برنامج الحكومة المقبلة هو المقياس وليس الاسماء بقلم د.حسن عبدالله

04.07.2011 09:39 AM

النقاش المستعر حول اسم رئيس الحكومة الفلسطينية المقبلة، أخذ اكبرمن حجمه، وادخلنا في متاهة، نحن في غنى عنها، بعد انجاز المصالحة التاريخية، التي اثلجت صدور الفلسطينيين في كل الساحات. لأن الانقسام اوقع شديد الضرر بالقضية الفلسطينية. حيث ان اختزال الأمور الآن في نقطة خلافية تتمثل في قبول او رفض اسم بعينه، جعل المصالحة تقف على مفترق خطير.

فإذا تحمس فريق لترشيح الدكتور سلام فياض، فلأنه حقق نجاحاً نسبياً، فلا مطلق في السياسة أو في أي مجال آخر، واذا رفض فريق ترشيحه لرئاسة الوزراء، فإن ذلك لا يلغي حجم ما حققه على الأرض، إذْ يجدر بنا ان نعترف بهذه الحقيقة سواء اتفقنا سياسياً مع الرجل ام اختلفنا معه في الرؤى ووجهات النظر وسبل ترسيخ اساسات الدولة. غير ان اختزال الأمور في هذه القضية تأييداً او رفضاً، يقلل من انشدادنا وانتصارنا للبرنامج، الذي هو في تقديري حجر الزاوية لأية حكومة مهما كان مسماها او تصنيفها.

المهم ان لا تبدأ الحكومة الجديدة من الصفر، وان تراكم على ما أُنجز، لأن مشكلتنا في الساحة الفلسطينية، اننا نعود دائماً الى نقطة البداية، فعندما يحل مدير عام في مؤسسة ما محل مدير عام آخر، يكرس جهداً كبيراً في مسح أثر سابقه، على اعتبار ان الجديد هو الكفاءة المطلقة. واذا تسلم وزير وزارة جديدة، يعمل على اقصاء وتهميش معاوني ومستشاري الوزير السابق، ليستبدلهم بجدد، وكأن المشكلة في الاشخاص، وليس في الذي ينبغي تحقيقه.

ان برنامج الحكومة الجديدة المنتظرة، هو برنامج الرئيس، ذلك البرنامج الذي يقوم على اساس رفض الاستيطان وربط العودة الى المفاوضات بوقفه، اضافة الى استقطاب الدول المؤيدة لإعلان دولة فلسطينية مستقلة، وهذه مهمات جدية وتحتاج الى عمل دؤوب.

الدكتور فياض انجز، واعلن اكثر من مرة انه غير مشدود لأي تكليف ما لم يستند الى توافق واجماع. وفيما لو أصرّ كل طرف على موقفه، يجدر بحث خيارات أُخرى، من المفروض ان تتوافر فيها الكفاءة والقدرة على البناء الصحيح والمنهجي على ما تم تحقيقه في السابق، لا نسفه وتدميره.

وفي محطات سابقة وحديثة، لاحظنا كفاءات تميزت بعطائها وخبراتها ولاقت اجماعاً، فحين تسلم الدكتور مصطفى البرغوثي مهمة وزير الاعلام، استطاع في فترة وجيزة ان يؤسس لخطاب سياسي مقنع ومؤثر وفاعل. الأمر ذاته بالنسبة الى نبيل عمرو، و د.ناصر الدين الشاعر قد حقق حضورا عندما تسلم وزارة التربية والتعليم العالي (رغم قصر الفترة). واذا نظرنا لما انجزته وزارة الاسرى في الفترة الأخيرة، لوجدنا ان ما انجز كان لافتاً، الى جانب ما حققته وزارة الحكم المحلي الحالية ووزارات أُخرى، كوزارة المالية التي باتت أمورها مضبوطة تماماً. أي أن لدينا بحق ما يمكن البناء عليه، لاسيما إذا انطلقنا من الايجابي الذي جسده الآخرون، وأضفنا اليه مزيداًَ من الانجازات، لعلنا بعد سنوات من العمل الدؤوب المثمر نحقق قفزات نوعية في هذا الميدان أو ذاك.

لقد شهدنا عطاءً مميزاً لوزارات، مقابل اخفاقات لوزارات أُخرى، بمعنى ان ساحة العمل هي المباراة الحقيقية، فمن ينجح يراه الناس ويقدرون عمله، ومن يخفق ولا يحقق شيئاً، يصبح مكشوفاً أمام الآخرين لا يستطيع تغيير حقيقة اخفاقه، حتى لو استعمل كل الوسائل التمويهية او الخداعية.

اذن ، لماذا التوقف طويلاً طويلاً عند الاسماء رفضاً وقبولاً، فهل الاسم أكبر من البرنامج؟!. ان ايقاف المعادلة على قدميها يتطلب دائماً الانشداد للبرنامج، ما دام يشكل قاسماً مشتركاً، وينطلق من المصلحة الوطنية العليا، فإنه بالتأكيد سيدعم المصالحة ويعززها، ليحظى بالتالي بتأييد الشعب الفلسطيني بأسره.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير