قراءة موجزة في تعديلات قانون التنفيذ الفلسطيني

10.03.2022 02:57 PM

 كتب * نور الدين صريع:  مؤخرًا، وفي تاريخ 6/3/2022 نشر القرار بقانون رقم (12) لسنة 2022 الصادر عن رئيس دولة فلسطين بتاريخ 24/2/2022 في رام الله، في الصفحة رقم (46) من جريدة الوقائع الفلسطينية/ عدد ممتاز رقم (26)، والرامي لتعديل قانون التنفيذ الفلسطيني رقم (23) لسنة 2005 بواقع (23) مادة، والذي سيدخل حيز النفاذ بتاريخ: 6/4/2022.

   وقد جاء هذا القرار بقانون المعدل بموجب ما للرئيس الفلسطيني من صلاحية تشريعية بموجب نص المادة (43) من القانون الأساسي الفلسطيني، وبعد الإطلاع على قانون التنفيذ رقم (23) لسنة 2005، وبناءً على طلب بكتاب رأي  من مجلس القضاء الأعلى الصادر بتاريخ 24/1/2022 حسبما ورد في ديباجة هذا القرار.

   وهذه التعديلات وإذا ما تفحصنا فيها سنجد أن المشرع الفلسطيني المؤقت قد حذا حذو المشرع الأردني في تعديلات قانون التنفيذ الساري في إقليمه بنقله عنها نقلًا حرفيًا، والذي قصد فيها المشرع الأخير إقامة التوازن القانوني ما بين المحكوم له والمحكوم عليه، ذلك إن كان التنفيذ وإجراءاته السريعة البسيطة  _على ما يفترض _ هو حماية المركز القانوني للدائن، فإنه لا محالة من إيجاد مقابل وهو حماية للمركز القانوني للمدين أيضًا، وهذا ما تقتضيه العدالة الدستورية بالحقيقة.

   وقد بدأ القرار بقانون مادته الأولى مشيرًا لتسمية القانون وإطار تعديلاته على قانون التنفيذ رقم (23) لسنة 2005، وتلاها في نص المادة الثانية بتعديل بعض التسميات كما فعل في كافة التعديلات الأخيرة، إذ استبدلت عبارة "السلطة الوطنية الفلسطينية" بعبارة "دولة فلسطين" كما استبدلت عبارة "رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية" بعبارة "رئيس دولة فلسطين"، واستبدلت عبارة "قاضي التنفيذ" بـ "رئيس التنفيذ"، وهذا نقلًا عن تسمية قانون التنفيذ الأردني في المادة (2) منه.

   ونص في المادة (3) من القرار معدلًا على نص المادة الأولى من القانون الأصلي: أن تنشأ دائرة تسمى دائرة التنفيذ لدى كل محكمة بداية يرأسها قاضي يسمى رئيس التنفيذ لا تقل درجته عن قاضي بداية، ويحل محله (يقوم مقامه) قاضي الصلح بذات الإختصاصات في الأماكن التي لا يوجد فيها محكة بداية؛ كمدينة يطا مثلًا، وحدد من يباشر إجراءات التنفيذ بأنه مأمور التنفيذ، ويعاونه عدد كاف من الكتبة ومأموري التبليغ ومأموري الحجز، كما وجاء في الفقرة الثانية من ذات المادة بأنه " لا يجوز القيام بأي اجراء تنفيذي قبل الساعة السابعة صباحا أو بعد السابعة مساء الا في حالات الضرورة وبإذن من الرئيس" وكأنه معدلًا في ذلك الفقرة الثانية من نص المادة (8) من قانون أصول المحاكمات المدينة والتجارية السارية على عملية التبيلغات في معاملات التنفيذ، ليظل التبليغ غير جائز إلا ما بعد الساعة السابعة صباحًا وقبل تمام الساعة السابعة مساءً، مغيرًا في الإستثناء بدل إذن من قاضي الأمور المستعجلة أو قاضي التنفيذ إلى أن الإذن يصدر فقط من رئيس التنفيذ وفي حالة الضرورة، كما واستبعد أيام العطل الرسمية من الإستثناء، ليصبح من الممكن التبليغ فيها والتبلغ في حالة الضرورة وبإذن من الرئيس، ولم يشترط في التعديل أن يكون الإذن مكتوبًا على غرار النص الأصل، وطبعًا هذا التعديل منقول حرفيًا من نص المادة ثلاث من القانون الأردني.

   وانتقل بعدها إلى المادة الرابعة معدلًا المادة الثالثة من القانون الأصلي، وموزعًا اختصاصات العمل التنفيذي داخل دائرة التنفيذ، محددًا إختصاصات رئيس التنفيذ أو من يقوم مقامه بـ جميع المنازعات التنفيذية بما في ذلك إلقاء الحجز على أموال المدين وفك الحجز وبيع الاموال المحجوزة وتعيين الخبراء وحبس المدين ومنعه من السفر والتفويض باستعمال القوة الجبرية، وطبعًا هذه الإختصاصات هي على سبيل المثال وليس الحصر، وهذا يستفاد من صيغة الفقرة الأولى من المادة أعلاه، إذ لرئيس التنفيذ النظر في جميع المنازعات التنفيذية ومنها إلقاء الحجز وهكذا...، كما وله ومن يقوم مقامه الإشراف على جميع أعمال الدائرة والعاملين فيها، وهم ويرجعون إليه في أعمالهم ويلتزمون بتوجيهاته بصفته رئيسًا لدائرة التنفيذ، وفي الفقرة الثالثة من المادة أعلاه حدد إختصاص مأمور التنفيذ بـ مباشرة الإجراءات التي يقتضيها تنفيذ السندات التنفيذية وتنفيذ قرارات الرئيس وأوامره، وحدد إختصاصات الكتبة في الفقرة الرابعة بتنظيم أوراق الدائرة ومحاضرها وسائر ما يعهد به إليهم الرئيس أو المأمور، وفي الفقرة الخامسة حدد إختصاص مأمور التبليغ (المُحضر في القانون الأردني) بتبليغ الأوراق المتعلقة بالتنفيذ والإلتزام بتنفيذ أوامر الرئيس أو مأمور التنفيذ، وهو مأمؤر مستحدث خاص في الإخطارات التنفيذية، والذي أحسن بنا إذ خصص موظفي تبليغات لدائرة التنفيذ، وذلك في تعجيل وتطوير إجراءات التنفيذ، لكونه لا يعقلل أن يكون موظف التبليغات في المحمكة النظامية هو ذاته موظف التبليغات لدئرة التنفيذ، والتي تشكل العمود الفقاري لأي محكمة، وتنافس ما فيها من أعداد في الملفات.

وبهذا يستنتج أن التسلسل الإداري في دائرة التنفيذ يقع على شكل عمودي وفق الآتي: رئيس التنفيذ _ مأمور التنفيذ _ وبشكل أفقي تحتهما: الكتبة ومأموري التبليغ ومأموري الحجز، بحيث يتلقى مأمور التنفيذ أوامره من الرئيس، بينا يتلقى الكتبة ومأموري التبليغات والحجز أوامرهم من الرئيس مباشرةً أو من مأمور التنفيذ. كما وأضاف بموجب الفقرة السادسة من المادة (4) أنه يعطي الرئيس أو من يقوم مقامه أمرًا خطيًا للمأمور والكتبة والمحضرين يخولهم فيه حق مراجعة الشرطة لتمكينهم من القيام بما يعهد إليهم به من وظائف تنفيذية، ويجب على كل من يبرز إليه هذا الأمر الخطي أن يساعدهم على القيام بوظائفهم تحت طائلة المسؤولية، وفي ذلك تسهيلًا للإجراءات التنفيذية، إذ أن من يعهد إليه هذا الأمر مراجعة الشرطة لإتمام وظائفهم التنفيذية، وهذا أسهل من تسطيرات الكتب وتسليمها باليد للوكيل أو الموكل في التنفيذ، وأسرع في عملية التنفيذ، وبطبيعة الحال أن هذه الفكرة لم تكن وليدة المشرع الفلسطيني، بل إنها نقلًا وبكل الأحكام الواردة أصلًا في نص المادة الرابعة من هذا القرار عن المادة (5) من القانون الأردني حرفيًا، مع الإشارة إلى أنه ووفقًا لهذه المادة يبقى قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية ساري فيما لم يتم تنظيمه وفقًا لهذا القانون.

   هذا وقد عدلت المادة الخامسة من القرار نص المادة (4) من القانون الأصلي لتصبح على الآتي:

"1. دائرة التنفيذ المختصة هي الدائرة التي توجد في منطقة المحكمة التي أصدرت الحكم أو موطن المحكوم عليه او محكمة موطن المحكوم له أو الدائرة التي تم إنشاء السندات التنفيذية في منطقتها.

2. يجوز التنفيذ في الدائرة التي يكون موطن المدين أو أمواله فيها أو الدائرة التي اشترط الوفاء في منطقتها.

3. إذا اقتضى التنفيذ اتخاذ تدابير خارج منطقة الدائرة فللرئيس إنابة الدائرة التي ستتخذ فيها التدابير التنفيذية.

4. إذا تعددت الدوائر المختصة بتنفيذ السند التنفيذي الواحد فينعقد الاختصاص للدائرة التي قدم إليها الطلب أولا"، وبالحقيقة أن هذا التعديل هو أفضل بكثير من نص القانون الأصل، والذي كان يتسم بالغموض الكثير والعليل، حيث كان الإختصاص ينعقد على الوجه الآتي: "1- ينعقد الاختصاص لدائرة التنفيذ التي: أ) يوجد في نطاق اختصاصها المال المنقول محل التنفيذ. ب) يقيم فيها المحجوز لديه إذا تعلق بحجز المال لدى شخص ثالث. ج) يقع ضمن دائرة اختصاصها المال غير المنقول المراد حجزه أو بيعه"، ولكونها كانت كذلك كان الواقع التنفيذي دائمًا ما ينعقد فيها الاختصاص لدائرة التنفيذ التي يقيم في نطاق إقليمها المحكوم عليه وليس إلا وللأسف.

   ولا بد لنا في صدد الحديث عن الإختصاص المكاني لدائرة التنفيذ أن نشير لما ورد على لسان القاضي اياد مهيار في محاضراته لشرح قانون التنفيذ المنشورة من قبل المعهد القضائي الأردني والذي فسر فيها نص المادة (4) من قانون التنفيذ الأردني والتي نقلها الفلسطيني حرفيًا في نص المادة (5) من القرار، إذ قال وحسبما هو مستقر عليه لدى القضاء الأردني أن الإختصاص المكاني ورد على سبيل الترتيب وليس التخيير، حيث أن معايير الإختصاص الواردة في الفقرة الأولى لها ينعقد الإختصاص المكاني، وإذا لم يوجد أي منها ننتقل لما ورد في الفقرة الثانية، ولا يجوز تقديم ما ورد في الثانية على الاولى في كل الأحوال، ولكن الأماكن التي وردت في كل فقرة على حدا يجوز التخيير ما بينها، فيجوز الإختيار بين موطن المحكمة التي أصدر القرار وبين موطن المحكوم له وموطن المحكوم عليه وبين الدائرة التي نشأ فيها السند التنفيذي، ولكن لا يجوز التخير بين ما سلفن الذكر وبين مثلًا الدائرة التي يكون موطن المدين أو أمواله فيها، والخلاصة في ذلك أن الأماكن التي وردت في الفقرة الاولى من المادة الخامسة من القرار هي من يبحث فيها أولًا بالتخيير بينها، وإذا لم ينعقد الإختصاص لأي منهما ننتقل بعدها للأمكان الواردة في الفقرة الثاني وبالتخيير فيما بينها أيضًا، ولكن لا يجوز في كل الأحوال تقديم ما ورد في الفقرة الثانية على ما ورد في الأولى إلا بعدمية وجودها وانعقادها.

   كما ولا بد لنا من الإشارة إلى التعديل الذي جاء مواكبًا لأحكام قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، وهو بموجب الفقرة (3) من المادة (5) من القرار، أنه وفي حال اقتضى أمر التنفيذ اتخاذ تدابير خارج الإختصاص الإقليمي لدائرة التنفيذ التي يجري أمامها تنفيذ السند، أنه للرئيس أن ينيب الدائرة التي يشمل اختصاصها الإقليمي هذا التدبير لإتخاذه، وأنه إذا ما وقع دون ندب من الرئيس يكون الإجراء باطلًا، هذا و عدلت الفقرة الرابعة من المادة ذاتها الفقرة الثانية من نص المادة (4) من القانون الأصلي بأن بات تعدد  الدوائر المختصة بتنفيذ السند التنفيذي الواحد ينعقد الاختصاص للدائرة التي قدم إليها الطلب أولًا، و ليس لأي منها كما القانون الأصلي.

   كما وعدل بموجب نص المادة (6) من القرار نص المادة (5) من القانون الأصلي _مع أن موضوع المادة الأصل مختلف، إذ تناولت حالات استئناف القرار التنفيذي، بينما أضافت هذه المادة موضوع نظر الطلبات وحق الإعتراض عليها_، وبذلك أضاف حكمًا جديدًا ولو أنه كان واقعيًا قبل إقراره، وهو أن الطلبات التنفيذية ينظر فيها القاضي تدقيقًا دون الحاجة لحضور الإطراف إلا إذا رأى الرئيس ضرورة لذلك، كما وأضاف أنه يحقق للمتضرر من القرار _وهنا نرى أنه يشمل إعتراض الغير أيضًا لكونه لم يحدد في نص المادة أن المتضرر من الأطراف فقط_ أن يقدم إعتراضًا على القرار خلال سبعة أيام تبدًا من تاريخ اليوم التالي لتبليغه القرار، وللرئيس في هذه الحالة أن يعود عن قرار أو يعدل عليه حسبما يراه مناسبًا وفقًا للقانون والأصول، وبالحقيقة أن إضافة هذا الحكم هو أمر جيد بدل من اللجوء للإستئناف فورًا وتأخير العملية التنفيذية بذلك، وهذا تقدم في الأحكام يشكر عليه القرار المعدل وقبله المشرع الأردني في نص المادة (18)، كما وأن الفقرة الثانية من المادة (6) من القرار المعدل قد عدلت وأجزمت الإختلاف القائم فيما إذا كانت مدة الإستئناف هي سبعة أيام أو خمسة عشر يومًا، لتجعلها مصبوغة دائمًا بالصفة المستعجلة، ومدة الإستئناف هي سبعة أيام تبدأ من اليوم التالي لتفهم القرار أو تبلغه، ولكن يؤخذ عليه أنه عاد وحدد أسباب الإستئناف على سبيل الحصر، ولو أنه قد توسع فيها هذه المرة مضيفًا أن الحجز على الدار المملوكة للمدين هي من أسباب الإستئناف إذا ما وقع في ذلك مخالفة للقانون، وحالة استنكاف الطالب الذي رست عليه المزايدة، وحالة الحبس للمدين المخالفة للقانون، وحالة رجوع الرئيس عن أي قرار قد أصدره، وهذا يعني أن القرار ذاته يطعن به على استقلال، وكذلك يطعن في طلب الرجوع، أي درجتين من الطعن أشبه ما يكون، كما وأضاف حالة المنع من السفر، وحالة الإحالة القطعية للعقار، وأيضًا حالة القرار الصادر على الإعتراض المقدم من الغير، لنستنتج في ذلك أن حالات الإستئناف قد انحصرت فقط في بعض من الأسباب القانونية، ولا موقع للأسباب المادية في الإستئناف، كما وأن القرار المعدل قد خرج عن القواعد العامة جاعلًا المحكمة المختصة في نظر الإستئناف هي محكمة البداية بصفتها الإستئنافية في الفقرة الثانية من المادة السادسة، مع أن الأصل وبما أن دائرة التنفيذ هي إختصاص محكمة بداية وقاضيها قاضي درجة بداية؛ أن يطعن بها أمام محكمة الإستئناف، ولا نعلم العلة من مخالفة القرار بهذا الخصوص للقواعد العامة، إلا أنه وفي كل الأحوال قد جعل نظر هذا الإستئناف تدقيقًا كما السابق، وحدد مدة الفصل فيه بمدة أربعة عشر يومًا من تاريخ ورود الإستئناف إلى قلم المحكمة، ويكون القرار الصادر في الإستئناف قرار نهائي غير قابل للطعن بالنقض، وحسنًا فعل القرار إذا حدد مدة الفصل في الإستئناف، لكون أنه وفي الواقع العملي قد يفصل في ملفات تنفيذية بالإستئناف إلى ما علا الأربعة أشهر، وهذا تقدم عظيم إذا ما طبق واقعًا، وهو رؤى حسنة للمشرع الأردني الذي نقل القرار هذه الأحكام منه عن نص المادة (20) تحديدًا. كما وأن القرار قد أناط قاضي الاستئناف صلاحية الفصل في الاستئناف على المحضر ذاته إذا كان الإستئناف مردود شكلًا على أن يكون القرار مسببًا، هذا وأن القرار قد جاء وبمفهوم المخالفة في الفقرة الخامسة من المادة السادسة على أن الاستئناف يوقف التنفيذ، وهذا الحكم مقرر بموجب القانون الأصل، ولكنه أضاف على ذلك أن الإستئناف إذا وقع على غير الأسباب المحددة قانونًا، أو على قرار سبق تأييده من محكمة الإستئناف، فإنه لا يرفع الملف التنفيذي أصلًا إلى محكمة الإستئناف، بموجب قرار من الرئيس، ولا يتوقف التنفيذ في هذه الحالة، ونرى بدورنا أنه إذا وقع الاستئناف للمرة الثانية على غير الأسباب التي استؤنف الملف استنادًا عليها، فإن ذلك يرفع الملف التنفيذي لمحكمة البداية بصفتها الاستئنافية ويوقف التنفيذ، وذلك عملًا بالقواعد العامة للتنفيذ الجبري.

   هذا وعدل القرار بموجب نص المادة (8) نص المادة (7) من القانون الأصلي لتصبح على الآتي _ وهو نقل حرفي من نص المادة (6) من القانون الأردني: "لا يجوز التنفيذ الا بسند تنفيذي اقتضاء لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، وتشمل السندات التنفيذية ما يلي:
1. الأحكام الصادرة عن المحاكم النظامية والدينية، وأحكام المحاكم الجزائية المتعلقة بالحقوق الشخصية والأحكام الإدارية المتعلقة بالالتزامات الشخصية والأحكام والقرارات الصادرة عن أي محكمة أو مجلس أو سلطة أخرى نصت قوانينها الخاصة على أن تتولى الدائرة تنفيذها وأي أحكام أجنبية واجبة التنفيذ بمقتضى أي اتفاقية.
ب. السندات الرسمية.
ج. السندات العرفية والأوراق التجارية القابلة للتداول، وغيرها من السندات التي يعطيها القانون هذه الصفة".

   ونرى بدورنا أن القرار لم يأت بأي جديد بتعديله هذا، لا وبل أن وقع في إشكال بنقله عن المشرع الأدرني، إذ أن الأحكام الأجنبية في فلسطين بحاجة للمصادقة عليها من رئيس محكمة البداية بعد إقامة دعوى أمامها لهذه الغايات، ولا تنفيذ بموجب إتفاق على ذلك فحسب، كما وأنه بتعديله هذا استبعد مخطئًا أحكام المحكمين، وهذه ليست بإضافة أيضًا أو حذف، لكون أن هذه الأحكام هي تأخذ معنى السندات الرسمية لكونها بحاجة للمصادقة عليها قبل تنفيذها أيضًا كما القرارات الأجنبية، وبالتالي ليس هنالك أي استبعاد لها وهي قابلة للتنفيذ، وأن هذا الخطأ القانوني سببه النقل الحرفي ليس إلا.

   هذا وأن القرار في نص المادة (8) منه قد عدل الفقرة الثانية من نص المادة (9) من القانون الأصلي، لتصبح مدة عرض التسوية من المحكوم عليه وتبليغه بمراجعة دائرة التنفيذ هي أربعة عشر يومًا وليس سبعة أيام، ولا نعلم العلة في أنه قد نقل المدة منقصًا منها يومًا عن المشرع الأردني، والذي حددها بخمسة عشر يومًا في نص المادة (7/أ/1) من قانون التنفيذ الساري لديه، وعلى كل الأحوال، فإن هذا التعديل مناسبٌ والواقع الفلسطيني، ذلك أن البقاء على مدة سبعة أيام هو أمر مجحف في حق المحكوم عليه، والذي قد لا يلحق مراجعة دائرة التنفيذ لوجود في مكان عمله بالداخل المحتل مثلًا، وأن مدة الأربعة عشر يومًا هي أقرب لتحقيق العدل وإنصاف الحق في إجراءات محاكمة عادلة.

   وبالإضافة على ذلك، فقد عدل القرار بموجب المادة (9) منه نص المادة (15) من القانون الأصلي ناقلًا بذلك الفقرتين (ب،ج) من نص المادة (12) من القانون الأدرني، لتصبح على الآتي: "1. إذا أنكر الورثة أيلولة أموال التركة، كلها أو بعضها إليهم ولم يتمكن الدائن من إثبات ذلك بأوراق رسمية وجب عليه أن يثبت وجود التركة في يد الورثة بدعوى اصلية.
2. عند تنفيذ الحكم لمصلحة التركة لا يقبض الوارث إلا نصيبه بعد إثبات صفته وحصته الارثية".

ومع أننا لا نرى تعديلًا جوهريًا على النص الأصلي بموجب الفقرة الأولى، إذ بقي الحكم ذاته، وهو أنه وفي حالة وفاة المدين وإنكار الورثة وضع يدهم على التركة، فإنه يتوجب على الدائن أن يثبت أيلولة التركة للورثة بسندات رسمية يقدمها لرئيس التنفيذ في طلب بذلك؛ ككتاب من دائرة السير مثلًا  يثبت انتقال مركبة المورث المدين للورثة، أو كتاب بنكي في توزيع الأموال النقدية على الورثة كلٌ بقدر حصته، وإن لم يتمكن من ذلك، فعليه مراجعة المحكمة المختصة بإقامة دعوى أصلية مستقلة يثبت فيها أيلولة التركة للورثة، ومن ثم يعود بطلب مثابرة على التنفيذ على التركة التي في يد الورثة، وفي كل الأحوال لا يكون التنفيذ إلا بقدر التركة عملًا بالقواعد العامة الناظمة لذلك، وأما بخصوص الفقرة الثانية فإنها جاءت بحكم منطقي، وهو أنه وفي حالة كان المحكوم له قد توفى؛ فإنه لا يقبض الوارث إلا ما مقدار حصته من الأموال التي نفذ عليها لصالح مورثه، وذلك بعد أن يثبت صفته بموجب صورة عن هويته الشخصية و حجة حصر إرث لمورثه مثلًا.
   هذا وجاء القرار بقانون في نص المادة (11) معدلًا للمادة (32) من القانون الأصلي: لتصبح أحكام الاعتراض على ما يأتي:
أولًا: الفقرة الأولى من المادة جاءت معدلة لمدة الإعتراض وهي (15) يومًا، وهنا وقع المشرع في خطأ فادح، إذ أنه نقل هذه المدة عن المشرع الأردني الذي جعل مدة عرض التسوية والإعتراض هي (15) يومًا، بينا المشرع الفلسطيني انتقص من مدة عرض التسوية والمراجعة يومًا وجعلها (14) يومًا، وجعل مدة الإعتراض  على الدين (15) يومًا، وعلى كل الأحوال، فإن المطبق من تاريخ دخول القرار حيز النفاذ هو أن مدة الاعتراض على الدين هي (15) يوم ومدة مراجعة الدائرة لعرض التسوية هي (14) يوم.
ثانيًا: جعل المشرع المثابرة على التنفيذ هي بعد مرور مرور مدة الإعتراض ال (15) يوم، والتي تبدأ من اليوم التالي لتبليغ المحكوم له الإخطار التنفيذي على غرار القانون الأصلي الذي يحتسب فيه اليوم الأول من المدة، وبمفهوم المخالفة للبند (ب) من الفقرة (1) من المادة (11) من القرار، فإنه لا يجوز المثابرة على التنفيذ إلا بمرور مدة الإعتراض، إلا في حالة واحدة استثنائية، وهي أن الرئيس يقتنع أن المدين قد شرع في تهريب أمواله أو بعضها تهربًا من التنفيذ، فيجوز الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة قبل انقضاء مدة الإعتراض، على أن التنفيذ عليها لا يكون إلا بعد مرور مدة الإعتراض، وهذا بموجب الفقرة الثانية من نص المادة (18) من القرار بقانون.
ثالثًا: لا يقبل أي اعتراض مهما كان نوعه على السندات التنفيذية التي تكون عبارة عن أحكام صادرة عن المحاكم النظامية والدينية، وأحكام المحاكم الجزائية المتعلقة بالحقوق الشخصية والأحكام الإدارية المتعلقة بالالتزامات الشخصية والأحكام والقرارات الصادرة عن أي محكمة أو مجلس أو سلطة أخرى نصت قوانينها الخاصة على أن تتولى الدائرة تنفيذها وأي أحكام أجنبية واجبة التنفيذ بمقتضى أي اتفاقية، وأنه وفي حالة كان المدين قد دفع جزء من هذه الأموال أو كلها خارج دائرة التنفيذ فلا يبقى له سوى الرجوع على المحكمة المختصة لاسترداد ما دفعه بغير حق للمحكوم له، وذلك بموجب المادة (11/1/ه) من القرار المعدل.

رابعًا: في كل الأحوال، إذا ما أقر المدين (المحكوم عليه) بانشغال ذمته بجزء من هذا الدين أو به كله، فإن مأمور التنفيذ يثابر في التنفيذ على ما وقع الإقرار عليه، على أنه في حالة إنكار الدين كله أو بعضه يكون على المدين مراجعة المحكمة المختصة برفع دعوى عدم مطالبة فيما وقع عليه من إنكاره، وإذا ثبت عدم صحة ادعاءه فإنه على المحكمة المختصة التي تنظر في هذا الإدعاء أن تلزمه بغرامة تعادل 20% من قيمة الدين الذي وقع عليه الإنكار تدفع للخزينة، ويثابر بالتنفيذ من النقطة التي وصل إليها قبل الإنكار بعدها.


رابعًا: بالنسبة للسندات التنفيذية التي يكون محلها سندات رسمية: 1. يجوز للدائن أن يطلب من دائرة التنفيذ تحصيل دينه من الكفلاء 2. لا يرد الاعتراض عليها إلا بثلاث: الإدعاء بتزوير السند الرسمي، إنكار الدين كله، أو بعضه، وفي هذه الحالات على المدين مراجعة المحكمة المختصة لإثبات صحة إدعاءه، وفي هذه الاعتراضات لا يوقف التنفيذ إلا بقرار من المحكمة المختصة وفي حدود ما وقع عليه الإعتراض فقط.
خامسًا: بالنسبة للسندات العرفية والأوراق التجارية: يرد عليها الاعتراض والادعاء بالتزوير أو إنكار التوقيع أو الوفاء الجزئي أو الكلي:
           أ.  في حالة الإعتراض بالتزوير أو بإنكار التوقيع: توقف معاملة التنفيذ بقوة القانون دون الحاجة لقرار من المحكمة المختصة بذلك، ويكلف الدائن بمراجعة المحكمة المختصة لإثبات ما وقع عليه الإنكار سواء التوقيع أو الإدعاء بالتزور، وبالحقيقة أن هذا التعديل خلق نوع من الإحتجاج عليه من قبل القانونيين، وذلك لكونه كان على المشرع أن يوجب على المدين مراجعة المحكمة المختصة لإثبات صحة إدعاه وليس على الدائن ذلك، حيث أن الدائن المدعي في حقه المالي بموجب السند التنفيذ قد أبرز ما يثبت إنشغال ذمة المدين بالدين، والأصل أن الكلام والمبرز مصدق إلى أن يثبت العكس، وأنه على هذا الاخير أن يثبت تخلص ذمته منه، وهذا عملًا بالقواعد العامة المستقر عليها قانونًا وقضاءً وفقهًا، ولا يرد القول على هذا التعديل أن فيه حماية مقابلة للمدين، وعدالة في استقرار المراكز القانونية والمعاملات، لكونه لم يشكل بذلك حماية أصلًا للدائن والذي سيكون عليه هو أن يثابر في إنكار صحة إدعاء المدين، ليكون قد شكل حماية للمركز المقابل وهو المدين، فإذا لم يكن ثمة حماية للأول بهذا الخصوص، فلن يكون للثاني المقابل ذلك، وهنا نتمنى على المشرع المؤقت لو يعود ويعيدنا على الأحكام القانونية الأصلية، والتي كانت أقرب عدالةً، فيما إذ أنكر المدين توقيعه أو ادعى بالتزوير؛ فعليه أن يثبت صحة إدعاءه أمام المحكمة المختصة، وأن ذلك لا يوقف التنفيذ إلا بقرار من هذه المحكمة.
         ب. في حالة الإعتراض بالوفاء الكلي أو الجزئي: يكلف المدين بمراجعة المحكمة المختصة لإثبات صحة إدعاءه، ولا توقف معاملة التنفيذ إلا بقرار من هذه المحكمة وبحدود ما وقع عليه الاعتراض.
سادسًا: لا يقبل موظف التنفيذ ودون الحاجة لقرار أو تدخل من الرئيس أي معاملة أو طلب تنفيذ مضى عليه أو على أخر إجراء فيه مدة خمسة عشر عامًا، وذلك أستقرارًا للمعاملات وحفاظًا على الصالح العام، وخروجًا عن الأصل في أنه للأطراف الدفع بمرور مدة التقادم، وهي لا تتعلق بالنظام العام، وذلك كنوع من الحماية المقابلة للمدين، وتشكيل حالة من الاستقرار في المعاملات، وهذا بالحقيقة يتفق والمنطق القانوني، لكون أن السند الذي مضى عليه خمسة عشر عامًا لا يكون صالحًا لإقامة دعوى مدنية حتى إذا ما دفع الخصم بذلك قبل الدخول في أساس الدعوى، فكيف سيكون له طلب تنفيذه أو المثابرة على ذلك أمام دائرة التنفيذ التي تتسم بسرعة إجراءات التنفيذ وتحصيل الحق وقد انتفت العلة في ذلك؟!

   هذا وقد أضاف القرار بقانون فقرة رابعة على نص المادة (125) من القانون الأصلي بموجب المادة (12) منه، بأنه لا يجوز أن تبدأ المزايدة بأقل من (50%) من قيمة العقار المقدرة، وفي ذلك حمايةً للمحكوم عليه، وهذا التعديل وارد في محلة من جهة نظرنا، كما وأحسن القرار بقانون إذا اعتمد السجل الإلكتروني للمعاملات التنفيذية من حيث تخزينها، حيث أضاف مادة جديدة على القانون الأصلي تحمل الرقم (147) بموجب نص المادة (13) من القرار، فبات التخزين الإلكتروني لهذه المعاملات بعد سحبها وختمها بخاتم الدائرة وتوقيعها من الموظف المختص لها قوة السند الأصلي، وهذا تحركًا والتطور الإلكتروني الحاصل واقعًا، وحماية وحفاظ على السندات من الضياع والتلف، فإذا ما ضاعت أو تلفت تعتمد النسخة الإلكترونية المستخرجة المختومة بخاتم الدائرة والموقعة من الموظف المختص، إلا إذا قرر الرئيس خلافًا لذلك، ولكن نتساءل ماذا لو أن الرئيس لم يعتمدها: هل يحق للمتضرر من هذا القرار التقدم بالاستئناف أمام المحكمة المختصة؟
بالحقيقة أن المشرع لم يجعل هذه الحالة من الحالات التي تشكل سببًا للاستئناف للأسف، وبذلك يكون على المشرع إدراجها كأحد الأسباب التي يرد عليها الإستئناف، وذلك لإكمال العملية التطويرية في العمل التنفيذي الإلكتروني، فليس الأمور أن تلقح من باط ويترك الآخر مترهدلًا. هذا وأنه بموجب الفقرة الثالثة من ذات المادة باتت تنظم الأمور المتعلقة بالمركبات التي يتم حجزها وفقاً لأحكام هذا القانون وسائر الشؤون المتعلقة بها بما في ذلك الأماكن المخصصة لحفظها والبدلات التي تستوفى مقابل حفظها، بمقتضى نظام يصدر لهذه الغاية.
   كما وأن المشرع أضاف حكمًا جديدًا بموجب المادة (14) من القرار والتي عدلت الفقرة الأولى من نص المادة (155) من القانون الأصلي، حيث بات على المحكوم عليه إذا ما عرض التسوية أن لا تقل قيمة الدفعة الأولى عن (15%) من قيمة المبلغ المحكوم به، وإذا ما قلت فإنه يكون للمحكوم له طلب حبس المحكوم عليه والمثابرة على التنفيذ بحقه، وهذه إضافة مستحسنة من القرار بقانون، وذلك بدلًا من عرض تسوية باهتة من شأنها التأخير في إجراءات التنفيذ، ولو أننا نرى أن هنالك مبالغ محكوم بها قليلة وباهتة وكان على المشرع أن يحدد نسبة الدفعة الأولى من التسوية بأعلى من هذه النسبة، كأن يكون المبلغ المحكوم به هو (1000) شيقل مثلًا، فلا تتحقق الغاية من التعديل بالنسبة لهذه المبالغ، وكان عليه أن يحدد نسبة أعلى للتسوية. وطبعًا نشير إلى أن هذا الحكم هو لعرض التسوية فقط، أما المصالحة التي توقع بين المحكوم له والمحكوم عليه فيجوز أن تقل نسبة الدفعة الأولى عن هذه النسبة، وذلك لكون أن المصالحة عقد، والعقد شريعة المتعاقدين.

   هذا وأنه في إطار ذات المادة، جعل المشرع للرئيس سلطة تقديرية في تعيين جلسات إثبات اقتدار المحكوم عليه، على غرار القانون الأصلي الذي أوجب عليه ذلك وجعل سلطته مقيدة، إذ أن التعديل الحاصل نص على أنه للرئيس أن يأمر بدعوة الطرفين لسماع أقولهم، كما وأنه في حالة تعيين جلسات إثبات إقتدار، فإنه عليه أن يحقق مع المحكوم عليه حول إقتداره من عدمه، أما سماع أقوال المحكوم له وبينته؛ فإنها سلطة تقديرية له، وبخصوص السلطة التقديرية للرئيس في دعوة الأطراف، فإنه أمر يسير وحسن سير التقاضي، فالمدين الذي يحرر كمبيالة يقر فيها أن القيمة وصلته بدل بضاعة، وحينما تنفيذ هذا السند لم يعترض على هذا البيان وقد سلم به ضمنيًا، فإنه لا حاجة لإثبات إقتداره سندًا لنص المادة (161/4) من قانون التنفيذ.
   وأما عن نص المادة (15) من القرار المعدل والتي عدلت نص المادة (159) من القانون الأصلي، فإنها برأينا لم تأت بأي جديد، وإنما تغيير في مسمى السجن إلى الحبس لغايات قانون التنفيذ، وذلك تماشيًا مع مدة كل منهن والهدف من الحبس، وهذا ثابت واقعًا ومتفق عليه، وعلى ذلك يبقى لرئيس التنفيذ أن يقرر تأجيل حبس المدين إلى أجل آخر إذا ثبت لديه تقرير طبي صادر عن لجنة طبية رسمية مختصة أن المدين الذي تقرر حبسه لعدم الوفاء بالدين المحكوم عليه لا يتحمل معه الحبس بسبب مرضه، وكذلك الحال بالنسبة لنص المادة (16) والتي أضافت فقرة جديدة تحمل الرقم (5) من نص المادة (161) من القانون الأصلي، وجعلت الأشخاص المحكومين بالتعويض عن جرم جزائي من الأشخاص الذي لا حاجة للإثبات اقتدارهم، وبالحقيقة أن الفقرة مشمولة حكمًا بالفقرة الثانية من المادة في نصها الأصلي، حيث أن  المحكوم عليه بالحقوق الشخصية الناشئة عن جرم هو من الأشخاص الذين لا حاجة لإثبات اقدارهم، وهذه الفقرة تضم المحكومين بالتعويض عن جرم جزائي، لكون أن التعويض أصلًا من الحقوق الشخصية الناشئة عن الجرم، وبالتالي فإن نص المادة (15) من القرار لم يضف أي حكمًا جديدًا.
   وقد عدلت المادة (16) من القرار بقانون نص المادة (163) من القانون الأصلي، إذ ذكرت الأشخاص الذين لا يجوز حبسهم على سبيل الحصر، وهم:

_ حالات الإعفاء المطلقة:
1 (17/1/أ) من لا يكون مسؤولا بشخصه عن الدين كالوارث من غير واضعي اليد على التركة والولي والوصي، وهذه الفقرة لم تأت بجديد، لكون أن النص الأصلي جاء بذات الصيغة والحكم.
2. (17/2) لا يجوز الحبس إذا كان المحكوم به دينًا بين الأزواج، أو دينًا للفروع على الأصول أو للأصول على الفروع، وجاءت هذه الفقرة تحمل إضافة على النص الأصلي، بأنه لا يجوز حبس الفرع إذا كان المحكوم به دينًا للأصول، وهذا على غرار النص الأصلي الذي كان لا يجيز حبس الأصول إذا كان المبلغ المحكوم به دينًا للفروع فقط، دون الالتفات للفروع ودينهم الذي للأصول، وهذه الفقرة بشكل عام هي تهدف للحفاظ على الروابط الأسرية، وتحقق العدالة الإجتماعية بهذه الصورة.
3. (17/4) لا يجوز حبس المريض بمرض مزمن لا يرجى شفاؤه ولا يحتمل الحبس بناءً على تقرير طبي رسمي  صادر عن لجنة طبية حكومية، وبالحقيقة أن هذه الفقرة هي من باب التكرار ليس إلا، إذ أن الحكم ذاته تم تناوله في نص المادة (15) من القرار.
4. (17/5) لا يجوز حبس المدين إذا ثبت أن لديه أموال كافية لتسديد الدين وتم الحجز عليها، وهذه الفقرة هي مضافة أيضًا للقانون الأصلي، وتحمل في طياتها حكمًا منطقيًا، وهو إذا ما كان المدين لديه أموال كافية لتسديد دينه وتم الحجز عليها، فلماذا يحبس والحبس ليس بعقوبة وإنما وسيلة للتنفيذ الجبري؟!
5. (17/6) لا يجوز حبس المدين على الدين الموثق بتأمين عيني، وهذه الفقرة هي مضافة أيضًا، وتحمل حكمًا يتفق والمنطق القانوني، فالدين المؤمن بتأمين عيني لما لا يتم التنفيذ على العين المؤمنة للدين بدلًا من إهدار الوقت والجهد ومحاولة التنفيذ على الدين ذاته، لا وبل يحبس المدين فوق ذلك والمقابل التنفيذي موجودًا؟!
_ حالات الإعفاء المؤقتة:
1. (17/1/ب) المدين الذي لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره والمعتوه والمحجور عليه للسفه أو الغفلة والمجنون، وأضافت هذه الفقرة المحجور عليه لسفه أو غفلة، وقد أحسنت بذلك تعديلًا، لكون أن تصرف  السفيه والمغفل المحجور عليهم في حكم تصرف المجنون والمعتوه، ولا يسأل بالوجه التنفيذي عما صدر منه.
2. (17/1/ج) المدين المفلس أثناء معاملات الإفلاس أو المدين طالب الصلح الواقي، وهذه فقرة جديدة أضيفت للنص الأصلي، وهي أقرب ما تكون لتحقق العدالة التجارية، ذلك أن المفلس الذي غُلت يده عن أمواله، لا يجوز إجباره على تنفيذ التزامه بحبسه، لكونها قد تكون من قبيل العقوبات التي تكررت ووقعت على ذات الفعل (أغلت يده عن إدارة أمواله  والتصرف فيها ويحبس؟)، وكذلك الحال بالنسبة لطالب الصلح الواقي، فالذي يطلب جدولة ديونه بعد توقفه أو عدم مقدرته على الدفع ويكون ملتزمًا بحمل الدفاتر التجارية هو شخص حسن النية، ولا يفكر بالتهرب من تنفيذ إلتزاماته، فإن استثناءه من الحبس هو أمر عادل، ولا يشكل خرقًا لضمانات المحكوم له في استيفاء دينه.
3. (17/1/د) الحامل حتى انقضاء ثلاثة أشهر بعد الوضع، وأم المولود حتى إتمامه السنتين من عمره، وبالحقيقة أن هذه الحالة مضافة على القانون الأصلي ولم تكن موجودة مسبقًا، وهي إضافة مقبولة وعادلة، وذلك لكون المرأة الحامل لا تقوى على الحبس، حيث أنها بحاجة إلى رعاية خاصة تؤهل فيها جنينها، ويستوي مع ذلك المرأة التي لها مولودًا لم يبلغ السنتين، لكون أن مولودها بحاجة إلى رعايتها والرضاع، وحددت المدة بالسنتين لكون أن دورة الرضاعة الطبيعية سنتين.
4. (17/3) لا يجوز حبس الزوجين معًا إذا كان لهم ابن أقل من خمسة عشر عامًا أو معاق، وقد أتت هذه الفقرة بحالة جديدة لا يجوز الحبس معها، وهي إذا ما كان للزوجين ابن مشترك يقل عمره عن الخمسة عشر عامًا، لكونه بحاجة إلى رعاية وتأهيل من والديه أو احداهما، وبالتالي لا يجوز حبس الوالدين معًا، ونأخذ على هذا النص أنه استخدم مصطلح معاق، وهو مصطلح غير لائق بالحقيقة، ويستحب لو أنه ذكر بدلًا منه لفظة من ذوي الإحتياجات الخاصة، ولكن وإن اختلفت المباني ونحن مع اللفظ الأخير، إلا أن الحكم في مجملة يشكل حماية للأطفال في حقهم بالعيش في أمان واستقرار عائلي، وحصولهم على الرعاية اللازمة.
   وقد عدلت المادة (18) من القرار نص المادة (164) من القانون الأصلي، مع أنه لا علاقة بين الموضوعين، وكان على المشرع إضافة نص مادة جديد بدل من التعديل، وذلك لكون أن النص الأصلي كان يتناول حكم إذا ما دفع المحكوم عليه الذي صدر بحقه أمر حبس القسط المستحق من الدين أو عمل بموجب أمر رئيس التنفيذ أو كشف عن أموال له تكفي لوفاء الدين المحكوم به عليه أو المقدار الباقي منه بلا دفع يجوز لرئيس التنفيذ أن يلغي بناء على طلب المحكوم عليه أمر الحبس ويأمر بالإفراج عنه، ونص المادة المُعدل قد تناول الحالة التي يجوز فيها لرئيس التنفيذ منع المدين من السفر، وهي حالة إذا ما اقتنع الرئيس من البينة المقدمة بأن المدين قد تصرف في أمواله أو هربها أو أنه على وشك مغادرة البلاد رغبة منه في تأخير التنفيذ أن يصدر أمرًا باحضاره للمثول امامه في الحال لبيان السبب الذي يحول دون تقديمه كفالة مصرفية أو عدلية من كفيل مليء لضمان التنفيذ، وإذا تخلف عن ذلك تقرر منعه من السفر لحين إنقضاء الدين، وهذا التعديل يضمن عدم التعسف في منع المدين من السفر دون التدرج في إجراءات التنفيذ، فيجب على الرئيس أولًا أن يصدر أمرًا بإحضاره للمثول أمامه ومن ثم تبيان السبب الذي يحول دون تقديمه كفالة مصرفية أو عدلية من كفيل مليء لضمان التنفيذ، وإذا امتنع عن ذلك فعلى رئيس التنفيذ أن يصدر أمرًا بمنعه من السفر. وأما بالنسبة للفقرة الثانية من هذا النص، فإنها قد حملت خروجًا طيبًا عن قاعدة عدم جواز المثابرة على التنفيذ الجبري قبل مضي المدة الممهلة للمدين في مراجعة دائرة التنفيذ، بأنه وفي حال اقتنع الرئيس أن هذا المدين قد شرع في تهريب بعض او كل أمواله فيجوز له الأمر بإلقاء الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، على أنها لا تكون محلًا للتنفيذ الجبري إلا بعد مضي مدة الأربعة عشر يومًا.
   كما وعدلت المادة (19) من القرار نص المادة (165) من القانون الأصلي، ليصبح بذلك إنقضاء سنة كاملة على الأسناد التنفيذية المودعة لدى دائرة التنفيذ دون إتخاذ أي طلب أو عمل لمتابعتها من أحد المشتركين في المعاملة التنفيذية سببًا لإسقاط هذه المعاملة سواء بطلب من أحد الاطراف أو بقرار تلقائي، إلا إذا كان قد صدر قرار بوقف المعاملة التنفيذية أو قام حائل قانوني دون الإستمرار في ذلك، ويترتب على هذا السقوط بطلان طلب التنفيذ والإجراءات التالية له ما لم تكن السندات قد استنفذت مفاعيلها، ولا يؤدي هذا السقوط إلى زوال الأثر المترتب على انقطاع مرور الزمن، وهذا على غرار النص الأصلي القديم الذي كان ينص على أنه: "الأسناد التنفيذية المودعة بدائرة التنفيذ لأجل التنفيذ إذا تركها أصحابها دون تعقب ستة أشهر متوالية اعتباراً من آخر معاملة تمت بشأنها يوقف تنفيذها حتى يقدم طلب التنفيذ"، ويلاحظ من هذا التعديل أن المشرع قد جعل مرور سنة على أخر طلب أو عمل تم من أحد المشتركين في المعاملة التنفيذية سببًا لسقوطها، وليس سببًا  لوقفها كما بالقانون القديم، والذي يمكن فيه لأحد الأطراف التقدم بطلب تجديد للمعاملة التنفيذية، وطبعًا وبموجب هذا التعديل، فإنه لا يسقط الحق في أصل المعاملة، وذلك عملًا بنص المادة (135) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الساري، كما وأن هذا السقوط لا يؤثر على انقطاع مدة مرور الزمن من أخر إجراء قد تم في المعاملة التنفيذي، أي أنه لا يؤثر على قطع مدة التقادم، ولا بد من الإشارة إلى أن السندات التي تمت مفاعيلها ورتبت آثارها التنفيذية لا تتأثر بهذا السقوط، وبالحقيقة أن هذا التعديل غير منطقي، وهو تعقيد في إجراءات التنفيذ، إذ حاول المشرع صبغ السرعة على المعاملات التنفيذية، والتعجيل والمتابعة في تنفيذها من قبل الأطراف بالشراكة مع دئرة التنفيذ، إلا أن هذا الحكم زاد الأمور تعقيدًا للأسف، فلماذا لم نبقى على وقف المعاملة التنفيذية إذا ما مضى ستة أشهر على أخر إجراء تم فيها، وللأطراف التقديم بطلب تجديد، وهذا أفضل وأعدل من بطلان إجراء التنفيذ ومعاملة التنفيذ إذا ما مضت سنة على أخر إجراء فيها؟ وكأن هذا النص بهذا الحكم قد أوقع نوعًا من الجزاء على الطرف الذي لم يتابع الملف التنفيذي، في حين أن الكثير من أسباب الوقف هذه يكون عدم التنفيذ من الجهات المختصة وليس من قبل الأطراف؛ كصدور أمر حبس في الملف ومرور مدة سنة أو أكثر مع عدم تنفيذه.

   وفي بيان سريان القرار بقانون المعدل، فإن نص المادة (20) منه قد حددت سريانه على كافة الأحكام التي صدرت على أطراف المعاملة التنفيذية قبل سريانه، ومن النقطة التي وصلت إليها، أي أن هذا القرار يسري بأثر فوري على كافة الملفات التنفيذية المسجلة لدى دوائر التنفيذ من تاريخ دخوله حيز النفاذ. ونأخذ على المشرع إن صح التعبير في القرار بقانون بأن أناط صلاحية إصدار الأنظمة لتنفيذ هذا القرار لمجلس القضاء الاعلى، مع أن الأنظمة تصدر عن الجهة التنفيذية وهي مجلس الوزراء، وليس مجلس القضاء الأعلى المرتبع على هرم السلطة القضائية!
   وقد ألغت المادة (22) من القرار كل ما يتعارض معه، وبينت المادة (23) منه تاريخ دخوله حيز النفاذ، وهي بمرور مدة ثلاثين يومًا على نشره في الجريدة الرسمية، أي أنه يصبح نافذًا بتاريخ: 6/4/2022.
   وبالختام نقول: أن هذا القرار بقانون قد نقل التجربة الأدرنية في التعديلات على قانون التنفيذ نسخًا حرفيًا في غالبية الأحكام، إلا أنه وعلى كل حال، فإن هذه التعديلات تحمل في طياتها الجانبي الايجابي والسلبي، فايجابًا الأحكام التي جاءت بتخصيص مأموري تبليغ تابعين وبشكل مباشر لدائرة التنفيذ، والتعديل على الإختصاص المكاني لدائرة التنفيذ المختصة في المعاملة التنفيذية، وإقرار الحق بتقديم طلب رجوع للرئيس عن القرار الذي أصدره، وإقراره حق الغير في الإعتراض أيضًا، كما والتوسع في الأسباب الإستئنافية، وتحديد مدة الفصل في الإستئناف بمدة أربعة عشر يومًا من تاريخ وروده لقلم المحكمة، وإصباغ الصفة المستعجلة على المعاملات التنفيذية وجعل مدة الإستئناف سبعة أيام من تاريخ اليوم التالي لتبلغ القرار أو تفهمه، كما وإعطاء الصلاحية لقاضي الإستناف بأن يقرر على ذات المحضر في حالة رد الإستئناف شكلًا مع تبيان الأسباب في ذلك، وتقرير عدم رفع الملف التنفيذي لمحكمة البداية بصفتها الإستئنافية في حال وروده على غير أسباب الإستئناف المحددة القانونًا، وذلك حتى لا يتعسف المستأنف في تعطيل العملية التفنيذية، وكذلك عدم رفعه في حال تأييده مسبقًا، وكذلك الحال بإلزام المدين بأن لا تقل الدفعة الأولى المعروضة في التسوية عن ما قيمته (15%) من قيمة المبلغ المحكوم به، وأيضًا حسنًا فعل المشرع _إن صح التعبير_ بإعتماده السجل الإلكتروني لمعاملات التنفيذ وإعطائها حجية السند الأصلي إذا ما ختمت بخاتم الدائرة ووقعت من الموظف المختص، وكذلك الحال بالنسبة للتوسع المنطقي والمبرر في بعض حالات عدم جواز الحبس سواء بصورة مؤقتة أو قطعية، وكذلك في عدم التعسف في إصدار قرار بمنع المدين من السفر إلا بعد أن يمتنع عن المثول أمام رئيس التنفيذ وتقديم ما يجزم تنفيذه للمبلغ المحكوم به.
   ونأخذ على هذا القرار بقانون بأنه لم يلزم الأطراف في توكيل محامي يمثله أمام دائرة التنفيذ، وعن كونه قد جعل إنكار المدين لتوقيعه وادعائه بالتزوير على السندات العرفية والأوراق التجارية سببًا لوقف المعاملة، وأن ألزم الدائن إذا ما رغب بمتابعة التنفيذ أن يراجع المحكمة المختصة لإثبات عدم صحة ما ادعاه المدين، وكذلك نأخذ عليه في أنه جعل مرور مدة سنة على آخر إجراء في المعاملة التنفيذية سببًا للسقوط التلقائي أو بناء على طلب أحد الأطراف للمعاملة التنفيذية وترتيب بطلان إجراءاتها بالتالي، مع أن النص الاصلي القديم كان ممتازًا بالمقارنة مع هذا التعديل وأقرب لتحقيق العدالة، كما ونأخذ عليه في عدم اعتماده على التبليغ الإلكتروني في المعاملات التنفيذية، والتي تشكل تطويرًا كبيرًا في إجراءات التنفيذ بدلًا من البقاء على الصورة التقليدية بهذا الخصوص، كما ونأخذ عليه أخيرًا في كونه قد جعل إصدار اللوائح التنفيذية لهذا القرار من صلاحية مجلس القضاء الأعلى وهو جهة قضائية، والأصل والمنطق القانوني أن يجعلها من صلاحية مجلس الوزراء.

   ونضيف على ما ورد أعلاه، أن هنالك أحكام جاء بها هذا القرار هي ممتازة نوعًا ما (البعض وليس الكل) ولكن هذا لا يكون إلا إذا ما قوبلت بالتطبيق الواقعي وأن تم توفير بنية تحتية تخدم ذلك، أما البقاء علىها نظريًا هو أمر لا يقدم شيئًا، ويبقى المنظومة القانونية التنفيذية على تراجع من وقعها بدلًا من التقدم.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير