بلا شرم وبلا سلام بقلم: موشيه آرنسهأرتس

13.09.2011 06:28 PM

(المضمون: لا يتعجب الكاتب من عداوة الشعب المصري لإسرائيل لأن السلام الذي تم بين مصر وإسرائيل كان سلاما مع نظام استبدادي سقط ولم يعد موجودا ).

       مهما يكن الأمر أكان الحريق الذي حرق شيكاغو، أو العاصفة الثلجية القوية التي غطت منهاتن أو الزلزال في سان فرانسيسكو – يمكن دائما إلقاء التهمة على ميم كما غنت ريتا هيفرت في فيلمها الشهير "غيلدا". وسواء كانت التصريحات المدوية المعادية لإسرائيل لرئيس حكومة تركيا رجب طيب اردوغان، أو الانتقاد الذي لا داعي له على السياسة الإسرائيلية الذي وجهه وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس – يمكن دائما إلقاء التهمة على بيبي – بحسب كلام رئيسة المعارضة تسيبي لفني ووسائل الإعلام المنحازة إلى اليسار. وقد لا يمر وقت طويل حتى يوضع على بابه تمزيق علم إسرائيل واختراق الجمهور المتطرف إلى السفارة في القاهرة.

          لم يكن يجب على الإسرائيليين أن يقرأوا استنتاجات لجنة الأمم المتحدة التي حققت في قضية "مرمرة"، ليعلموا انه كان لإسرائيل الحق الكامل بفرض حصار على قطاع غزة والسيطرة على السفينة التركية التي حاولت الوصول إليه. وبرغم موافقة حكومة تركيا على إنشاء اللجنة وبرغم انه عُين في أعضائها ممثل تركي، رفض اردوغان استنتاجاتها مع توجيه الشتائم إلى اسرائيل وتهديدها بعقوبات شديدة إذا لم تعتذر فورا.

          سُمعت في اسرائيل حقا أصوات زعمت انه يجب عليها الاعتذار مع الشعار الذي لا معنى له "لا تكن عادلا وكن حكيما". وهذه الأصوات تجد عيبا في أن بنيامين نتنياهو لم يحن رأسه إزاء إنذار اردوغان. كان اعتذار من هذا القبيل سيثير الفخر عند اردوغان لأنه نجح في أن يُركع اسرائيل لكنه ما كان ليحدث أي تغيير في السياسة المعادية لإسرائيل التي تبناها قبل قضية "مرمرة" بوقت طويل.

          كان تحسين العلاقات بين تركيا وإسرائيل في السنين الأخيرة مهما لإسرائيل لكنه لم يكن أقل أهمية بالنسبة لتركيا. فقد أحدثت التقنية الأمنية الإسرائيلية تحديثا مهما للجيش التركي. واردوغان يعتقد بلا شك إن تركيا قد أحرزت من هذه العلاقات كل ما كانت تحتاج إليه وأن إظهار العداوة لإسرائيل سيساعدها على محاولة احتلال قيادة العالم الإسلامي. وفي هذه الأثناء لا يجدر بنا إن ننتظر في نفاد صبر اعتذارا تركيا عن الجرائم على الأرمن أو الأكراد.

          وفيما يتعلق بروبرت غيتس، وزير دفاع الولايات المتحدة السابق – فانه لم يُعد قط في الصف الطويل من الزعماء الأمريكيين – ومنهم رونالد ريغان وبيل كلينتون وجورج دبليو بوش والكسندر هيغ وجورج شولتس – الذين أجلّوا اسرائيل لجرأتها وقدرتها على الصمود، واعتقدوا إن الولايات المتحدة تكسب من العلاقات بين الدولتين شيئا لا يقل عما تكسب اسرائيل.

          ينتمي غيتس الى حلقة أمريكية ضيقة ترى اسرائيل دولة صغيرة تنجح في أن تحرز من أمريكا أكثر مما يسوغ وزنها الحقيقي وأنه يجب عليها أن تكون معترفة بالجميل ومطيعة. وهذا جذر انتقاده على رئيس حكومة اسرائيل الذي سُرب إلى وسائل الإعلام عمدا. يصعب أن نصدق انه يوجد إسرائيليون يهتفون لكلامه. قد لا يكون للكرامة الوطنية قيمة كبيرة في أيامنا لكن ما يزال يوجد لها مكان في الروح العامة الوطنية في اسرائيل وفي الولايات المتحدة.

          إن الذين تابعوا الأحداث في ميدان التحرير لا يجب أن يفاجئهم جدا منظر المتظاهرين الذين مزقوا علم اسرائيل. إن ما أسميناه "السلام البارد" مع مصر كان تسوية مع نظام حكم استبدادي لا مع الشعب المصري. والآن وقد اختفى ذلك النظام، من ذا يعلم ماذا سيكون مصير الاتفاق؟ كان موشيه ديان هو الذي صدر عنه لحينه الجملة البائسة التالية: "شرم الشيخ بلا سلام أفضل من سلام بلا شرم الشيخ". وقد نبقى في المستقبل أيضا بلا شرم الشيخ وبلا سلام مع مصر.

 

تصميم وتطوير