اليوم الرابع بعد المائة لحرب الإبادة على غزة، 18 يناير 2024

زينب الغنيمي تكتب لوطن من غزة: يومٌ مشتعلٌ بضراوة العدوان، وتهجير الشعب من مكانٍ إلى آخر

23.01.2024 07:35 AM

تواصل حكومة الحرب الصهيونية محاولاتها الفاشلة للسيطرة على قطاع غزة وتدمير فصائل المقاومة، حيث تستمر في تصعيد عملياتها العسكرية الجنونية وكأن مائة يومٍ أخرى من العدوان ستبدأ من جديد، بنفس الشراسة والهمجية والقسوة، فمنذ أيام لم تتوقف حدّة العمليات العسكرية.

وقد قام اليوم الجيش بتفجير المباني والمنازل التي كانت ما تزال واقفةٌ بالكامل أو جزئيًا في بيت حانون والمناطق المُسيطر عليها في جباليا، وتصاعدت حدة الاشتباكات مع المقاومة في باقي مناطق الشمال ومنها جباليا وبيت لاهيا، وكذلك في شمال غرب مدينة غزة حيث عادت الدبابات تتموضع باتجاه أبراج الكرامة لتعود لأذهاننا وحشيّة الجيش الإسرائيلي أثناء الدخول البري قبل شهرين ونصف تقريبًا.

أمّا في قلب مدينة غزة، فقد قصف الطيران المناطق التي غادرها الجيش سابقًا سواء أحياء البلدة القديمة، أو شمال غرب غزة في حي الكرامة وامتداد الشارع باتجاه حي النصر مرورًا بالتقاطعات نحو حي الشيخ رضوان، وذلك ضمن استهدافات مباشرة سواء لمبانٍ ومنازل يقطنها مدنيّون، أو سياراتٍ أو تجمعاتٍ للناس في سوقٍ شعبي، كما يطال القصف المدفعي حيّ الرمال من قبل الدبابات التي تقدمت مجددًا على جنوب غرب المدينة في شارع الرشيد، وفي منطقة الشاليهات والميناء، وذلك في مباغتةٍ للناس الذين كانوا قد عادوا قبل شهرٍ إلى منازلهم أو منازل أقاربهم في بناء على منشوراتٍ ألقتها عليهم الطائرات بالتوجه من شرق المدينة ووسطها نحو مناطق الغرب في حي الرمال والشاطئ والميناء.

من جهةٍ ثانية، ما يزال العدوان على المؤسسات الصحية أو بالأصح ما تبقّى منها مستمرًا حيث ما يزال محيط مُجمّع الشفاء منطقةً مستهدفة. ولتدمير كل الإمكانات المحتملة لتقديم الخدمات الطبية للمواطنين والمواطنات، فقد قصفت طائرات الجيش الصهيوني ثلاثةٍ من مستودعات الأدوية في مدينة غزة، بعد دخول شاحنات المساعدات الطبية إليها.

اليوم مساءً، فوجئنا بلجوء بقيّة عائلة صديقتي إلينا، وهم الذين استقروا قبل نحو شهر تقريبًا في المنطقة الغربية في بيت أحد أقاربهم الذين نزحوا نحو الجنوب. وقد جاءوا اليوم هاربين مذعورين من تقدّم الدبابات وهي تقصف بشكلٍ عشوائي مما أدى إلى رحيل معظم العائلات التي سبق وتكدُست في المنطقة.

وبالمناسبة، فقد سبق قبل شهر وأثناء حصار منطقتنا أن قاموا هم بعرضٍ لاستضافتنا للإقامة معهم باعتبار أن منطقتهم آمنة، ولكننا لم نستجب آنذاك انطلاقًا من رؤيتنا السياسية وتحليلنا للواقع على الأرض، وهو أنّه طالما لم يحدث إعلانٌ رسميٌّ عن وقف إطلاق نهائي للنار ضمن اتفاقاتٍ مُحدّدة، فإن مدينة غزة كاملةً وشمالها مستباحان أمام جيش الاحتلال، وبالتالي لا توجد منطقةٌ آمنةٌ بشكلٍ كامل، وعلى الناس الأخذ بالحذر والاستعداد لكلّ ما هو متوقعٌ من حكومة العدو النازية التي تنتقم من شعبنا في كامل قطاع غزة بكلّ وحشية، حيث يشتد عدوانها ضراوةٌ ضد محافظة خانيونس بشرقها وغربها، وكذلك المحافظة الوسطى، إلى جانب الاستهدافات المباشرة في محافظة رفح وسط النازحات والنازحين الذين أُجبر الكثير منهم على ترك أماكن إيوائهم أكثر من مرّة والتوجّه جنوبًا.

ولم يتورّع جيش الاحتلال بأوامرِ قادته النازييّن من ارتكاب أفظع جرائم الحرب بالاعتداء على حُرمة الموتى بنبش القبور والاستيلاء على جثثهم والعبث فيها بادعاء أنها قد تكون جثث أسرى صهاينة.

في اتصالٍ هاتفي نجحت بعمله مع صديقتي من رام الله، قالت لي إنها بالرغم ممّا تراه من فظائع الصهاينة على شاشات التلفزة لكنّها غير قادرة على تخيّل طاقة احتمال شعبنا في القطاع على كل ذلك، وهذا حال الكثيرين ممن حولها. وأنا بدوري قُلت لها أنّنا بالفعل وبرغم هذا العدوان القذر ما زلنا نتابع تفاصيل حياتنا اليومية ونسعى لتوفير احتياجاتنا مهما كانت صعبة، كي نستمر في البقاء، فنحن شعبٌ لديه إرادةٌ كبيرة للحياة.

زينب الغنيمي، من مدينة غزّة تحت القصف والعدوان

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير