صلاح علي موسى يكتب لوطن..البلد ستسقط قريبا.. أزمة المعلمين قد تكون أحد اعراضها

29.04.2023 12:01 PM

البلد سقطت في ضباب الفوضى وما ازمة المعلمين الا أحد اعراضها، تخيلوا ان الاضراب تم قيادته من خلال مواقع التواصل الاجتماعي واغلبية المعلمين استجابوا وهم لا يعرفون من يقودهم! يبدو ان مجتمعنا مستعد لاستقبال اية دعوات مطلبية و/او سياسية و/او فوضوية قادمة، ان تكرر ما حدث في ازمة المعلمين قد تقود الى انهيار السلطة وصدام مجتمعي وفوضى غير مسبوقة.

المفارقة "اسرائيل"، يبدو لنا هي من تمنع الانهيار وبذات الوقت تخنق السلطة لإيصالها الى حد الاستسلام، فهي من ناحية تفتح سوق العمل لأبناء شعبنا للعمل في الداخل وترفع مستوى الرفاهية في الانتقال والتجارة، وبذات الوقت تخصم اموال الشعب الفلسطيني من الضرائب الى درجة ان الموظفين الفلسطينيين يتقاضون 80% من رواتبهم منذ ما يزيد عن العام.

المشكلة تكمن في حالة السيولة التي وصل اليها الوضع الداخلي، فالأزمات المتتابعة في جنين ونابلس واضراب النقابات المتكرر، واصدار قرارات بقانون بشكل كبير، والفتق في العلاقة ما بين السلطة والناس حتى من أقرب المقربين للسلطة، وقناعة الناس ان المسؤولين قد امنوا ابنائهم وحفظوا مصالحهم وامنهم الشخصي والحديث عن صراع الخلافة يعمق مسببات السقوط. فأي خبر وان لم يكن صحيحا يمس السلطة والحكومة وفيه رائحة فساد و/او سوء ادارة و/او اي قرار لا يعكس وجود ازمة مالية تجد الناس قد انقضوا على السلطة.

في وسط هذه المأساة تجلس حكومة غزة بعيدا عن الانظار، تقود وتدير حياة الناس بأسلوب مختلف في قطاع غزة، تصرف منذ سنوات طوال 60% من أصل الرواتب للعاملين في القطاعات المختلفة وتقوم بتسديد التزامات موظفيها مع الجامعات وشركات الكهرباء والمخالفات وغيرها من باقي الراتب والبالغ 40% المتبقي، لا تسمع لموظفيهم همسا.

في غزة يعلمون ان قيادات حماس تعيش بمستوى معيشي مرتفع، ويتحدثون عن ذلك ولكن بصمت! اما في الضفة فان الناس تتحدث بصوت عال ومسموع عن اية قصة فساد تحصل هنا و/او سوء إدارة. أتعلمون لماذا، لان الاموال بيد السلطة ومواردها هي الاكثر، وهي الممثل الرسمي للشعب الفلسطيني فمن البديهي ان يتحامل الناس على السلطة ويطلبون منها ما لا يطلبه الناس من حكومة حماس. ويبقى السؤال كيف لنا ان نؤجل السقوط القادم، ولماذا ازمة المعلمين دقت ناقوس الخطر القادم من العالم الافتراضي! قبل الدخول لما هو مطلوب لا بد من الاشارة الى عدد من الحقائق والمعطيات:

1- على الجميع ان يدرك ان وجود السلطة واستمرارها يمثل مصلحة وطنية للجميع وسيخسر الجميع في حال انهارت لا سمح الله و/او افلست، واول المتضررين الموظفين والتنظيمات المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والبسطاء من الناس، فان من يسعى الى تخوين السلطة كسلطة مخطئ.

2-  رئيس الوزراء وعدد من وزراء الحكومة تصرفوا بمسؤولية وطنية عالية حيث لم يتم اعتقال اي معلم و/او ملاحقة اي ناشط من نشطاء الحراك و/او ممن كانوا يديرون النقاشات مع الاطراف الاخرى، وهذا يسجل له ولحكومته وان كان لنا جميعا ملاحظات حول طريقة ادارة الازمة من قبل الحكومة.

3- ان الحكومة والاجهزة الامنية ما زالت تعالج ملف مدينة جنين ومخيمها الباسل بمسؤولية وطنية ، لأنها تنظر الى ملف المدينة والمخيم على انه حالة وطنية يجب التعامل معها من هذا الباب وقد يكون وجود وزير الداخلية من مدينة جنين وتفهمه للواقع الحقيقي احد هذه الاسباب .

4- ان ازمة المعلمين ومن قبلها ازمة النقابات كشف واكدت ان الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من الازمات وانه لا يوجد حلول امنية للتعامل مع النقابات واية اضرابات تحدث، وهذا تطور مهم.

5- ازمة المعلمين كشفت ان من قاد الحراك هذه المرة ليس لديه اي تجربة نقابية وحسه بالرأي العام شبه معدوم وان شكل انهاء الاضراب قد أضر نفسيا بالمعلمين أكثر من عدم انجاز المطالب، مما يعني ان اي اضراب قادم لن يكون سهلا.

6- ان ازمة المعلمين كشفت انعدام الثقة في المنظومة الرسمية وعززت من دور العالم الافتراضي ووسائل التواصل الاجتماعي.

7-  ان ازمة المعلمين كشفت ضعف مؤسسات المجتمع المدني وتراجع دور الشخصيات التنظيمية والحزبية والمستقلة في التعامل مع الازمات .

8-  ازمة المعلمين طرحت تساؤل عن مفهوم الوساطة الحقوقي الذي قامت به الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، وهل هناك جدوى بالاستمرار به بهذا الشكل، اما ان هناك حاجة لاستخلاص العبر حول الادوات والوسائل المتبعة؟

9- ان القطاعات المختلفة وحتى في الاوساط الرسمية بدأت تطالب بإعادة توزيع الموارد المالية والرقابة عليها، فالناس بدأت تتساءل عن الرواتب المرتفعة التي يتقاضها عدد من العاملين في السفارات ومدى حاجتنا لهم، وعن عدد من المدراء في صندوق الاستثمار واجورهم المرتفعة.

10- بات الناس تتساءل عن حجم المبالغ المرصودة للاتحادات ولفصائل منظمة التحرير ومدى جدوى الاستمرار بدفعها من خزينة الدولة.

11- بدأت الناس تتساءل عن حاجة الشعب الفلسطينيين لطائرة رئاسية لا يستخدمها الرئيس الا بين فترة واخرى، وهل من الممكن بيعها والاستفادة من ثمنها في التخفيف من حجم الازمة المالية، والحصول على طائرة اخرى من

احدى الدول العربية كمنحة و/او كإعارة للرئيس للسفر بها، كما تفعل الاردن الشقيق وتقوم بأرسال مروحيات كلما اراد الرئيس السفر الى الاردن والعودة على متنها.
اسرائيل لا تريد ان تمنح الفلسطينيين اية حقوق بل انها تحضر لحرب طاحنة ضد اهلنا في غزة والضفة والقدس والشتات لذا فعلى الحريصين ممن يقيمون في الحكومة وفي حركة فتح وكل شخصية وطنية و/او مؤسسة تحمل هموم شعبنا ان توحد الجهود وتدعو الى اتخاذ جملة من الخطوات للإنقاذ الوطني لحين توفر الاجواء لإجراء انتخابات حرة والتي نقترح منها :

1- ان يقوم الرئيس بالإعلان عن حزمة من الخطوات التقشفية امام الشعب الفلسطيني من خلال بيع الطائرة الخاصة به، ووقف تعيين السفراء وضم عدد من السفارات الى بعضها البعض بحيث يكون في الدول الاسكندنافية سفارة واحدة بدل 5 سفارات مثلا، وبيع كافة السيارات الفاخرة التي تملكها القيادات الفلسطينية في الداخل والخارج وتقليص السفريات ورواتب واجور وامتيازات العاملين في صندوق الاستثمار وفي الصندوق القومي والتي وصلت الى الالاف الدولارات ونحن نعيش ازمة مالية خانقة .

2-  ان يقوم رئيس الوزراء بإعلان حزمة من الاصلاحات المالية داخل مؤسسات السلطة والمؤسسات العامة من خلال تقليص المصاريف التشغيلية ووقف شراء السيارات الفارهة وتقليص عدد السيارات الحاصلة على الاعفاءات الضريبية واجراء اصلاحات حقيقة في وزارة المالية من خلال الرقابة ومراجعة كافة المسائل السيادية مثل الضرائب والدخان والمحروقات والغاز وغيرها وادارة وزارة المالية من خلال فريق وطني مختص بإشراف وزير المالية بحيث لا يكون قراره منفردا بل بالتعاون مع فريق انقاذ مالي.

3-  تشكيل فريق ازمة يبقى في حالة انعقاد دائم لنقاش تداعيات الازمة المالية المستمرة واشراك كافة الاطراف بصورة حقيقة وصادقة وعدم جعل فريق الازمة لغايات بروتوكولية ليس الا.

4- تشكيل فريق وطني لتقييم الازمات التي حصلت وكيفية التعامل مع القادم من الازمات بحيث يكون هذا الفريق مكون من مختصين في الامن والاقتصاد والعمل النقابي ومن اسر الشهداء والمعتقلين ممن يملكون التأثير والقدرة على التغيير بحيث يجمتع كل مركب من مركبات هذا الفريق فيما يتعلق بقطاعه، وعدم الاكتفاء بتشكيل لجنة لاستخلاص العبر والدروس من قبل جهات مستقلة و/او من الحكومة، بل يجب ان يكون الفريق الوطني يملك سلطة القرار واتخاذه فيما يتعلق بشكل التدخل ويفضل ان يكون رئيس الوزراء على رأس هذا الفريق مع عدد من الجهات ذات الصلة وان يستعان بالخبراء واصحاب الرأي ممن لا مصلحة مباشرة لهم عند ابداء الرأي وصياغة التوجهات.

5- ضرورة اجراء تغييرات حقيقية على المحافظين ومدراء الاجهزة الامنية خاصة في المناطق والمحافظات حيث ان سبب الاحتقان في اكثر من محافظة مرتبط بتصرفات عدد من مدراء الدوائر الرسمية والامنية والمدنية.

ان كان ما يقال على لسان عدد من القيادات ان راس السلطة هو المطلوب من خلال افتعال كل هذه الازمات فان ما تم طرحه قد يكون سحب للذرائع فلا يكفي ان تقول القيادات ذلك فعليها ان تنصح الرئيس بالقيام بخطوات حقيقة لاستعادة زمام المبادرة، وان تتنازل هذه القيادات عن عدد من امتيازاتها لمنع السقوط الذي نراه قاب قوسين او ادنى
ان فعل الرئيس ما نقترحه سواء جله و/او جزء منه سيعيد جزء من الثقة المفقودة وقد يمنع السقوط في واقع الحال بعد ان عمت الفوضي ولغة التخوين والتكفير في العالم الافتراضي ونخشي ان تنتقل هذه اللغة الى الواقع الحقيقي عندها سندفع جميعا الثمن، كما ان بقاء الاحتلال سيخلق كل يوم تحدي جديد ومشكلة جديدة لان الاحتلال هدفه ترحيل الشعب الفلسطيني وجعل حياة من يبقون صعبة، فهل من يسمع صوتنا؟!

اني على يقين ان لا احد يريد ان يسمع و/او ان يفعل شيئا ولكننا سنبقى نذكر ان نفعت الذكرى.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير