لماذا يتجاهل الناس انعقاد القمة العربية؟.. كتب: عقل أبو قرع

23.03.2016 08:23 AM

كان من المفترض ان تنعقد هذا الشهر ، القمة العربية الدورية السنوية، وهذه المرة في المغرب، ولكن وربما كانت المفاجأة للبعض، هو رفض او اعتذار المغرب عن عقد هذه القمة على اراضيه، ومن الواضح ان توقيت عقد هذه القمة، ربما وبدون مبالغة، هو من الاسوأ في تاريخ القمم العربية، حيث هناك دول عربية ممزقة، ودول على حافة الانهيار، ودول تغرق في الدماء والدمار والتدخلات من كل الانواع، وحدود اختفت وانظمة انهارات، وقوى غير عربية، سواء من داخل المنطقة او من خارجها،  تسرح وتمرح في الوطن العربي، وتقرر، بل وتتحكم في صنع القرار وفي صنع الاحداث وفي تغيير واقع، وفي تحدي كل الدول العربية مجتمعة، تلك التي بقيت دول، وبدون اي منازع، او اي رادع، والعرب بشكل عام يتفرجون وينتظرون ويقومون فقط بردات فعل كلامية، وفي ظل هذا الواقع، فليس غريب ان لا تنعقد القمة العربية الحالية، او ان يتجاهل الناس والاعلام والسياسيين انعقاد هذه القمة؟  

وقبل سنوات او اكثر، كانت الدول تتنافس على عقد القمة العربية، وكان الناس يجلسون ويشاهدون تزاحم وصول الوفود وبمختلف مستوياتها، ويقرأون عن تزاحم مشاريع القرارات وبأنواعها، وكان المواطن العربي يطمح، على الاقل بأن يكون لكل هذه الهالة من التحضيرات والاعلام ومشاريع القرارات، بأن يكون لها تطبيق عملي، ولو محدود، ينعكس على حياة هذا المواطن العربي وبغض النظر عن مكانة، اسوة على الاقل، بما ينتج عن قمم او عن اجتماعات من نفس المستوى اومن نفس النوعية، مثل القمم الاوروبية او الامريكية اوالاسيوية او حتى الافريقية، وسواء اكانت قمم اقتصادية او سياسية او امنية، اوحتى على مستوى القمم المهنية المتخصصة، سواء اكانت تابعة للامم المتحدة او لغيرها من المؤسسات الدولية وغير الدولية، والتي تترجم على الاقل ببعض القرارات التي يمكن ان تحدث تغيير لما هو موجود.

ومع الزمن ومرور الوقت، اصبح من الواضح ان ازمة القمم العربية هي ازمة ثقة، تراكمت وواكبت هذه القمم ، بدءا من الدعوة لها ومرورا بالتحضير لها، ووصولا الى تمرير المشاريع، وهي اضحت ازمة او معضلة عقلية او في ثقافة العمل، والتي اعتادت فقط ان تركز على المظهر وعلى الشكليات وعلى التحضيرات والنشاطات المجردة، بعيدا عن الجوهر وعن المضمون وعن الخطوات العملية الملموسة،  او النتائج بعيدة المدى، وهي ازمة تناقض المصالح وبأنواعها، وبالتالي التوصل في المحصلة الى نوع من الحلول الوسط، وافضلها هو ابقاء الوضع لما كان عليه قبل القمة، تجنبا لظهور الخلافات والتعقيدات وربما ازمات جديدة، لم تكن موجودة قبل القمة، وهي ازمة المواطن العربي نفسه الذي بات لا يكترث للقمم ولا لماكنها او لقرارتها، وبالتالي اذا المواطن لا يكترث فلماذا يكترث الزعماء او القادة، وهي ازمة اعمق، تتمثل في التطبيق او في الية التنفيذ اوفي قياس مدى ما يمكن تطبيقة، في احداث التغيير المطلوب في حياة المواطن العربي.

والتطبيق او تنفيذ قرارت القمم العربية، او غيرها المتعلقة بالموضوع الفلسطيني،  هي ازمة الازمات للمواطن الفلسطيني، الذي يسمع هذه الايام وكما سمع خلال قمة السنة الماضية وقمم السنوات التي سبقتها، عن مئات الملايين من الدولات او اكثر من الدعم، وخاصة دعم الخلاص او دعم الصمود او التثبيت لمدينة القدس، ولكن ليبقى هذا الدعم في اوراق القرارات، ولتعمق هذه القرارات ازمة الثقة وعدم الجدوى وحتى عدم الاهتمام عند هذا المواطن ، الذي يتساءل هذه الايام عن جدوى حتى الحديث عن انعقاد القمة العربية، وعن جدوى التباهي للتحضير لانشاء هذا الصندوق او ذاك، وتحت اسماء مختلفة، سواء من اجل القدس  واهلها، او من اجل غزة او من اجل غيرهما؟

ومع الارباك والقلق وعدم المبالاة والتجاهل لانعقاد  القمة العربية، يبقى الامل بالعودة الى عقد القمم العربية، بشكل موضوعي وجدي في المستقبل، بعيدا عن المجاملات وعن الضجيج والعواطف والبرتوكلات،  ومع انتظار العام القادم واحتمال انعقاد القمة العربية، فلا احد يعرف كيف سوف يكون حال العرب في ذلك الوقت، ولا حال عدد او نوعية الدول العربية المتبقية،  ومع انتظار التغيير في ثقافة او في عقلية او في الية انعقاد القمم العربية، تبقى ازمة الثقة بالقمم العربية عند المواطن العربي وبالاخص المواطن الفلسطيني موجودة وتتعمق كل عام، ويزداد تجاهل الناس لانعقاد هذه القمم ولبياناتها ولقراراتها؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير