ينقضون من حصان طروادة - بقلم: اليكيم هعتسني/ يديعوت

30.11.2011 10:09 AM
سمّى فيصل الحسيني اوسلو في أواخر ايامه "حصان طروادة" الذي أدخل م.ت.ف الى البلاد وسينقض منه المحاربون المختبئون في بطنه حينما يحين الوقت. فحينما لم تقدر عشر سني حصار على أسوار طروادة، تظاهر اليونانيون بأنهم يُبحرون في سفنهم لكنهم خلفوا "هدية" هي حصان خشبي ضخم خرق الطرواديون السور لادخاله الى المدينة. وكان هناك من حذروا من هذا الفعل لكن من ذا استمع لهم؟ والنهاية معروفة.

يبدو الآن ان العرب يكسرون الحصان وينقضون من داخله. فقد اتجهوا الى الامم المتحدة كي يُقبلوا دولة وهم ينقضون اتفاق اوسلو وينشئون ايضا حكومة مشتركة مع حماس. ويدعي أبو مازن السذاجة وكأن الاتحاد مع من يؤيدون القضاء على اسرائيل لا يقلب مائدة اوسلو، وكذلك يدعي نتنياهو السذاجة بدعوته حتى الآن الى "تفاوض بلا شروط مسبقة".

أعلن سفير رام الله في لبنان، عبد الله عبد الله (في مقابلة مع صحيفة "ديلي ستار" في 15/9/2011)، انه زيادة على "اللاجئين" الفلسطينيين في اماكن الشتات فان اولئك الذين يسكنون في الدولة الفلسطينية لن يحصلوا على جنسية فلسطينية ولا على حق في الانتخاب (وهم 60 في المائة في قطاع غزة وحده، أي أكثر من 600 ألف!). وتفسيره يقول كل شيء: "ان الدولة الفلسطينية في حدود 1967 لن تمس أبدا حق العودة للاجئين الفلسطينيين... لن يكون هذا نهاية الصراع. انها اطار جديد فقط سيُغير قواعد اللعب".

ليس هذا تأليبا بل هو الواقع، لأن منح الجنسية وحق الانتخاب يلغي آليا مكانة اللاجيء ويسلب الدولة الجديدة أداة التنديد المسماة "حق العودة".

أفضت اوسلو على كل حال الى كارثة، لكن سقوطها ايضا مشحون بالصعاب. فاذا لم تكن اسرائيل تريد ان تتمتع رام الله بعالمين – بأن تتحرر من اوسلو وتتابع الابقاء على اسرائيل مكبلة باتفاق نقضته هي، فعليها ان تعلن الغاء الاتفاق بسبب نقض الجانب الفلسطيني له. واذا سكتت فستعتبر متخلية عن حق الالغاء، وتستدعي إضعاف القطيعة الدولية مع حماس ومعها الضغط للتسليم لجعل رام الله حماسية.

يرفض الوزير سلفان شالوم الاتصال بحكومة فلسطينية، "الجزء المركزي منها يدعو الى القضاء على اسرائيل". وهذا جيد وجميل. فهل ستسلبهم الحكومة على ذلك شهادات الاشخاص المهمين؟ وكيف ستتصل بهم ولو من اجل ترتيبات تقنية من غير ان يُعتبر ذلك اعترافا؟ على حسب اوسلو، لم يمت الحكم العسكري بل انسحب فقط. فهل ستعيده؟.

وايضا: بحسب "الاتفاق البيني"، لا يتخلى أي طرف عن حقوقه ومطالبه ومواقفه. فهل سيقيمون آخر الامر مقابل "كلها لي" الفلسطينية مطلب الحق اليهودي – لا باعتباره دعوى امنية بل ارض الآباء؟ هل سيبحثون منذ الآن عن سبل للاتصال بقوى محلية – مخاتير وشيوخ وقادة سياسيين يكونون بديلا عن رام الله؟ وهل سيعترفون الآن بأن كابحا واحدا فقط يوقف عجلة العدو داخل عمق ارض استعداده ألا وهو مشروع الاستيطان ويعملون آخر الامر على تقوية هذا الكابح؟.

اذا استدعت رام الله قوات اجنبية، ووقعت على اتفاقات عسكرية، وانشأت مطارات وأدخلت سلاحا وعناصر معادية – فهل سيُرسل الجيش الاسرائيلي الى المقاطعة كما حدث في ايام عرفات؟ وهل ستُضم مناطق الى اسرائيل ردا على تحدي الدولة الفلسطينية؟ أم أن الحكومة ستنتظر كعادتها لا تفعل شيئا الى أن تستوطن "دولة فلسطين" الوعي العالمي، ويُعد نقض اتفاق اوسلو تاريخا قديما، ويضطر شعب اسرائيل الى ان يعيش في ظل تهديد مزدوج – فلسطيني وايراني؟.
تصميم وتطوير