومة الشعبية السلمية لمناهضة الاحتلال وهناك من ينادي بالمقاومة المسلحة على الأقل في جزء من الوطن لان المقاومة المسلحة في الجزء الاخر يضر بالمصلحة العليا للشعب الفلسطيني، حيث يتم اعتقال مطلقي الصواريخ من جهة وارسال اخرين لأطلاق النار عشوائيا في مقاهي تل ابيب. ونرى أيضا بان هناك قيادات تتحدث عن المقاومة السلمية خلال لقاءاتها مع الوفود الأجنبية او بالمقابلات الصحفية باللغة الإنجليزية وتنادي بالمقاومة المسلحة في المهرجانات الخطابية.

وصلت الحالة الفلسطينية لمرحلة غير مسبوقة من التشرذم والانقسام، وبالمناسبة الانقسام الفلسطيني لا يقتصر على الفصيلين الرئيسيين فتح وحماس، فالفصائل الفلسطينية، والاتحادات والنقابات وحتى بعض مؤسسات المجتمع المدني شريكة بهذه الحالة الشاذة وشريكة بإذكاء وتعميق الانقسام بقصد او بغير قصد. المصيبة عندنا بان كل طرف يدعي انه هو ممثل الشرعية الفلسطينية وبالتالي رؤيته للأمور هي فقط الرؤية الصواب وما عداها مجرد خروج عن الصف الوطني او خيانة او تطبيعا مع العدو او انحرافا عن المسار الوطني الخ.

باعتقادي ان الشرعية الفلسطينية برمتها بحاجة لتجديد، فلا احد لديه الشرعية في ظل غياب الانتخابات التي هي مصدر الشرعية الوحيد فلا الاتحادات لديها الشرعية ولا مؤسسات المجتمع المدني تعطي الشرعية. فمن يقول بانه ممثلا للشعب الفلسطيني عليه ان يثبت ذلك من خلال الانتخابات ومن يقول بانه يمثل أوسع واكبر قطاع من الشعب الفلسطيني عليه أيضا اثبات ذلك من خلال الانتخابات. وبناء على شرعية الانتخابات يتم تحديد الاستراتيجية الوطنية وعندها فقط يستطيع من يحصل على غالبية

الأصوات ان يدعي بان مخالفة استراتيجيته هي خروج عن الاجماع الوطني، لحين حدوث ذلك سيبقى باب الاجتهاد مفتوحا وسيتكرر هذه المشهد المحزن مرة تلو الأخرى.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير