كذب المنجمون ولو صدقوا.. كتبت: ناريمان عواد

31.12.2015 02:14 PM

في كل عام يحاول المنجمون والعرافون وعلماء الفلك، ان يتنبئوا بما يحمله العام الجديد من اخبار وتوقعات سواء على الصعيد الشخصي او العام، وتنهال التوقعات التي لا تخلوا في احيان كثير من الاحيان استطالات وضرب في عالم المجهول والخوض في الحياة والموت، حيث يستعرض  البعض قدراتهم اللامسؤولة، حين يشيروا ان فلان سيرحل والفنانة  الفلانية لم يتبقى من عمرها سوى اشهر والسياسي الفلاني سيتعرض لنكسة.

وان كان البحث عن الطالع ارثا تاريخيا يتعلق بخوف البشر من المجهول القادم وحلمهم الدائم بان يكون القادم أجمل، وان يحمل بشائر العمر المديد والزواج السعيد والاولاد الصالحين والعمل المميز والنجاحات المهنية والانفراجات سياسية.

لكن الملفت للنظر ان الاغلب يقدم على قراءة طالعه، بغض النظر عن خلفياته الاجتماعية ومعتقداته مع معرفته بان قراءة الطالع ضرب من العبث، حيث ان أغلب ما يتنبئ به علماء الفلك باغلبها معلومات عامة، لا ترقى ان تؤسس لشرح تفصيلي عن حياة كل فرد، فهل يعقل ان يشترك اصحاب برج معين الذي يعدون الملايين في اقطاب العالم في صفات واحداث مشتركة بينما يعيشون في ظروف لا رابط بينها، لا كبيئة سياسية او اجتماعية او اقتصادية.

جزء من البشر يبحث عن الفرح القادم، او تميز مهني او حظ على الصعيد السياسي، هي احلام انسانية عامة، فهل يمكن ان يكون صاحب برج الدلو او الثور اوالعقرب ... في اكثر من قارة في العالم او دولة نفس الافكار والاحداث والطالع، تلك تساؤلات هامة يجب طرحها وتفنيدها.

والملفت حديثا ان البحث في الطالع لم يعد من اختصاص علماء الفلك، فالسياسيون والاعلاميون بمذاهبهم وافكارهم المتعددة اصبحوا ايضا مفتونين بهذه المهمة، فكلما حدث اي خبر في اية دولة في العالم نجد بعض الاعلاميين والسياسيين يتنبأون باحداث بدولة دون غيرها، او حروب هنا وهناك، او تغييب شخصية مؤثرة عن العالم، اذا لم يعد البحث في المجهول هي وسيلة من وسائل الترفيه واسعاد البشر هنا وهناك، انما اصبحت رسائل موجهة يلجأ اليها بعض الساسة عبر بعض المتحدثين او الاعلاميين او جهات دولية ما تعطي اشارات بان هناك ما هو قادم سيطال دولة دون سواها.

اذا اصبح استقراء الاحداث والتنبؤ بها ليس عفويا وانما خطة مبرمجة ايضا تلتقي مع ما يحاك في المنطقة العربية او الدولية وغيرها لتغيير العالم بصورة تلتقي معها مصالح الدول الكبرى ومخططاتهم لتغيير العالم.

وفي الوقت الذي ننتظر ان يغيب هؤلاء الذين يفتقدوا لادنى اصول الايمان واللياقة حينما يتحدثوا عن وفاة أكثر من شخصية في بداية كل عام ، مع العلم ان الحياة والموت هي بيد الله سبحانه وتعالى، الا انهم يستمرون في هذه المهمة في بداية كل عام ، ضاربين عرض الحائط بالمبادئ والافكار الدينية والقيم الانسانية واحترام الكرامة الانسانية حين يشيرون لاكثر من اسم وشخصية بان الرحيل عن الدنيا سيكون نصيبهم في هذا العام او في العام 2025على سبيل المثال.

في ظل وجود واحترام قدرة العقل وتنامي الانجازات العلمية في كل العالم، ما زال العبث بمصائر الناس والشعوب لعبة مدروسة وموجهة تلتقي فيها رسائل الدول واهدافهم ومصالحهم لتمريرها عبر وسائل متعددة، قد يكون احدى وسائل تمريرها ما يسمى بالتنجيم وقراءة الطالع،  او عبر متحدثين اعلاميين وهذا يتطلب منا جميعا مواجهة هذه الخطط باسلوب علمي مدروس عبر برامج اعلامية موجهة لمواجهة كل ما يشاع عبر وسائل الاعلام والتي تهبط بمستوى المواطنين وذوقهم وتهدف في النهاية الى تشتيت تفكيرهم بالقضايا الكبرى التي تحيط بهم كالاحتلال والاستعمار والتقسيم والتجزئة، كلها قضايا يبشر بها بعض المنجمون والاعلاميون وقراء الطالع، فالاجدر الان ان يكون للمثقفين وللمفكرين وللاعلاميين وقفة جادة لتفنيد كل ما يشاع ويعمم عبر وسائل الاعلام من رسائل موجهة بهذا الخصوص.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير