يوم طارد مسلحون سيارة شرطة في جبل النار قبل ٩ سنوات

20.08.2016 09:50 AM

كتب: أدهم مناصرة

- الزمان: الساعة العاشرة من صبيحة يوم الجمعة من عام ٢٠٠٧

- المكان: كشك الفلافل القريب من بيتزا العطعوط بشارع رفيديا

- الحادثة: سيارة بها مسلحون يلاحقون سيارة شرطة ويطلقون الرصاص عليها

كان أحدُهم قابضاً قطعة "الكاتسار"- المطورة عن M16 - بيد واحدة ثم مدها بشكل جانبي مائل من نافذة السيارة المسرعة وراح يُطلق الرصاص بكثافة على سيارة الشرطة، بينما قطعة السلاح تهتز كما لو انه فقد السيطرة عليها لبُرهة وكادت مُقدمة البندقية تميل باتجاهي ويحدث ما لا يُحمدُ عُقباه.

لم اعرف لماذا لم اهرب حينها ولماذا لم اتخذ من اية زاوية مخبأ وملاذا آمنا خشية تبعثر احدى الرصاصات الطائشة اتجاهي،،، فقط بقيتُ لقرابة العشرين ثانية مذهولاً صامتاً ومُوجِّهاً ناظري اتجاه السيارتين "المُطارِدة و المُطارَدَة" حتى ابتعدتا عن مدى رؤيتي، وبعدها اخرج رجلٌ رأسه من نافذة بناية مجاورة للشارع وسألني:فيك شي؟!

أجبته ب "لا"، الحمد لله، ثم اكملتُ مسيري باتجاه السكن القريب.

في الحقيقة، دون "تنظير" أو "تسحيج" أو "تنميط"، كرهتُ ذلك المشهد حدَّ القشعريرة، لا يُمكن لي تفهمه مُطلقاً كمواطن لا ناقة له ولا بعير من اي جدليات أو مجاملات.

تقاطعت فترة دراستي مرحلة الباكالوريوس بجامعة النجاح في مدينة نابلس مع سنوات عجاف من "الفلتان الامني".. نعم هكذا سُميت من المعارضة والموالاة والمحايدين حينها، وكيف لا نُسميها هكذا، وقد تحولت نابلس آنذاك الى حكم مجموعات مسلحة مرتبطة بمعادلة مناطقية (مخيم ومدينة وبلدة قديمة وهلم جرى) وأخرى جهوية.
بالفعل، لقد كانت مقسمة حسب العَرّاب الذي كان يحكم هذه المنطقة او تلك.

اتذكر أيضاً قصة فتاة استنجدت برجل يعمل بجهاز الشرطة بينما كان مارّا صُدفةً بالمكان الذي تحرش بها مسلحون بقيادة عراب يحكم تلك المنطقة، وتلاسن معهم ثم ما أن صفع أحدَهم على وجهه، حتى اطلقوا النار على قدمه وابرحوه ضرباً.

وعايشتُ مشاهد متعددة لهذا الفلتان ورأيتُ دماءً سالت على الطرقات والأرصفة دون ذنب، وأدركتُ وقتها أن "العشائرية" على سلبياتها هي التي كانت حافظة للسلم الأهلي نسبياً جنوب الضفة مقارنة بالمناطق الشمالية في ظل غياب القانون في اعقاب تدمير الاحتلال لمؤسسات السلطة والمقار الأمنية بعد اندلاع الانتفاضة الثانية (الأقصى).

وبعد ان جاء القرار السياسي والامني بإنهاء الفلتان في نابلس كما كل المحافظات قبل ما يزيد عن ٨ سنوات، سجل البعض على الجهة الرسمية أنها لجأت الى احتواء المنفلتين أكثر من التصادم معهم ومواجهتهم وعقابهم ومحاصرتهم واستبعادهم.

وجاءت احداث نابلس المؤسفة والتي راح ضحيتها خلال اليومين الأخيرين رجال امن ومطلوبون على خلفيات جنائية، ليُقرع الجرس والخزان مجدداً، ونتساءل: هل انتقلت المؤسسة الأمنية فعلاً من مرحلة الإحتواء الى مرحلة الاجتثاث؟!!...  ام أن ما حدث في البلدة القديمة لا يعدو أن يكون مجرد رد فعل من أجل رد اعتبار المؤسسة الأمنية لا اكثر!.. وهل سيتم اللجوء الى "اضرب كف وعدل طاقية" لأن الحالة الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال تقتضي ذلك؟!.

ثم، ما زلنا كرأي عام بانتظار الاجابة من الجهات الرسمية على ما اذا كان مَن يقفون خلف أعمال القتل والفلتان سواء في نابلس او غيرها يشكلون حالات فردية عشوائية لاسباب وظروف موضوعية متعددة، قد يكون ابرزها اقتصادية واجتماعية، أم أن بعضهم مدعوم بالمال والسلاح من قطب أو اقطاب معينة؟!.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير