معادلة الاتزان .. كتب: عيد جلال السلايمة

15.05.2016 03:20 PM

حينما تواجه المهندس مجموعة من المعادلات الصغيرة والمعاملات المجهولة والتي لا تشكل لوحدها أي حل وبالرغم من وجود عدد من الثوابت معها إلا أنها قد تصبح عائقًا أمام الحل, فلابد من جمع كافة العناصر لتشكيل معادلة الاتزان القادرة على إيجاد أصعب المجهولات وبالتالي إنشاء أضخم المشاريع الهندسية والإنشائية .

ولأن الهندسة منطق عمل ومنهج كان لابد لنا من وجود المهندس القادر على جمع التناقضات والعناصر، المؤمن بفكرة الاتزان ، لإنشاء أعظم مشروع وهو حرية الشعب الفلسطيني.

وقد استطاع الرمز مروان البرغوثي جمع كافة المعاملات مشكلًا منها معادلة التحرر والرؤية الواضحة لتحقيق ذلك, حيث يعد اختيار وسيلة المواجهة المستخدمة من أهم المسائل المختلف عليها من قبل الفلسطينيين  وما بين مؤيد للعمل المسلح منتقصًا من الأساليب الأخرى  وتم ربط العمل  المسلح بمشاعر العزة والكرامة حتى كادت تتحول من وسيلة لغاية دون حسابات صحيحة لنتائجها وآثارها ودون متابعة لما يدور حولنا في العالم.

وعلى خلاف الطرف الآخر الذي أنكر العمل المسلح بشكل تام متبنيًا الوسائل السلمية والسياسية والتي أثرت على قاعدته الشعبية خاصة وأن هذه الوسائل تحتاج لمختصين لإدراك نتائجها .

وهنا كان دور المهندس مروان البرغوثي حيث أنه لم ينكر أيًّ من هذه الأساليب وأكدّ على أحقية شعبه باستخدام أي واحدة منها بما يتناسب مع المرحلة التاريخية والظروف الموضوعية وبما يضمن تحقيق أهدافه المقدسة.

بالنظر لمسيرة مروان البرغوثي النضالية نرى كيف حقق التوازن على أرض الواقع وهو دليل على نجاعة فكرته لكون الفكرة لا تثبت إلا بالتطبيق العملي, فمن ذلك الناشط النقابي ومؤسس الشبيبة الفتحاوية والفاعل بالأطر الطلابية في حين كانت تقود انتفاضة شعبه وتقيم الأنشطة الاجتماعية التي تعزز صموده، إلى ذلك القائد الميداني الذي أيقن بأن السلام لا يتم إلا بضمان سلام شعبه وأخيرًا عضو اللجنة المركزية والنائب في المجلس التشريعي ذو الفكر السياسي الذي يخاطب العالم كصاحب حق مرتكزًا على ثوابته معتبرًا شعبه صمام الأمان وصاحب القرار وليس كضحية، ويراهن عليه فيبعث الروح بين أبناء شعبه مما يعزز من معنوياتهم وقدرتهم على الاستمرار.

آمن مروان بضرورة إشراك الشعب على اختلاف أطيافه وميوله بالمعركة من أجل الحرية، واستحدث صيغة المقاومة الشاملة التي تمكّن كافة فئات الشعب من الانخراط في النضال، وأكد بالكلمة والفعل على أن الوحدة الوطنية قانون الانتصار للشعوب المضطهدة وصاغ من وراء القضبان وثيقة الأسرى التي وضعت للمرة الأولى برنامجًا سياسيًا موحدًا بلورته القيادات في السجون وأصبح موضع اجماع وطني.

وبدلاً من رفع الشعارات، حمل مروان روحه على كفه وقدّم سنوات عمره وخاطر بحياته دفاعًا عن المشروع الوطني وعن النهج النضالي الذي جسدّه، بما في ذلك خلال سنوات الاعتقال والعزل التي لم تنجح بعزله عن الشعب الفلسطيني أو اخماد صوته أو التأثير على مكانته وعلى الحب الذي يكنه شعبنا له.

لذلك اعتبر الشعب الفلسطيني القائد الرمز مروان البرغوثي معادلة الاتزان الوطني، فكان وحتى بعد أسره هناك من يسير بفكره ويمثل نهجه، خاصة بين الشباب الفلسطيني الذي رأى نفسه ذي دور فاعل بهذا النهج والمسار. وهنا يكمن أهم أشكال الاتزان ، والذي بتنا كثيرًا ما نفتقده ونتساءل عن مصيره،الإتزان الذي يجمع بيننا ويحشد طاقاتنا من أجل هدف أسمى وأكبر من كل الاختلافات، الهدف الذي استشهد من أجله أعظم من فينا والذي قد يبدو صعب المنال الآن ولكن من وراء القضبان يذكرنا مروان بحتمية النصر وبالطريق للوصول اليه .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير