سمير قنطار جديد...جيفارا عربي

21.12.2015 10:39 AM

وطن - كتب:حمدي فراج: سمير القنطار، لك في ذمتنا كشعب فلسطيني سبع وعشرين سنة من عمرك الذي لم يكتمل، عشرات امهاتنا قمن بزيارتك في قيدك لتعذر وصول امك، سبقتها ثماني عشرة سنة في ذمتك من حليبها اللبناني المقاوم، والبقية الباقية في ذمة الشعب السوري الذي عنه دافعت واستشهدت، ونلت صك الوصول من العدو الاول، اسرائيل، التي قالت انها أغلقت حسابها معك، ففتحته معنا. 

لقد شكلت جيفارا عربيا بامتياز، لبنانيا فلسطينيا وسوريا. كان بإمكانك ان تستكفي، فلقد فرشت بالعز والفخار ارض عائلتك "القنطار"، وطائفتك "الدرزية"، وجنسيتك "اللبنانية"، ما يكفي لعشرات السنين القادمة وألاف الاميال من الارض العربية، كان بامكانك ان تتقاعد او تستريح، كما يفعل الاف المناضلين الذين يلتحقون في احسن الأحوال بجمعيات "المحاربين القدامى"، لكنك رفضت بكل الاباء والشموخ، لإدراكك ان الطائفة فيروس مرضي، سرعان ما ينتشر اذا لم تتم محاصرته ومعالجته، ولإدراكك ان الجنسية "اللبنانية"، ما هي الا حصيلة التقسيمة الامبريالية التي قسمت الوطن الكبير الى دويلات وجنسيات وقبائل، ما معنى ان يكون لنا عشرين دويلة، بعضها لا تكاد ترى على الخريطة بالعين المجردة، وما معنى ان يكون لنا عشرين علم وعشرين جواز سفر وعشرين عملة وعشرين زعيما واربعين حدودا، في الوقت الذي نرى فيه شعوب اوروبا التي لها خمسون لغة وخمسون ثقافة تتوحد تحت جواز واحد وعملة واحدة. في السنوات الاخيرة، شاهدت بأم عينك كيف قسموا السودان والعراق وليبيا وفلسطين التي ما زالت محتلة، وشرعوا في سوريا ومصر، وحين اصطدموا، انتقلوا الى  اليمن.

هذا بالضبط ما فعله الثائر الاممي تشي جيفارا، وقضى كما قضيت، على يد صنائع امريكا وحلفائها من الرجعيين وبسلاحها المتطور برا وبحرا وجوا، قبل ان يحقق اهدافه واهداف الشعوب المقهورة في القارة اللاتينية. ورغم مرور نحو خمسين سنة على رحيله، الا انه اصبح رمزا انسانيا في العالم اجمع.

قلت لرفيقنا رجا غبارية في ام الفحم  وهو يسارع لزيارة الفتى الجريح مصطفى عليان من الدهيشة الذي وصل الى مستشفى تل هشومير لكي يتوقف ألمه المتواصل منذ عشرين يوما، برصاصة تقاسمها مع الشهيد مالك شاهين وهما يدافعان عن المخيم ساعات الفجر، ان يعتني بمصطفى، فلربما يكون هو قنطارنا الجديد. ثم سمعت ان ابا في غزة اطلق على ابنه الوليد حديثا اسم "سمير قنطار"، سيترقبه ويرعاه وينميه ويعلمه ويربيه على انه "سمير قنطار" الجديد. انه الميلاد الذي ارادته اسرائيل ان يكون موتا، وكيف يتقاطع ألم اليسوع الفلسطيني الذي نحتفل اليوم بميلاده المجيد مع ألم مصطفى وميلاد "سمير" الجديد ووصيته الخالدة: دعوا الاطفال يأتون إلي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير