هل تقف"الفئوية" خلف التمييز في تخليد ذكرى الشهداء والمناضلين؟؟ - نبيل دويكات

22.06.2013 03:40 PM
يوميات مواطن عادي(6 )

هل تقف"الفئوية" خلف التمييز في تخليد ذكرى الشهداء والمناضلين؟؟

بقلم: نبيل دويكات

كمواطن عادي وكاتب لهذه السلسلة من المقالات، كنت قد أنجزت كتابة الحلقة رقم (6) من السلسلة وعلى وشك إرسالها للنشر حين استوقفني خبر في إحدى الصحف اليومية ولذلك قررت تأجيل نشرها وكتابة هذه المقالة بدلاً منها.

مفاد الخبر أن بلدية إحدى مدن الوطن باشرت أعمال بناء ميدان باسم أحد "الزعماء" العرب، تقديراً لدور الشعب "الذي يقوده الزعيم المقصود" في خدمة القضية والشعب الفلسطيني.

وتشير تفاصيل الخبر إلى أن نفس البلدية كانت قد سلمت مفتاح المدينة لرئيس بلدية إحدى المدن الأوروبية، وأيضاً تقديراً لدوره في خدمة الشعب الفلسطيني.

شعرت بالفخر للدور الذي تلعبه البلدية في تكريم كل من أسهم ويسهم في دعم الشعب الفلسطيني ونضاله العادل من أجل تحقيق حقوقه المشروعة، رغم اختلاف وجهة نظري السياسية عن وجهة نظر البلدية حول موقف ذلك "الزعيم" ودوره في دعم شعبنا ونضاله.

لكن لا بأس في الفكرة بالأساس طالما أن هدفها سليم وجيد ويصب في المصلحة العامة.

هذا الموضوع استوقفني للسبب المباشر الذي ذكرته أعلاه، لكن السبب الرئيسي في كتابة مقالتي هذه هو أنني خلال تجوالي في عدد من مدن وقرى الوطن لاحظت أن هناك توجهاً عاماً لدى العديد من الهيئات المحلية لتسمية أو إعادة تسمية الشوارع والميادين والساحات العامة فيها، كون معظم الشوارع والميادين هي جديدة من الناحية الفعلية ولم تكن تحمل أسماء محددة، بينما العدد المحدود من التسميات والمسميات "القديمة" لم تكن تعبر عن واقع وحالة شعبنا خلال العقود الاخيرة.

هذا بالإضافة إلى الأهمية التنظيمية والإدارية التي يعبر عنها ذلك.

وهذه فكرة وتوجه يستحق التقدير والاحترام والتشجيع والتعميم على مستوى الوطن.

حالة اخرى تستحق باعتقادي التشجيع والتحفيز والتعميم، وهي أن بعض الهيئات المحلية تبنّت خطاً أكثر تطوراً من الناحية الفكرية والتقدمية والإنسانية، عبر تخليد أسماء الكثير من القادة والمناضلين والمفكرين والثوريين ليس فقط الفلسطينيين، وإنما على المستوى العربي والعالمي عموماً، ليس هذا فحسب وإنما على امتداد تاريخ الانسانية عامة.

وهكذا أصبحنا نرى شوارع باسم الفارابي إلى جانب أحمد ياسين، وجورج حبش إلى جانب روزا لوكسمبرغ، وأرسطو إلى جانب سمير قصير، وبشير البرغوثي إلى جانب ابن رشد وجيفارا وبابلونيرودا وقسطنطين زريق وجمال عبد الناصر وأبو عمار وأبو علي مصطفى وغيرهم من رموز الثورة والعلم والفكر والفلسفة، وفي هذا ما يثلج الصدر فعلاً بأننا لن ننسى أننا شعب حي ومتعلم ومثقف إلى جانب كوننا شعب مناضل، وأننا نقف إلى جانب القضايا الإنسانية العامة عرفاناً واحتراماً وتقديراً وانتماءً لها ولأصحابها.

هذا فعلاً ما استوقفني منذ فترة طويلة وأشعر بالفخر من كل الجهود التي بذلت لتكريسه على الأرض.

لكن اعذروني فإنه لا زال هناك في الحلق غصّه، وعلى اللسان همسة عتاب لأنني لم أجد اسم الشهيد عمر القاسم بين كل تلك الأسماء، وربما هناك آخرين أيضا شهداء لم نجد أسماءهم في تلك القائمة الطويلة والخالدة.

لقد توّج عمر القاسم عند استشهاده في حزيران عام 1989 بلقب "مانديلا" فلسطين، حيث كان قد أمضى ما يقارب من اثنين وعشرين عاماً في سجون الاحتلال، واعتبر من قادة الحركة الوطنية الفلسطينية عامة والحركة الأسيرة خاصة، ورفضت إسرائيل الإفراج عنه في عدة عمليات تبادل للأسرى ومن ضمنها عملية التبادل الشهيرة في العام 1985.

يمكن رؤية اسم مانديلا نفسه "نلسون مانديلا" في تلك القائمة وهو ما يستحقه فعلاً، أما مانديلا فلسطين فلم نجده هناك، ولم يكن اسمه مدرجاً في القائمة، ولم أرَ اسمه على لوحات أسماء الميادين أو الشوارع.

هل سقط اسمه سهواً؟! أم أن هناك سبب آخر؟؟، لا افترض أنه علينا التمييز بين شهيد أو آخر، بل بالعكس علينا الترفُّع عن ذلك، فكل الشهداء يستحقوق منا كل ما نستطيع عمله من أجل تخليد ذكراهم لكي تتمكن الأجيال اللاحقة من السير على خطى نضالهم وتضحياتهم من أجل وطنهم وشعبهم.

لكن هناك بعض الأسماء ينبغى التوقف عندها لأنها شكلت حالة مميزة في تقدم الصفوف النضالية، وهذا هو حال الشهداء مثل عمر القاسم وخالد نزال الذي سجل هو الآخر تاريخاً طويلاً في قيادة النضال الوطني، وتصادف بالمناسبة ذكرى استشهادهم في شهر حزيران الحالي بالذات، وغيرهم ممن لم يجدوا مكاناً لهم بعد في القائمة.

يكفي أن اختتم مقالتي اليوم بالطلب من الجميع تصور ما هو عدد وطبيعة الاسئلة التي يمكن أن يطرحها ذوو الشهداء في هذه المناسبة وفي هذا الموضوع بالذات.

إنهم يعيشون بيننا ويلاحظون ما نلاحظه نحن، وربما أكثر من ذلك يشعرون بالحاضر والواقع ويحلّلونه بكل أبعاده وجوانبه، كما يشعرون بوطأة التاريخ ويستذكرون الشهداء عامة والذكريات الخاصة بذوييهم الشهداء.

خلال حديث مرة بيني وبين ذوي أحد هؤلاء الشهداء وقفت حائراً ومصدوماً أمام السؤال الذي طُرِح أمامي وهو: هل نشتري شارعًا كي نسميه باسم شهيدنا؟!.

سكت طويلاً عاجزاً عن إيجاد إجابة على مثل هذا السؤال، ثم أدركت بأنني لا يجب، ولن استمر في السكوت والعجز، وقررت كتابة المقالة ونقل السؤال وتحويله إلى كل المعنيين بالأمر، علّهم يمتلكون الإجابة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير