انتهت الخيارات ..

نصر عبد الكريم لوطن: أزمة اقتصادية عميقة .. يقابلها شعارات وخطابات لا تسمن ولا تغني من جوع المواطن

03.06.2019 03:07 PM

رام الله- وطن: قال المحلل الاقتصادي د. نصر عبد الكريم في مقابلة خاصة لوكالة وطن إن السلطة وبعد مرور 4 شهور على احتجاز الاحتلال اموال المقاصة، تعيش في مأزق وأزمة عميقة، متسائلاً " كيف سيكون الحال حين تُقدم اسرائيل على اقتطاعات جديدة كما تهدد؟".

واضاف عبد الكريم أن أزمة السلطة الفلسطينية الاقتصادية تدحرجت ويتوسع نطاقها، وانتقلت من حلقة اقتصادية الى اخرى، حتى طالت معظم المواطنين خارج إطار السلطة، الذين ينتفعون من رواتب السلطة عبر البيع وتقديم الخدمات والسلع.

وأضاف : حتى لو لم تُقدم إسرائيل على اقتطاعات جديدة من المقاصة واستمر الاقتطاع السابق، فإن السلطة والشعب قادرين على الانتظار لشهرين اضافيين فقط، لكن بعد مرور الشهرين، فأنا أظن أن الحلول الفنية السياساتية التي نقولها دائما تكون قد نفذت، مردفا : خلاص الخيارات انتهت.

وأوضح عبد الكريم قائلا : خيار الاقراض المصرفي سيغلق قريبا، وخيار المساعدات العربية قد أغلق أيضا ولم يعد ممكنا، تماما كما أغلق الباب الأوروبي لتقديم مزيد من المساعدات، خصوصا وأن الموقف في اجتماع المانحين الأخير في 30 نيسان/ابريل لم يكن حماسيا، أما فيما يتعلق بالتقشف الداخلي، قال عبد الكريم إن الحكومة للأسف الشديد تتحدث عن التقشف كما سابقاتها دون تطبيق فعلي على أرض الواقع، مردفا : حتى الجباية المحلية للضرائب مع الركود تتراجع بشكل كبير لأنه مبني على الاستهلاك، ما يضاعف من الأزمة.

وتوقع عبد الكريم أن تكون السلطة بعد شهرين غير قادرة على دفع 60 في المئة من رواتب الموظفين حيث لن تستطع دفع أكثر من 30 الى 40 في المئة لأن الخيارات قد استنفذت.

وأشار الى أن الحكومة ستكون قريبا أمام تراكم الالتزامات والفوائد البنكية الكبيرة نتيجة الاقتراض الذي تحصلت عليه، وهذا سيؤدي الى تراكم القروض والتزامات على الموظفين، وبالتالي سيؤدي الى انقطاع السيولة عن الكثير من الموردين الذين يوردون السلع والخدمات للحكومة عن طريق متأخرات القطاع الخاص التي تتراكم، ما سيؤدي أيضا الى تأثر الشركات التي تتعامل مع الحكومة بشكل سلبي، حيث من المتوقع أن تفلس بعضها وتغلق أبوابها وستخرج من الصورة الاقتصادية ككل.

وأضاف عبد الكريم ان بعض الشركات الأخرى ستقوم بالاستغناء عن بعض العمال، وهذا سينسحب على بقية القطاعات الاقتصادية، لأن البطالة ستزيد بسبب غياب التوظيف في القطاعين الخاص والعام، حيث ستتسع دائرة الفقر وسيؤدي الى ضغط  جديد على موازنة السلطة، لأنها ستكون مجبرة على تقديم اعانات وخدمات حكومية، فكلها حلقات مترابطة، وبالتالي الأمور تتدحرج، ولن تستطيع الحكومة بوسائلها التقليدية حل الأزمة.

وأضاف : "المؤسف أننا نتحدث كثيرا عن مخاطر وتهديدات من صفقة القرن أو الاجراءات الاسرائيلية لكن على الأرض وفي إدارة الشأن العام وخصوصا في المسألة الاقتصادية، كأنه شيئا لم يكن .. بدون أي اعتبار لهذه التهديدات، لأن سلوكنا لم يتغير لا تكتيكيا ولا استراتيجيا، ولا نزال نرفع شعارات وخطابات اعلامية لا تسمن ولا تغني من جوع المواطنين."

وتابع قائلا : "كل الخيارات الفنية السياساتية التي كان من المفترض أن تقوم بها السلطة منذ عام لأخذ الحيطة والحذر حينما بدأ النقاش داخل الكنيست لاقتطاع الأموال، ذهبت أدراج الرياح، لأن السلطة باعتنا الوهم بأنها جاهزة، لكننا اكتشفنا في اليوم الأول بعد عدم استلام المقاصة، بأنها غير جاهزة لذلك نهائيا."

وأضاف في حديثه عن السلطة "لا يؤمنون بالتخطيط على الإطلاق، المشكلة أن كل الحلول التي يتم الحديث عنها رسميا فقدت معناها وقدرتها على التأثير لأن الأزمة أكبر بكثير من حل هنا وهناك، وفي حال استمرار الأزمة لأكثر من شهرين، فإن الحل الوحيد سياسي بامتياز بعيدا عن أي حل آخر."

وشدد أنه وبعد انتهاء الشهرين يجب أن يكون هناك خيارات سياسية استراتيجية فيما يتعلق تحديدا باعادة صياغة ما يسمى بقواعد الاشتباك مع الاحتلال والعلاقة ككل مع الاحتلال، وهنا تأتي ضرورة انعقاد المجلس المركزي، للتأكيد على هذه المسائل ووضع آليات للعمل عليها.

ودعا عبد الكريم رئيس الوزراء د. اشتية الى إطلاق حوار وطني شامل لمحاولة كسب ثقة الناس، ومشاركة ممثلين عنهم للحوار، بعيدا عن ممثلي كبار القطاع الخاص وكبار رجال الأعمال الذين يعانون من شعبية متدنية جدا، مردفا : المطلوب توسيع دائرة الحوار بما يشمل نقابات وأكاديميين ومؤسسات المجتمع المدني، للخروج باستخلاصات للتجربة السابقة وطرح حلول ممكنة، فعندما يرى الناس أن هناك حوار جدي وأن الجميع أمام مأزق سياسي، سيكون لديهم استعداد لدفع كلفة اقتصادية مقابل طموحات سياسية مشروعة، بعيدا عن استمرار غياب الشفافية وبعيدا عن إدارة الظهر للناس وبعيدا أيضا عن تشكيل لجان لا تؤدي دورها.

ودعا الحكومة الى الإسراع في الحوار محذرا من غياب الحماسة من قبل المواطنين لدفع الضرائب، بسبب غياب الثقة.

تصميم وتطوير