أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة د.حسن نافعة لوطن: معركة قضائية تخوضها جنوب أفريقيا نيابة عن الدول العربية التي خذلت القضية الفلسطينية

11.01.2024 09:54 PM

رام الله – وطن :-قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة د.حسن نافعة، إن المعركة القضائية التي تخوضها جنوب أفريقيا نيابة عن الدول العربية قادتها لوحدها فقط دون اي دور من الدول العربية والاسلامية، لافتا الى خذلان الدول العربية والاسلامية للقضية الفلسطينية .

وأوضح نافعة في حديثة لبرنامج "مساء الخير ياوطن" مع الزميل محمد شوكت، ان "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" تعد أول اتفاقية دولية تبرمها منظمة الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، إذ تمت الموافقة عليها بالإجماع من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 9 كانون الأول/ ديسمبر عام 1948، أي قبل يوم واحد من صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ولفت نافعة الى أن عريضة الدعوى التي سلمتها حكومة جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية، وتقع في 84 صفحة، كتبت بعناية فائقة ودقة شديدة، وتضمنت شرحاً وتحليلاً شاملاً ومفصلاً لكل الأفعال والأقوال التي تثبت ارتكاب "إسرائيل" أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، كما تضمنت رصداً دقيقاً للتصريحات كافة التي وردت على لسان المسؤولين الإسرائيليين، والتي تثبت توافر النية لدى "إسرائيل" وانعقاد عزمها المبيت على ارتكاب هذه الجريمة النكراء، وبكل صورها المفصلة في الاتفاقية لذا، فسوف يكون من الصعب جداً على محكمة العدل الدولية تجنب إدانة "إسرائيل"، وإلا فقدت سمعتها ومصداقيتها تماماً.

وأكد "أنه لم يكن أمام "إسرائيل" في الواقع من سبيل آخر سوى المثول أمام هذه المحكمة فالمادة التاسعة من "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" تنص على: "تعرض على محكمة العدل الدولية، بناءً على طلب أي من الأطراف المتنازعة، النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية، بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسؤولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة." ما يعني أن محكمة العدل الدولية ملزمة قانوناً بالفصل في الدعوى المرفوعة أمامها من جنوب أفريقيا، وكلتاهما طرفان في الاتفاقية، سواء مثلت "إسرائيل" أمام المحكمة أو لم تمثل، فضلاً عن أن تغيّبها سوف يفسر على أنه تهرب ناجم عن الخوف من الإدانة.

وأشار نافعة  إلى ما قد تسفر عنه هذه المعركة القضائية الكبرى من نتائج محتملة. وهنا، يتعين التمييز بين أمرين: الأول، الشق المتعلق بالتدابير الاحترازية، وهو ما يعرف بالشق المستعجل من القضية ، ففي عريضة الدعوى التي رفعتها أمام محكمة العدل الدولية، طلبت جنوب أفريقيا من المحكمة أن "تأمر إسرائيل بوقف فوري لجميع الهجمات العسكرية التي تشكل أو تؤدي إلى انتهاكات لاتفاقية الإبادة الجماعية في انتظار عقد جلسة الاستماع"، مضيفة أنه "ولتحقيق هذه الغاية، ينبغي للمحكمة أن تأمر إسرائيل بالكف عن القتل والتسبب في أذى عقلي وجسدي خطير للشعب الفلسطيني في غزة ويتوقع أن يصدر الحكم في هذا الشق المستعجل خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، تتراوح بين أسبوعين إلى شهرين أو ثلاثة على أكثر تقدير.

والشق الثاني المتعلق بالموضوع، أي بإدانة أو تبرئة المدعى عليه ، فقد طلبت جنوب أفريقيا من المحكمة "إثبات مسؤولية إسرائيل عن ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين؛ وتحميلها كافة النتائج المترتبة على ما ارتكبته من انتهاكات لالتزاماتها بموجب الاتفاقية"، ما يعني إلزام "إسرائيل" بتعويض الفلسطينيين عن الأضرار الناجمة عن أعمال الإبادة الجماعية وإعادة الحال إلى ما كانت عليه، كالانسحاب من الأراضي التي احتلتها وإعادة إعمارها والاعتذار عن الجرائم المرتكبة، وغير ذلك من الإجراءات التي أقرتها لجنة القانون الدولي عام 2001 حول مسؤولية الدولة عما قد ترتكبه من أعمال خاطئة.
وعادة ما يستغرق الفصل في الشق الموضوعي سنوات عدة، بدليل أن الدعوتين السابق الإشارة إليهما، واللتين رفعتا عامي 2019 و2022 على التوالي، ما تزالان قيد النظر أمام المحكمة حتى الآن.

وختم نافعة حديثة بالقول أنه ليس من المستبعد أن تصدر محكمة العدل الدولية بعد أسابيع عدة حكماً لصالح جنوب أفريقيا في الشق المستعجل من القضية، قد يأخذ شكل توجيه أمر إلى "إسرائيل" بالوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء العمليات العسكرية، والامتناع عن تقييد دخول المعونات الإنسانية حينها، سنكون إزاء احتمالين، الأول: أن تكون أوضاع الميدان قد أجبرت "إسرائيل" على وقف عملياتها العسكرية بالفعل، بحثاً عن مخرج سياسي للأزمة، والثاني: أن تتجاهل "إسرائيل" أمر المحكمة، رغم إلزاميته التامة من الناحية القانونية، وتواصل الحرب على سكان القطاع، اعتماداً على أن الفيتو  الأميركي سوف يحميها من أي عقوبات قد يقترحها البعض في مجلس الأمن لإلزامها بتنفيذ أمر المحكمة وفي جميع الأحوال، يتوقع أن تخرج "إسرائيل" من هذه المعركة، التي ستطول لسنوات، خاسرة وفاقدة لسمعتها تماماً، كما يتوقع أن تخرج جنوب أفريقيا منتصرة ومرفوعة الرأس.

تصميم وتطوير