يُسمون هذا الشيء "هارنغ احمر"..بقلم: يوسي بيلين/ اسرائيل اليوم
كلا، لم ننتصر نصرا عظيما على الفلسطينيين في الامم المتحدة. وكلا لم يعد الفلسطينيون الى رام الله مع دولة في أيديهم. وكلا، لم يعشق اوباما نتنياهو. فما حدث هو انه بدل محاولة علاج حل الصراع الطويل والمرهق والمثير للعصبية هذا بين الفلسطينيين وبيننا، وجدنا أنفسنا نجري وراء رؤساء دول لم نعرف موقعها في الأطلس حتى الايام الاخيرة، محاولين أن نصد تهديدا ليس تهديدا.
يُسمون هذا "هارنغ احمر". انه ذلك السمك الاحمر المدخن الذي استعملوه لصرف انتباه كلاب الصيد عن هدفها الأصلي.
* * *
لأنه ماذا كان يجب أن يكون في الحقيقة؟ آنذاك، في ايلول الماضي، حينما طلب اوباما الى نتنياهو وقف الاستيطان ثلاثة اشهر بل شهرين، مقابل نصف المملكة، كان يجب تجديد التفاوض ومحاولة التوصل الى شيء ما كان من العملي التوصل اليه بيقين في تلك المرحلة.
ماذا مثلا؟ المرحلة الثانية من خريطة الطريق، الى جانب عرض الامريكيين أو الرباعية رؤيا التسوية الدائمة، ومع موافقة على جدول زمني سخي يتعلق بالتسوية.
وبعد أن لم يحدث هذا ولم يتم تجديد التفاوض بين الطرفين بسبب إصرار الفلسطينيين على استمرار تجميد الاستيطان وإصرار الحكومة الاسرائيلية على استمرار البناء، استقر رأي الفلسطينيين على اتجاه آخر وهو تحقيق الامكان الذي كان في حوزتهم سنين كثيرة وأن يستبدلوا بكرسي مراقب منظمة التحرير كرسي مراقب الدولة الفلسطينية.
* * *
إن حكومة نتنياهو بدل أن تصرخ معلنة ان الحديث عن اجراء من طرف واحد وان تبث تهديدات بالعقاب غير رسمية، وبدل ان تطلب الى دول العالم ان تجابه الطلب الفلسطيني، كانت تستطيع ان تقول للفلسطينيين – تفضلوا!.
اذا كنتم تريدون الاضرار بأنفسكم والغاء مفوضية الشعب الفلسطيني في الجمعية العامة، واذا كنتم مستعدين لأن تفعلوا الآن ما خشيتموه طوال السنين، أي الاعلان بحكمكم الذاتي لـ 40 في المائة من الضفة الغربية باعتبارها دولة فلسطينية، فتفضلوا!.
واذا كنتم مستعدين لأن يصبح الصراع القومي بيننا صراع حدود بين دولتين وأن يُسمي العالم كيانكم المقسوم "دولة" – فسنكون أول من يعترف بذلك!.
* * *
لم يحدث هذا، فقد استقر رأي الحكومة الاسرائيلية على شيء مختلف. وفي نهاية الامر عاد أبو مازن الى رام الله دون دولة، وعاد بنيامين نتنياهو الى القدس دون حل للصراع ومع عزلة اسرائيلية أخذت تزداد، أما براك اوباما فيعود الى واشنطن حاقدا على من جعله يمتنع عن قيادة الاجراء الذي كان يريد قيادته وهو حقد قد يفصح عن نفسه بعد 14 شهرا.
يستطيع أبو مازن ان يقول لنفسه انه نجح في أن يثير من جديد القضية الفلسطينية في برنامج العمل الدولي، في الوقت الذي كان يبدو فيه ان موضوعات اخرى تأسر الانتباه.
ويستطيع نتنياهو ان يقول انه صحح العلاقات مع اوباما وبرهن على انه يمكن الاستمرار في الاستيطان وضمان صداقة زعيم العالم ايضا. أما اوباما فيستطيع ان يقول لنفسه انه حصل على الصوت اليهودي من جديد.
* * *
لكن لم يحدث شيء في الحقيقة في الجمعية العامة للامم المتحدة سوى "هارنغ الاحمر"، الذي جعل جميع اللاعبين في الحلبة ينشغلون بشيء ليس بينه وبين التسوية الاسرائيلية الفلسطينية أية صلة.
سندفع جميعا الثمن بصورة خطر تجديد العنف وتعميق العزلة الاسرائيلية في المنطقة وتقوية المشاعر المعادية لامريكا في الشرق الاوسط.