في تحقيق استقصائي لـوطن: استمرار فرض ضريبة الدخل الزراعي يهدر 126 مليون دولار سنويا

14.03.2016 12:49 PM

وطن- أيسر البرغوثي: الضرائب التي تفرض على المزارعين الفلسطينيين ومربي الثروة الحيوانية، عن مصروفات البيع والنقل والتسويق والتوزيع، تترك آثارا اقتصادية واجتماعية سلبية على واقع المزارعين، بخاصة مربي الثروة الحيوانية، وتؤدي إلى تراجع واضح في الإنتاج، وارتفاع في الأسعار، وتخلق دافعا لهجرة الأراضي والمزارع.
الإشكالية تتعلق أساسا بضريبة الدخل التي أعفي منها المزارعون الفلسطينيون حتى 2008، قبل ان تجري تعديلات قانونية، مدعومة بقرار من الرئيس محمود عباس، أدت إلى إلغاء الإعفاء، وإلزام المزارعين بدفع الضرائب.
الضرائب سيف مسلط على رقاب المزارعين ومربي الثروة الحيوانية
مخاوف المزارع ماهر الأخرس تجاه واقع مزرعته تزداد يوما بعد آخر، في ظل تراجع الانتاج بشكل تدريجي خلال السنوات الماضية.. فالضرائب المفروضة عليه كما يقول باتت تثقل كاهله، بخاصة بعد مطالبته بدفع ضريبة الدخل وبأثر رجعي منذ عام 2008.
ورفض ماهر الأخرس دفع الضريبة، التي تقدر بنحو 195 الف شيقل، لعدم اعترافه بأحقية الحكومة في جمعها، وكونها شملت السنوات التي كان القانون فيها مجمدا، فتلقى إخطارا من النيابة العامة واستدعاء للمحكمة.
وهو يقول " إذا استمرت الحكومة في فرض الضريبة لن يبقى في فلسطين اغنام ولا أبقار ولا غير ذلك، وسيتحول اعتمادنا على الاحتلال الإسرائيلي فقط".
المزارع نبيل حسين يملك هو الآخر مزرعة لتربية الحبش، لكنه مطالب بدفع مبلغ يصل لنحو 100 الف شيقل، كضريبة دخل تراكمت منذ عام 2008.
ويؤكد حسين " بهذه الطريقة سيحكمون علينا بالإعدام، حين تتم مطالبتي بمبلغ يصل لمئة ألف شيقل، من أين يمكن تحصيله؟، هناك تكاليف باهظة جدا ومصدر رزقي الوحيد هي المزرعة".
سياسات الحكومة الزراعية تؤثر سلباً على الإنتاج الحيواني
في فلسطين نحو 30 الف مربي ثروة حيوانية، مقسمة بين أغنام وابقار ودواجن وخلايا النحل.. هذا القطاع يسهم بما قيمته 41% من الانتاج الزراعي، لكنه يعاني من اشكاليات عدة، أبرزها غياب تطبيق العديد من القوانين الناظمة له.
ويرى المدير التنفيذي لاتحاد جمعيات المزارعين عباس ملحم أن هناك سياسات حكومية تتعلق بالزراعة لكنها لا تساعد على تطوير هذا القطاع.
ويضيف "هناك مجموعة قوانين زراعية لو تم تطبيقها بشكل فعلي لانعكست على الوضع الزراعي وساهمت في تطويره، غير ان ذلك غائب وغير فاعل".
في العام 2004 أعفي المزارعون من ضريبة الدخل بشكل مطلق وفقا للقرار بقانون رقم 17، ليستمر الوضع كذلك حتى العام 2008 ، حيث صدرت المادة 4 التي اشترطت تسجيل المزارعين نشاطهم لغايات ضريبة القيمة المضافة، حتى يشملهم الاعفاء، أي انه لا يستطيع المزارع استرداد ما يدفع إلا بفواتير رسمية ضريبية مفصلة لمشترياته وأن يعلن عن دخله من مزرعته.
مربو الثروة الحيوانية مهدّدون بإغلاق مزارعهم بسبب الضرائب
لكن المزارعين يقولون إنهم تعرضوا لعملية خداع، حين طالبتهم الحكومة عام 2011 بفتح ملفات ضريبية، كي يحصلوا على الاستردادات، لكن على عكس المتوقع، هدفت الخطوة الكشف عن دخول المزارعين الحقيقية تمهيدا لملاحقتهم.
ويتساءل المحامي والقانوني فؤاد النشاشيبي حول الضرورة القصوى التي استند إليها الرئيس عباس لإلغاء الإعفاء عن المزارعين، مستنكرا وجود حاجة ملحّة لمثل ذلك.
فيما يرى أمين عام اتحاد لجان العمل الزراعي فؤاد أبو سيف أن المزارعين تعرضوا للخداع، وانهم أصبحوا مضطرين- بعد فتح ملفات ضريبية- للكشف عن مشترياتهم وملفاتهم، ودفع مبالغ كبيرة جدا.
القانون لا يعفي
في الجانب الآخر، تقول وزارة المالية إن قانون ضريبة الدخل لم يعفِ أي جهة، وأنها تواصل تنفيذه، غير أن أنها تقول إن تعميما صدربمراعاة أوضاع المزارعين، وجمع الحد الأدنى فقط.
ويقول مدير عام ضريبة الدخل في وزارة المالية حمزة زلوم إنه لم يصدر أي قانون حتى الآن يعفي المزارعين من الضريبة، مبينا ان التعامل في هذا الأمر يجري بموجب القانون.
ويوضح اتحاد جمعيات المزارعين أن فرض ضريبة الدخل يدفع المزارعين للعزوف عن فتح ملفات ضريبية لهم، كما انهم سيمتنعون عن تسليم فواتير المقاصة، ما يؤدي إلى هدر نحو 126 مليون دولار جباية ضريبة القيمة المضافة.
احتجاجات
المزارعون بخاصة مربو الثورة الحيوانية نظموا مؤخرا وقفة احتجاجية أمام مقر الحكومة الفلسطينية برام الله، طالبوا فيها بإعفاء كامل من ضريبة الدخل الزراعي، ووقف الملاحقات القضائية ضد المزارعين اللمتنعين عن دفعها.
وتشير احصائيات رسمية أن مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين تقلصت خلال السنوات الأخيرة إلى ما دون 4%، لأسباب يتعلق بعضها بالاحتلال والاستيطان، وأخرى بسياسات حكومية زراعية.
وفيما لا تزال النقاشات مستمرة حول قانون ضريبة الدخل، وإلى أن يعاد النظر في السياسات الحكومية المتعلقة بالثروة الحيوانية، يسيطر القلق على واقع المزارعين، حيث باتت مزارعهم تتدهور أمام أعينهم، ويتحملون ذلك بصمت.

تصميم وتطوير